احتفالا بالذكرى الأولى لزواج الامير الحسين والاميرة رجوة.. نشر أول صور رسمية للأميرة تظهر حملها الاول    ريال مدريد يصطدم بأتالانتا في السوبر الأوروبي    ما شروط التقديم؟ السودان بين الاكثر طلبا.. الجنسية المصرية تجذب الأجانب وتسجيل طلبات من 7 دول مختلفة    أمير قطر في الإمارات    والي الخرطوم يدعو الدفاع المدني لمراجعة جميع المباني المتأثرة بالقصف للتأكد من سلامتها    بيلينجهام لمورينيو: ماما معجبة جداً بك منذ سنوات وتريد أن تلتقط بعض الصور معك    شاهد بالفيديو.. ياسر العطا يقطع بعدم العودة للتفاوض إلا بالالتزام بمخرجات منبر جدة ويقول لعقار "تمام سيادة نائب الرئيس جيشك جاهز"    عقار يشدد على ضرورة توفير إحتياطي البترول والكهرباء    ريال مدريد الإسباني بطل أوروبا    (زعيم آسيا يغرد خارج السرب)    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    قنصل السودان بأسوان يقرع جرس بدء امتحانات الشهادة الابتدائية    المريخ يتدرب على اللمسة الواحدة    إعلان قائمة المنتخب لمباراتي موريتانيا وجنوب السودان    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    صلاح ينضم لمنتخب مصر تحت قيادة التوأمين    بعد الإدانة التاريخية لترامب.. نجمة الأفلام الإباحية لم تنبس ببنت شفة    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية كبيرة من الجمهور.. أحد أفراد الدعم السريع يظهر وهو يغني أغنية "هندية" ومتابعون: (أغنية أم قرون مالها عيبها لي)    شاهد.. زوج نجمة السوشيال ميديا أمنية شهلي يتغزل فيها بلقطة من داخل الطائرة: (بريده براها ترتاح روحى كل ما أطراها ست البيت)    بعد الإدانة التاريخية.. هل يستطيع ترامب العفو عن نفسه إذا نجح بالانتخابات؟    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون يقدمون فواصل من الرقص "الفاضح" خلال حفل أحيته مطربة سودانية داخل إحدى الشقق ومتابعون: (خجلنا ليكم والله ليها حق الحرب تجينا وما تنتهي)    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    في بورتسودان هذه الأيام أطلت ظاهرة استئجار الشقق بواسطة الشركات!    دفعة مالية سعودية ضخمة لشركة ذكاء اصطناعي صينية.. ومصدر يكشف السبب    مسؤول سوداني يكشف معلومات بشأن القاعدة الروسية في البحر الأحمر    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    فيصل محمد صالح يكتب: مؤتمر «تقدم»… آمال وتحديات    ميتروفيتش والحظ يهزمان رونالدو مجددا    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    مذكرة تفاهم بين النيل الازرق والشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول مؤتمر الحركة الشعبية ..النقاش مستمر والنضال كذلك!!
نشر في حريات يوم 04 - 02 - 2013

ورد في الاوساط الاعلامية تصريح منسوب للدكتورة آن إيتو نائبة الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان تطرقت فيه الي عدد من القضايا و المستجدات التي تهم تنظيم الحركة الشعبية لتحرير السودان كحزب ، ومن جملة ما اشارت اليه في خضم حديثها هو الترتيبات الجارية لانعقاد مؤتمر عاما استثنائيا يناقش الوثائق الرئيسية للحزب و التي هي المانفستو السياسي و اللائحة التنظيمية بالاضافية الي مناقشة المشاكل الداخلية التي اعترت التنظيم منذ استقلال جنوب السودان في يوليو 2011.
لم تتفاجأ الاوساط الاعلامية و السياسية بتلك الخطوة التي اري بانها تعتبر اجراء اقرب الي الروتيني منه الي التنظيمي الخالص نظرا الي ان هذا المؤؤتمر –الاستثنائي- يجئ فقط لتوفيق اوضاع جميع الاحزاب السياسية بجنوب السودان بما فيه الحركة الشعبية الحزب الحاكم نفسها بناء علي منصوص قانون التنظيمات السياسية الذي اجازه البرلمان القومي مؤخرا ، وهو قانون موضوع لتنظيم بيئة العمل السياسي بجنوب السودان وتحديد الاطر العامة لعملية الانتقال الديمقراطي .
الجديد في الأمر هو ان العديد من الكوادر التنظيمية –لحزبنا- بدأت في ابتدار النقاش حول قضية المؤتمر والتي نراها قضية مركزية في مرحلة مفصلية وهامة في تاريخنا السياسي المعاصر ، لكون ان الحركة الشعبية وعبر تاريخها الطويل قد مرت بتعقيدات كثيرة كحركة تحررية انتهجت مبدأ الكفاح المسلح في تحقيق الاهداف و التطلعات لشعوب المناطق المهمشة في السودان ، وربما ينظر اليها بعض المحللين كتراكم لتجربة نضالات الهامش عموما مثلما يري اخرون ومن وجهة نظر مختلفة ان الحركة الشعبية جاءت تتويجا لنضالات الحركة السياسية الجنوبية ويستدلون علي رؤيتهم تلك بأن قضية جنوب السودان ظلت هي القضية المركزية طوال تجربة العمل السياسي و العسكري المتطاولة تلك .وقد دارت في الامر نقاشات حيوية واساسية احتوتها كتب كثيرة ومطبوعات متعددة افاضت لكنها لم تضع تحليلات كافية للمسار المستقبلي فاصبحت اقرب الي الروايات التسجيلية القيمة ودوننا سفر استاذنا الجليل اروب دوت المعنون باسم(جنوب السودان-الطريق الشاق نحو السلام).
بالنسبة لتجربة الحزب/الحركة فان النظر اليها بصورتها العميقة يجب ان تبتدئ من مرحلة مابعد توقيع اتفاق السلام الشامل وهي المرحلة التي انتظمت فيها مؤسسات التنظيم وتأسست هياكله السياسية المدنية حيث اعلنت قيادة الحزب في اكثر من مرة بانها تنتوي الانتقال من حركة ثورية مسلحة الي حزب سياسي مدني يتبع ويخضع لمحددات العملية الساسية السلمية ، وقد كان ان بدأت تتكون الهياكل و الاجسام والنقابات و التكلات باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان في الشمال و الجنوب آنذاك .الي جانب النصيب الوافر الذي دخل به الحزب الي الجهاز التنفيذي بموجب حصة الحركة في تقسيم السلطة .وبرغم تلك المزايا ظهرت مشكلات عديدة وعويصة في قطاع الشمال وقطاع الجنوب لم تكن لتجد حلولا ناجعة ووقتية ليس لأنشغال كوادر الصف الاول بالعمل التنفيذي فقط ولكن للمشكلات المرتبطة بتفعيل لوائح التنظيم وتمليك المشروع السياسي للحزب للجماهير التي التفت وراء – حزبنا – في تلك المرحلة التي اعقبت فترة الحرب التي استخدم فيها المؤتمر الوطني آلته الاعلامية في حدها الاقصي لتشويه اسم وصورة الحركة لدي المواطن السوداني البسيط في الشمال والجنوب خلال الفترة الانتقالية ، وقد قابلنا ذلك بضعف وغياب اعلامي كبير نسبة لأن –قيادة الصف الاول في التنظيم- كانت تري اهمية التمسك باتفاقية السلام الشامل دون المشروع السياسي (مشروع السودان الجديد) الي الدرجة التي اصبحت فيه الصورة المتجمعة عن هذا المشروع في ذهن المواطن مرسومة بريشة الطيب مصطفي واسحق احمد فضل الله – اي بواسطة اقلام جهاز الامن الماجورة في زمن كانت الشراكة فيه قائمة مع حزب المؤتمر الوطني .
كانت التكلفة باهظة في مواجهة المشروع العنصري المتدثر بالاسلام و العروبة بالنسبة للبديل المطروح من قبل الحركة الشعبية بكل وضوح نسبة لحالة الضبابية التنظيمية التي اعترت المشهد الاعلامي تحديدا في وقت استفردت فيه آلة اعلام السلطة بكل شئ علي اسوأ التقديرات.
كان صمود جماهيرنا كبيرا في اغلب الاوقات لانهم كانوا ينظرون الي الحركة الشعبية كمحط الآمالهم مثلما انها كانت الفرصة الاولي في التاريخ التي وجدوا فيها اعتبارهم كشعوب مهمشة تمثلهم كقوي تغيير جديدة صاعدة باطروحات وتصورات تحقق ليهم قيم الكرامة والوجود .
إنتهت الأمور فيما إنتهت إلى إختيار شعب جنوب السودان لدولته المستقلة عبر إستفتاء جماهيري حظي بإعتراف المنظومة الدولية. وفي معركة الإستفتاء والإستقلال إستطاعت الحركة الشعبية لتحرير
السودان أن تختار البقاء إلى جانب شعبها في قراره المصيري لغياب الشروط الموضوعية لبناء سودان جديد علماني ديمقراطي موحد، وفقاً لما يسعي إليه مشروع حزبنا السياسي ورؤاه في التعامل مع القضية او الأزمة السودانية وشروط تفكيك قواعد السلطة لصالح قوي الهامش في تلك الفترة. تحققت إرادة المواطن الجنوبي في قيام دولته تتويجاً لنضالاته التاريخية التي أُنجزِت عبر صندوق التصويت في يوليو 2011، وهنا كانت الغلبة لكلمة الشعب الذي إختار التكميل لجهد الحركة الشعبية في القتال والتفاوض والتمسك بمدأ تقرير المصير.
بعد إنجاز معركة الإستفتاء توصل الحزب إلى قرار فك الإرتباط المؤسساتي بينه وقطاع الشمال، ليصير كل حزب مشغول بتكملة مشروعه السياسي والكفاح من اجل تحقيق اهداف وتطلعات شعبه. وقد توقعنا أن تكون الخطوة التالية هي إعادة فتح النقاش حول الحزب في صيغته الجديدة، التي تتعلق بواقع الدولة الجديدة ومتطلبات المرحلة المتعلة بإعادة تكييف المشروع السياسي –مشروع السودان الجديد- ومانفستو الحزب مع المعطيات الحالية لدولة جنوب السودان. وهو ماكان يتطلب تأسيس نظري وإستقراء حقيقي للمتغيرات السياسية والإقتصادية والسياسية، مع الأخذ في الإعتبار ماسينجزه الحزب على جميع تلكم المستويات. فالشعب الذي إختار التصويت لصالح دولته المستقلة سبق وأن أنتخب –حزبنا- بأغلبية ساحقة على مستوي رئاسة الدولة وحكام الولايات والبرلمان القومي والمجالس التشريعية الولائية. جميع تلكم الأصوات التي إحتشدت بها الصناديق في الإنتخابات والإستفتاء كانت ترمي ولاتزال إلى تحقيق تطلعاتها في الشعارات التي رفعتها الحركة الشعبية (المساواة، العدالة والرفاهية).
تأخر الحوار كثيراً فيما إنشغلت قيادتنا بالعمل التنفيذي والسعي لتكملة الحوار حول القضايا العالقة مع السودان طوال الفترة الماضية من عمر دولتنا الوليدة. وقد كان لذلك تاثيرات كبيرة على مستوي أداء الحزب في الحكومة، من حيث غياب الخطط والبرامج و التصورات الإستراتيجية التي تحكم برنامج عمل الحكومة عبر ممثلي الحزب بالجهاز التنفيذي. إذ أن إنجاز الوثائق التنظيمية ومراجعتها في وقت مبكر كان سيزيل اللبس الذي إعتري الأداء العام لمؤسسات الدولة في المرحلة التي أعقبت الإستقلال مباشرة، مما سيجعل مواقف الحزب واضحة في شتي المناحي، كما سيمثل مرجعية فكرية أساسية يمكن الإستناد إليها في تحديد مسار العضوية التنظيمية الملتزمة، ومنها يتم النظر الي دولتنا من خلال الموجهات العامة والمانفستو السياسي للحزب الحاكم في جنوب السودان.
عموماً يقول المثل السائر أن تأتي متأخراً خيراً من ألّا تأتي، فنحن نري من وجهة نظرنا أن قيام المؤتمر الإستثنائي للحزب في هذا التوقيت، سيعيد بصورة واضحة وصريحة النقاش حول الرؤي الإستراتيجية للحزب، في وقت تباعدت فيه المسافة بينه وقواعده نظراً لغياب الأنشطة والتواصل مع القواعد، وكثير من إخفاقات الجهاز التنفيذي والقصور الذي اعتري اداء الحكومة وعجزها عن تقديم خدمات علي مستوي مايتوقعه المواطن في ظل دولته الوليدة. وأسئلة كثيرة متشعبة وملحة.
في تقييم تجربة العمل السياسي للحركة الشعبية لتحرير السودان ينبغي أن نشير بكل وضوح إلى أن الحزب وعلي مستوي البناء الفكري والتنظيمي لم يبذل جهداً يُذكر في مسألة فتح حوارات منتجة، وتقديم رؤي وبرامج محورية حول عدد من القضايا المركزية التي تهم الوطن والمواطن. سيما وأنه كان يحظي بقاعدة جماهيرية ضخمة، تفتّح وعيها على منجزات الحركة الشعبية خلال مر تاريخها السياسي الطويل، وماتحقق من مكاسب كبيرة على يديها. إذ أن إعادة النظر في مسيرة الحزب بالشكل الموضوعي كانت ستجنبنا كثير من المتاهات التي حشرنا أنفسنا فيها بوعي وإدراك. فتغييب جانب الحوار داخل الحزب وفي أعلى مستوياته افضي بطبيعة الحال إلى حالة الكساح المنظورة للعيان. فقد صمت حزبنا إزاء كثير من التطورات التي حدثت على مستوي البلاد منذ إستقلالها، وهي قضايا لم تكن لتحتمل المهادنة او الصمت. فالحركة الشعبية قامت للدفاع عن قضايا الحريات وصيانة حقوق الإنسان وتحقيق العدالة، كما أنها وعدت بتحقيق تطلعات الشعب/الجماهير في العيش الكريم والرفاهية والمساواة.
وقعت العديد من تجاوزات حقوق الإنسان في المركز والولايات، ولم يصدر موقف محدد للحزب في أحداث العنف التي إستشرت، والتعدي علي عمل الصحافة والإعلام وحرية التعبير في البلاد، وآخرها حادثة مقتل الصحفي ايزايا ابراهام، والتهديدات بالقتل لعدد من كتاب الرأي والصحفيين، وناشطين بالمجتمع المدني. وقد كان صمتنا إزاء جميع تلك الأحداث وعدم الخروج بموقف يزيل حرج الحكومة عن التنظيم الحاكم يشير إلى وجود حلقة مفرغة، في غياب (الخط) التنظيمي الذي ينبغي أن تسير عليه الحكومة عبر الجهاز التنفيذي في خصوص المسائل المرتبطة بحياة وكرامة جماهير شعبنا علي إمتداد القطر. مما اضعف كثيراً من صدقية وفاعلية الخطاب الإيجابي في الوسط الجماهيري. فالنقد الذاتي المباشر هو ما كان سيقينا الحرج علي كل الأحوال بدلاً من الحديث النظري عن الفساد دون تفعيل الميكانزمات الرادعة. لم نكن في حاجة إلى إتخاذ النهج التكيكي كطريقة للتعامل مع قضايا الفساد والإعتداء على المال العام، طالما كان المشبوهين في قضايا إهدار المال العام ينحدرون من الحزب نفسه. الحل الأنجع يكمن في التعامل معهم داخل مؤسسة الحزب نفسها، ومن ثم كشفهم للرأي العام، ليعلم الناس أن الموجهات والمبادئ التنظيمية لايُعلي عليها مهما كانت النتائج. والوقوف إلى جانب قضايا الشعب/الجماهير هو الأفضل للحزب، اذا ما سارع لإبعاد هؤلاء عن قوائمه، لتبقي سيرته نظيفة ومقبولة، فالسلطة امانة وضعها شعبنا في أعناقنا عندما إقتنع بالرؤي والبرامج التي طرحها الحزب عبر مشروعه السياسي وخطابه المتداول. والحزب الملتزم تجاه رؤاه هو الذي سيكسب ثقة الجماهير حتما.
المرحلة القادمة مفصلية وهامة في تاريخ بلادنا، وتتطلب إحداث الكثير من الإصلاحات الهيكلية في الإطار العام للحركة الشعبية بإعتباره الحزب الذي تقع على عاتقه عملية بناء الدولة، ووضع الركائز الأساسية للعملية الديمقراطية والسلمية في بلادنا حديثة الاستقلال. عليه فإن إعادة تقييم الأوضاع بشفافية، ووضع برامج مستقبلية بناءة ومقبولة على مستوي الجماهير هي المخرج الرئيسي لهذا الوضع الضبابي الذي نحن فيه جراء إهمال قضايا رئيسية تهم المواطن والوطن.
اتخذ حزبنا لنفسه مسمي (الحركة) وهو ما يؤخذ من دلالته السمة الديناميكية و الحراك المنتظم علي مستوي البناء و الافكار و الرؤية الايديولجية التي تمثل المرشد و الدليل امامنا ، عليه
واستيفاءلذلك نري ان الحزب وطوال الفترة الماضية التي اعقبت اتفاق السلام الشامل وهي مرحلة ننظر اليها بشكل مغاير لكونها شهدتتدشين انتقالنا نحو ممارسة الفعل السياسي اليومي وبادواته المتعارف عليها مدنيا ،خلال تلك المرحلة احتشد الحزب بجملة من الكوادر القيادية الشابة التي استطاعت ان تثبت قدرا عاليا من الالتزام و الانضباط التنظيمي من خلال تشرب افكار الحزب والدفاع عنها في المنابر الطلاب داخل سوح الجامعات السودانية واركانها وقد لاقوا اسوأ صنوف التشريد و الاستهداف و التنكيل و الموت في السجون و المعتقلات في مراحل كانت فيه الحركة نفسها تخوض كفاحها المسلح ضد الانظمة المتعاقبة علي السلطة في السودان .وقد قدم طلابنا قائمة طويلة من الشهداء في سبيل مشروع حزبنا السياسي منذ وقت مبكر . وقد تراكمت قدرات هذا الجيل الشاب و الطموح في العمل السياسي المتفاني بفضل ماقدموا من تضحيات جليلة اعترف بها الحزب علي المستوي القيادي فاوكل اليهم بثقة منقطعة النظير امر بناء مؤسسات الحزب علي مستوي شمال السودان غداة توقيع اتفاقية السلام الشامل برغم ماصاحب العملية من صراع وتجاذب نراه موجودا بشكل متكرر في دهاليز العمل داخل الاحزاب و المؤسسات السياسية .
الأدهي في الامر هو ان الطموح السياسي الذي دخل به الجيل الثاني من حزبنا علي العمل العام بدأ يخبو تدريجيا نظرا الي ان الكثير من الكودار الشابة كانت تتوقع ان يتم ترفيعها داخل مؤسسات الحزب بشكل واضح وجاد .وهنا لا ننكر ان هناك قدر من التمثيل حظيت به بعض الكوادر علي مستوي السكرتارية القومية للحزب وقطاع الشمال ولكنه لم يكن بالقدر الكافي بدليل حالة التزمت التي تسود الاوساط الشبابية بين الفرتة والاخري .
نرجوا ان تلتفت قيادة حزبنا وهي تعتزم اقامة هذا المؤتمر الاستثنائي الي ان القطاعات الفئوية في التنظيم تعاني هي الاخري من حالة ركود دائم لكونها جاءت عن طريق التعيين وهو ماعطل امكانية انتظام حركة فئوية منتخبة في القطاعات الحيوية كالمرأة و الطلاب مع ملاحظة غياب القطاعات الحرفية التي تعني بالفئات الفنية من المهمشين و فقراء البلاد ، مثلما ان عامل غياب حركة نقابية مستقلة ومنتظمة اعاق كثيرا سبل استنهاض القطاع الفئوي و النقابي ببلادنا بجانب العديد من العوامل التي تقف حجر عثرة امام الحركة النقابية لجنوب السودان ، غير ان انصراف حزبنا الي بناء وتطوير موقفه النظري ومساهمته فيما يتعلق بقضية المرأة في سياق التطور السياسي و الاجتماعي لجنوب السودان والتعريف بالاسباب الي قادت الي تخلفها و ماهية الادوار التي يمكن ان يلعبها الحزب في كيفية تنمية قدراتها مع سرد ماقدمته المرأة في حركة كفاح شعبنا الطويل نحو الحرية.حتي تكون نسبة ال25% التي ظللنا نتحدث عن اننا من ادخلها كممارسة في التاريخ السياسي الحديث مفهومة علي ضوء ذلك التاسيس النظري ، وكذا الحال بالنسبة للطلاب وبقية القطاعات و المنظومات الاخري .ولكي يتم تقديم هكذا رؤي وافكار تنظيمية هو مايستوجب اقامة ورش عمل تنظيمية مغلقة تدعي لها الكوادر الفكرية ذات الدربة والقدرات المنهجية العلمية -وما اكثرها داخل حزبنا لكنها مهملة.. فقد سبق وان فكر اساتذة الجامعات من كوادر حزبنا تكوين تجمع فئوي ينظر في جميع تلك المسائل المستشكلة لكن احد لم يعرهم ادني انتباه وفي نهاية الامر وصل بهم المطاف الي تقلد مناصب وزارية علي المستوي الاتحادي كما لاذ البعض الآخر بما تكرمت به عليهم مجتمعاتهم بتمثيل في المجالس التشريعية الولائية ، وقد كان ذلك ارحم لهم من اللهاث اليومي دون تقدير مايمكن ان يقدموه لتنظيمهم تطوعا .
اذن هنالك العديد من القضايا الضرورية والملحة التي يجب علي حزبنا الالتفات اليها في هذه الحقبة العصيبة من تاريخ بلادنا . فنحن نستشرف فضاء جديد في العمل السياسي بعد انقضاء الشواغل الرئيسية الكبري فقد كان جهدنا وجهد شعبنا الزهيد منصبا في كيفية الفكاك من إسار دولة الجلابة وقبضتها الاسلاموعروبية .والآن ونحن نعيش في مظلة دولتنا ذات السيادة علي شعبها وارضها يجب ان ننتبه جيدا الي ان تجربتنا اصبح تناولها يتم من خلال أداء اعضاء وممثلي حزبنا داخل الجهاز التنفيذي ووزارات الدولة علي ضوء الشعارات والوعود التي رفعناها طيلة الفترة السابقة من تاريخ وتجربة عملنا السياسي .حيث اصبحت صورة الحزب بالنسبة للمواطن البسيط والكادر الحزبي مقترنة بثمرات مشروع السودان الجديد التي ينبغي ان تتدفق خبزا ومشفي وتمني !!. وهنا تكمن قضيتنا في كيفية المواءمة بين جميع تلكم الضرورات بعد ان فشلنا في تحقيق تطلعات جماهير شعبنا في المرحلة القليلة التي اعقبت استقلال البلاد باعتراف قيادات رفيعة في الحزب/الدولة .الشئ الذي دعي الامين العام الي الحديث عن الاصلاح او سيجتاحنا تسونامي التغيير عاجلا ام آجلا .فالحزب بحاجة الي اصلاح هيكلي ومؤسيي يعيد اليه بعض من بريقه الذي بدأ يأفل بفعل التباعد في المواقف القيادية والمؤسسات عن القواعد وبرامج الاصلاح الضروري.
قد يقول البعض بأن مؤتمر الخامس والعشرون من فبراير سيكون فقط مؤتمرا اجرائيا الغاية منه اجازة الوثائق ومناقشة اللوائح التنظيمية للحزب دونما التعاطي مع جملة القضايا المعلقة و الخاصة باكمال انتقال الحزب وهيكلة مؤسساته بصورة فعالة ومقنعة اذ ان الطموحات والتوقعات كبيرة بالنسبة للجنوبيين الذين صوتوا لصالح دولة الرفاهية والمساواة ، عليه نأمل مثل كثرين غيرنا داخل الحزب لأن يكون انعقاد المؤتمر الاستثنائي فرصة حقيقية لاعادة النظر في جميع القضايا و المشاكل التي تعيق عمل الحزب علي مستوي العاصمة والولايات بعد ان توقف النشاط السياسي و العمل التنظيمي المؤسسي نسبة لارتباط غالبية رؤساء الحزب بالولايات بمناصب سياسية جعلتهم مقيمين بصفة دائمة بالعصمة جوبا وهو ما ظهر جليا في موت الحزب بالولايات الامر الذي ادي الي تفاقم كثير من المشاكل و النزاعات دون ان يدلي فيها حزبنا برايه فيها وقد اثيرت هذه المشاكل لاكثر من مرة وفي العديد من المنابر وكتبت كثير من المقالات في الصحف مما يدل علي انعدام الاوعية التي من شظانها استيعاب تلك النقاشات التنظيمية مما راكم جملة من المشاكل التي لم يعرها الحزب اهتماما كبيرا ومن بينها علي سبيل المثال لا الحصر الازمة التي نشبت خلال انتخابات العام 2010 وما افضت اليه من وقوف العديد من كوادر حزبنا كمستقلين عاد البعض منهم بينما اختار اخرون استمرار المواجهة المسلحة منهم الراحل جورج اطور ، وهي اشكالات كانت تتطلب قدرا من الحوار المرن في تلك الفترة .ولكن عدم التطرق اليها في وقتها قاد الي ازمة حقيقية داخل الحزب لها ما لها من تداعيات .
واحدة من النقاط المهمة التي تجعل جميع الانظار متجهة نحو ماسيفضي اليه مؤتمر الحركة الشعبية في فبراير هو ان حزبنا بجانب كونه الممسك بزمام السلطة و ادارة شئون البلاد ، الا أن جميع مايدور داخله ينعكس بشكل او آخر علي اجهزة الدولة مثلما ان استقرار ومستقبل جنوب السودان في هذه المرحة مربوط بشكل رئيسي باستقرار الاوضاع داخل التنظيم نفسه ، وهي حكمة التاريخ التي اقتضت ذلك فاي حديث عن مستقبل جنوب السودان بدون الحركة الشعبية يبدو كما لو انه ضرب من الخيال .هذا ما يضاعف امامنا المسئولية لتلبية طموحات شعبنا و الاستماع لتعدد الاصوات داخل الحزب فمن الطبيعي ان تتعدد التيارات داخل الحزب السياسي وهي ظاهرة نراها حميدة تقود الي تحريك الجمود و طرح رؤي وافكار من شأنها ان تقود الي التطوير الذاتي للمنظومة السياسية المعنية .وان كانت تلك الاصوات ناقدة لشكل من اشكال اداء الحزب في المسألة المعنية فليس بالضرورة ان يكون الشخص موجودا في خانة المعارضة حتي تستطيع طرح رؤي اصلاحية في الحزب .
نتوقع ان يسلط المؤتمر المزمع انعقاده جميع تلكم القضايا التي حاولنا ان نسل عليها الضوء من واقع التزامنا التنظيمي و الذي يملي علينا وغيرنا من الرفاق الادلاء بارائهم واستصحاب تصوراتهم حول سبل معالجة القضايا التنظيمية و ارتباط الكثير منها باعادة التوازن للشان العام ، فنحن سنظل نطرح مانراه من اسهام ايجابي في قضايا الحزب الذي نري ان واحدة من مميزات نجاحه علي مستوي العمل و الخطاب هي استمرار ميزة الحوار بين مكوناته .ولطالما ان هذا يعد المؤتمر الاول بعد الاستقلال فننا نأمل من القيادة ان تعيد طرح المسائل التنظيمية الفكرية لنقاش مستمر وتاسيس منابر فكرية دائمة الهدف منها وضع الملامح الفلسفية و المنهجية للمشروع السياسي للحزب ومن ثم التفرغ الي اعداد السياسات العامة ورسم الخطط المستقبلية لكيفية ادارة جميع تلكم القضايا في جمهورية جنوب السودان التي جاءت ثمرة لجهدنا الكفاحي المشترك وقد قدمنا في سبيل ذلك قائمة طويلة من الشهداء يتقدمهم المفكر العظيم الدكتور جون قرنق دي مبيور .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.