شريفة شرف الدين… [email protected] تلفّت عشرين مرة ثم قدِّر و فكِّر.. أطفئ السراج ثم اهمس باسم الزعيم .. عن الزعيم إيّاك أن تكتب غير المدح .. إياك أن تراودك حتى الأحلام عنه بالقدح .. و مِنْ غير لماذا .. أهتف باسمه صباح مساء .. ارفع الدعوات له بالتوفيق في كل الصلوات .. الهج بمدحه فأنت آكل شارب و حي .. لا تتذمر فاقتصاد دولتنا تحت زعامته سيتعافى و حتما سيصرع جنيهنا الدولار .. لا تتضجر فالخدمات غدا من كبوتها تقوم .. لا تتعب نفسك بالتفكير فالزعيم يفكر عنك ..اجلس أو أرقد فأنت حر .. قلِّب كل القنوات فأنت حر.. أشغل نفسك بالمباريات فأنت حر.. راهن في سباقات الحمير و السيارات فأنت حر .. تعاطف حتى الإغماء لموت الحوت فأنت حر .. لكن إياك حين يؤذن المؤذن بلقاء الزعيم تتخلف .. سيُعدُّ تخلفك خيانة وطنية عظمى. أعلاه كانت أو قريبة منها حال المواطن العربي قبل الثورات حتى جعلته صفعة بوعزيزي التونسي يتنبه .. نبهت الصفعة المواطن العربي أن زعيمه بشري من لحم و دم .. تنبه المواطن إلى أن زعيمه جبان رعديد يهرب .. تنبه أن الزعيم ليس معصوما من الزنزانة و السجن .. تنبه أن النار ليست بردا و سلاما على وجه الزعيم و أن مجاري الصرف الصحي قد تأوي زعيما كان في الخيلاء يبز الطاؤوس .. يزاحم الجرذان .. الجرذان تنجو و الزعيم ببشاعة يُقتل ..كلهم مضوا إلى مصائرهم و رَبُّ يوم القيامة الكبرى لا يمهل و لا يهمل .. لكن من بين الزعماء من قضى و منهم من ينتظر .. و قائمة خيارات النهاية ليست وقفا على هروب .. حرق .. سجن و مجاري .. رحم الغيب ليست عقيمة و العدالة الإلهية أذلية لا تتبدل. تراوحت قضايا تلك الدول التي ثارت شعوبها بين كبت الحريات .. غلاء المعيشة .. هيمنة السلطة .. غياب العدالة .. الثراء الفاحش و استبداد الحاكمين .. لكنا في بلادنا زدنا على مصائبهم أن وطننا يباع بثمن بخس .. زدنا عليهم أن وطننا مستباح .. زدنا عليهم أن القتل مقنن و ممنهج و أن الناس بين مرضِي عنه و مغضوب عليه ليس إلا .. زدنا عليهم أن حكامنا قطعوا كل الأخضر .. زدنا عليهم أنهم داسوا على كرامة الإنسان فيه و استحلوا دمه .. زدنا عليهم أن حكامنا رموا بدولتنا في مستنقع الفتنة القذرة .. زدنا عليهم أن حكامنا جعلوا الدين مطية و اشتروا به ثمنا قليلا.. و رغم ذلك ثاروا و لم نثر .. عزلوا زعمائهم و زعيمنا يكيل فينا الشتائم .. تنفسوا الحرية بينما نحن نتغطى بثوب الذل و نتدثر رداء الجبن نحرق ذواتنا بغضب يطيل سنوات حكم الحكام!! العدالة نسبة و تناسب .. هناك جريمة و ذاك المجرم .. و المجرم ليس نشالا سرق رغيفا و فرّ .. و ليس فردا اتبع أطماعه فاغتنى .. المجرم عندنا عصابة و الجريمة بحجم الوطن .. بحجم إنسانه كمّاً و نوعا .. بحجم أرضه .. بحجم الدماء التي سالت و بقدر المال الذي استبيح .. سؤالنا الإستفتائي الذي يطرح نفسه .. أي عقوبة شعبية تلك التي يستحقها البشير و الذين معه؟