زووم أبو عاقلة اماسا الفكر الإستراتيجي لقيادة المريخ في خطر..!
لا أحب التباكي على الماضي وسرد حكاياته وحشد اللعنات على الحاضر وظروفه، ولكن، ثمة مقارنات مفيدة يجب أن تقوم بين الوضع الراهن وما كنا نعتبره في الماضي من ثوابت وأخلاقيات ومباديء العمل الإداري ومناهجه، وكيف كان الكبار في ذلك الوقت يعملون بنكران ذات من أجل الترسيخ لمفاهيم رياضية تصطحب معها المصلحة العامة، مع نظرة مستقبلية عميقة لا تتجاهل الوسائل النظيفة والعميقة، وقد تذكرت عدة مواقف وأنا أراقب مجهودات الأخ أنس الطاهر سالم للزج بالمريخ وحشد إمكانياته الإدارية والجماهيرية لمساندة مريخ كوستي، وإلى أي مدى نجح في مهمته، وأنا أفكر في هذا الأمر لم يساورني الشك في أن قادة المريخ لا يتميزون بالفكر الإستراتيجي الكافي لاتخاذ موقف يخدم مصلحة النادي حيال هذه القضة تحديداً، مع أنه لا شيء يجعل المريخ ككيان يحشر نفسه في معركة بين ناديين تربطه معهما مصالح متفاوتة وفي الدوري التأهيلي.. وأعني هنا مباراة أم بدة ومريخ كوستي مساء اليوم بإستاد الخرطوم. لسنا بحاجة لتأكيدات على إحترام أي مريخ في السودان، ناهيك عن مريخ كوستي الذي دفع للمريخ الأب بعمالقة أمثال منيب عبده ربه والطاهر سالم، وهم بدون شك رموز في هذا الكيان للأدوار العظيمة التي لعبوها في تأريخه الطويل، ولكن.. بنفس الحسابات يعتبر نادي أم بده حليف أساسي للمريخ الآن، حيث أنه يعتبر من مناجم المواهب في كرة القدم، وتشكيلة الفريق الحالية تضم مجموعة من اللاعبين الذين يستحقون الإنتقال إلى القمة في فترات مختلفة في السنوات القادمة حسب مستويات النضوج، فضلاً عن النجوم الذي التحقوا بالفريق من هذا النادي لعل أبرزهم سفاري.. والأهم من هذا وذاك يرأس النادي الآن أحد أقطاب المريخ الشباب الذين عرفناهم داعمين ومحبين له بدون مسميات، والأخ بهاء الدين أحمد أبوشعيرة لم يتأخر عن نداء المريخ ابتداء من النفرات الأولى وليس انتهاءً بالمقصورة الماسية التي كان أول المبادرين بشراء مقعدين، الأول بإسمه والثاني بإسم الراحل العزيز سيف الكردفاني. مع كل هذا العشق المتوهج من طرفي مباراة اليوم، ما الذي يجعل المريخ الكبير ينحاز لطرف دون الأطراف؟… إسم المريخ وحده لا يكفي لأن النادي كان قد سقط في خطأ لا يغتفر في شهر رمضان الأخير عندما دعم وأعد هلال الأبيض والذي كان يواجه مريخ الدلنج، رغم أن الأخير له مواقفه المشرفة مع كل بعثات النادي التي كانت تمر بمدينة الدلنج وهي في طريقها إلى كادقلي، الفريق أو الجمهور الذي كان قد سير قافلة للمساندة في مباراة الموسم الماضي وتم استقباله على مشارف محلية القوز ونحرت له الذبائح وعادوا من هناك وقد ألفوا المعلقات مدحاً في مريخية أهل الدلنج وحبهم للشعار، وعندما جاءوا إلى الخرطوم فوجئوا بأن خصمهم هلال الأبيض قد نال حظاً من الإهتمام أكبر منهم. حواشي * لكيان المريخ علاقات أزلية وممتدة مع قواعده وأقطابه في الولايات ويجب أن تدار هذه العلاقات بنوع من الحكمة دون أن تخصم منها المواقف أو تؤثر فيها، خاصة في مباراة اليوم حيث يلتقي فريقان يعتبران من الحلفاء الإستراتيجيين للنادي، وليس عيباً لو أن المريخ أصبح بعيداً عن الإنحياز لأي طرف بناءً على الإرث القديم.. وفي أدبيات المريخ في هذه الناحية حكى لي العم عباس الحافظ رئيس نادي العباسية وأحد أعظم الإداريين في تأريخ أندية أم درمان ذات مرة أنهم كانوا يجتمعون يومياً للجلوس والتسامر على البرش في فناء نادي المريخ، وهم عدد كبير من الإداريين والشخصيات التي تتوافد يومياً من أحياء مختلفة، ولكن الحاج عبد الرحمن شاخور تحدث معهم في يوم من تلك الأيام وطلب منهم أن يتفرقوا للعمل في الأندية الصغرى بدلاً عن التجمع حول المريخ بلا أدوار وسيأتي يوم من الأيام يستفد منهم النادي في مواقعهم بأندية أحيائهم. * بالفعل.. تفرق ذلك الجيل من الإداريين على الأندية ومضت الأيام، وعندما احتاج النادي لسكرتير في إحدى الدورات لم يجد غير كمال حمدتو ليرشحه وهو سكرتير نادي بيت المال، وبعد مواسم عديدة كان نجم التسجيلات لاعب العباسية المميز أحمد أبكر، فذهب وفد من نادي المريخ ووجد عباس الحافظ سكرتيراً للنادي والعم شاخور كان يرأس وفد المريخ.. فتذكرا أساس الفكرة فتمت الصفقة بدون تعقيدات.. ومن سعادة شاخور بنجاح نظريته تبرع للعباسية بما يساوي قيمة الصفقة إجمالاً تبرعاً منه للعباسية. * رحم الله الحاج عبد الرحمن شاخور.. ومتع عمنا عباس الحافظ بالصحة والعافية.. فهم عباقرة في زمن لم تكن كرة القدم تدار فيه بالمال فقط.. وفي زمن لم تكن فيه (الإستراتيجية) قد تحولت إلى علم يدرس بالجامعات كانوا يتميزون بفكر إستراتيجي عميق. * أخشى أن يندفع أنس الطاهر في استغلال المريخ وتجيير بعض قدراته لمصلحة مريخ كوستي ضد أم بده ويخسر النادي حليفاً إستراتيجياً له.. في الوقت الذي يغط فيه المجلس في نوم سبات عميق. * سيقفز البعض فوق أسوار المعقول لينقلوا الحديث إلى اللاموضوعية.. وقد أصبح ذلك شائعاً في ظل مجالس جاءت من خارج كوكب الوسط الرياضي.. ومن خارج مدارات الرياضة ولا تستوعب ما يحدث فيها إلا بطيئاً.