ضد التيار هيثم كابو عركى.. أفعلها برب السماء ..!! * يطرب الأبدان..يدغدغ الوجدان..يستنفر ذائقتك الفنية .. يستقطب قابليتك الموسيقية ويستفز رهافة حسك الغنائية .! * عركى يجسد الأداء الغنائى بكل تفاصيله الإبداعية ، والحالة الغنائية برسالتها الواعية وملامحها الجمالية ، كيف لا وصوته المترع بالمسؤولية يعكس فرح الأعوام الخضراء وحزن يباس السنين..حنجرته مسكونة بلوعة الشوق وحكاوى العشاق ونبض الشارع وهموم الناس وقصص الشجن وتداعيات البهجة ودفق الحنين وميلاد الأهازيج..حنجرة تحمل على ضفافها (جمال غنوتنا ،وريحة ترابنا، وزغرودة عديلنا ،وجرتق حرفنا ،وسنابل جرفنا ..والليلة يوم ميلاد فرحنا)..!! * أنه (الناطق الرسمي) بآمال والآم عشاق الطرب الرصين.. بايعوه في صمت وحبور تحت شجرة (المبادئ والإلتزام والصدق) وهو يغنى لهاشم صديق ، حسن السر ، محجوب شريف، عوض أحمد خليفة ،كامل عبد الماجد وإسحق الحلنقى حتى باتت اغنياته منارة الضائعين وأنشودة الحالمين وهتاف المرهفين ووسادة الغلابة الكادحين..!! * كتبت قبل فترة عن عركى وهو خارج البلاد وقلت أننى أفعل ذلك -بغير مناسبة- متجاوزا كثير من الأحداث التي تستحق التعليق الآنى لقناعتى بأن الكتابة عن عركى مناسبة تسبق غيرها وتضع راهن الأحداث والمستجدات من أنباء وأخبار على أرفف الإنتظار . * لا يختلف إثنان على حقيقة أن عركى يمثل قمة الإجادة والتطريب والتفاعل والطلاوة..تميز عن الكثيرين وأختار التمرد دربا عندما مشى معظم المطربين على طريق من سبقهم من الفنانين..تمرد على التقليدية، وخلع عباءة المكرورية، وأستدعى الدهشة، ورفع لواء البهاء وراية الاستثناء بعد أن ضرب موعداً لنفسه مع (الا وأخواتها) ليلتف الجميع حوله لحظة الغناء ويدورون في فلكه عندما ينشدون الإختلاف ويبحثون عنه كلما سعوا لجديد يفتح مغاليق لم يطرق أهل الغناء أبوابها ..!! * علاقة حميمة وصداقة وثيقة تربطنى بعركى منذ فترة طويلة وتوطدت أكثر في السنوات الأخيرة..جادلته كثيراً في موقفه من وسائل الإعلام ورفضه الحديث لها بحجة أنه لا يريد تجميل قبح نظام لا يتفق معه طرحا ونهجا وأسلوبا، وكتبت كثيراً منتقدا موقفه منذ سنوات طوال لقناعتى الراسخة أن (فنانا واعيا) مثله ينبغي الا يتخندق خلف جدران الصمت ويصوم عن الكلام ويجب عليه بمثلما درج على إختيار (نصوص مباشرة فى نقدها للحكومة) وتغنى بها على خشبات مسارح الخرطوم بوصفها منابر تضعه أمام الجمهور مباشرة ، فذات الفهم يحتم عليه إستغلال كل فرصة تلوح له في منبر إعلامى ليقول كلمته ويعكس أفكاره ويقدم اطروحاته ويوجه سياط لومه ويبدى تحفظاته، فمهما كان نقده حاداً وقاسيا فأنه باى حال لن يكون أكثر حدة وتطرفا وغلوا مما يقوله السياسيون المعارضون للحكومة، كما أن (دوافع الكلام) فى زمن القبح أهم بكثير من (فضيلة الصمت) فى عصر الجمال..!! * قلت مراراً أنى لست مقتنعاً بموقف عركى وأنتظر بشدة اليوم الذى يوفق فيه أحد الإعلاميين في إستنطاقه عبر حوار مطول يقول فيه اراؤه بوضوح شديد، كما أن تبعات صيامه المتمثلة في الإمتناع عن دخول الاستديوهات وتسجيل أعمال خالدة تمثل لوحات فنية باذخة الجمال دفع الغناء ثمنها باهظا في زمن راجت فيه أغنيات ساقطة ومفردات منزوعة الإحترام فانكمشت مساحات الفن الرصين وتعملق الأقزام..! * الزمن يمضى بسرعة الإفلات..السنوات تركض واحدة تلو الأخرى دون أن تقف برهة لإلتقاط الأنفاس..تتساقط الأسماء الكبيرة ..تغيب البدور ..يرفع الرموز اياديهم ملوحين بالوداع ومغادرين للحياة الدنيا في مواكب حزينة لتبقى أعمالهم حية تمشى بين الناس، وعركى متعه الله بالصحة والعافية وطول العمر يضن على الأجيال القادمة بتوثيق اغنياته وتسجيلها رسمياً مع أن وجودها عبر (وسائط تواصل أخرى) لا يمنحها حق الخلود والرسوخ بذات الصورة التى يمكن أن تحفظ بها ويتداولها الناس إذا تم تسحيلها عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية..! * عندما أفلح تلفزيون السودان قبل ثلاثة أعوام في إقناع عركى بتسجيل حفل جماهيرى على خشبة المسرح القومى وبثه ضمن برمجة عيد الأضحى المبارك كانت تلك الإطلالة تمثل فتحا كبيرا وإختراقا عظيما وحلما راود كثير من وسائل الإعلام ، ولكننا للأسف لم نستثمر تلك الخطوة المتقدمة بأخرى أكثر (ضغطا وجدلا وجدية) ، كما أن عدم بث الفضائية السودانية لأغنية ناقدة للأوضاع المعيشية وسيطرة الحكومات وإشكاليات تعاقب السلطات ما بين ديمقراطية وشمولية كان قد رددها عركى بالحفل زاد من تعقيد الأزمة وأضاف (مدماكا) جديدا لحائط عدم ثقته في اجهزة الإعلام في وقت كنا نمنى فيه أنفسنا بهدم ذاك الجدار..! * الأن.. هل من حقنا أن نحلم بسماع صوت عركى وارائه في مقابلة تلفزيونية في القريب العاجل..!! نفس أخير * عزيزى عركى : قد حان ميقاتها لتكون كلمة للتاريخ ودعم للفن ونصرة للغناء فأفعلها برب السماء..!!!