قررت لجنة التسيير بنادي المريخ إيقاف التصريحات العشوائية، أو الإدلاء بأية أحاديث لأية جهة إعلامية إلا بعد موافقة الأمين العام، ومن وجهة نظري هي واحدة من القرارات الإصلاحية التي كنا ننتظرها منذ سنوات مضت شهدنا من خلالها تسابقاً مخلاً على المنابر الإعلامية، وتفلتات في الخطاب الإعلامي ساهمت بصورة مباشرة في حالة الفوضى والفشل التي سيطرت على الأجواء العامة لدرجة أننا كنا نقرأ أكثر من أربعة تصريحات لأعضاء مجلس الإدارة في موضوع واحد دون إحترام للمناصب والتخصصات، ومن الوضعيات الغريبة في السابق أيضاً أن أعضاء المجلس كانوا يوجهون النقد لبعضهم علانية في الصحف، وكثيراً ما تشهد الصحف موجة من الأحاديث التي تخلف قدراً من الخلافات ومن ثم عدم الإستقرار والتفكك في بنيان مجلس الإدارة ولجانه المساعدة.. لذلك أعتبر هذا القرار الإنضباطي هو الأقوى في السنوات الأخيرة.. ولكن موقع نادي المريخ على الشبكة ليس كافياً كمصدر لأخبار النادي، لأسباب كثيرة أولها أن المجتمع عامة لم يعتد على حواجز في أخبار المريخ، ورغم أن الجميع يطالب بالإنضباط، وينتقد الفوضى في إنسياب بعض المعلومات، إلا أن التعاطي مع لوائح الإنضباط والقرارات المشابهة لن تمر بسهولة، ومثال لذلك ماحدث من قبل بشأن لجنة الدار التي كان يرأسها الأخ عمر حجوج، وقد أصدرت لائحة مميزة فشلت فيما بعد في تطبيقها لأن حجوج كان أول من خالفها..! في أكثر من ثلاث دورات كان رئيسها جمال الوالي كنا نفاجأ بأكثر من (جون سينا) في الصحف اليومية، يستعرضون عضلاتهم بتصريحات ما أنزل الله بها من سلطان، وأذكر منهم الأخ عبد القادر الزبير همد الذي وصلت حواراته وتصريحاته رقماً قياسياً وعندما وجهت له النقد حول المسألة إلى خصومة، وكذلك زميله متوكل أحمد علي صاحب السيرة العطرة، أفضل إداري في المريخ كما ادعى ذات مرة، وهو الآخر كان من نمور الورق وكلما فتحت صحيفة تجده مصرحاً ومتحدثاً ومدعياً أمراً ما وكأن الإداري ينتخب أو يتم تعيينه من أجل المشاركة في سباق التصريحات هذا.. كلها كانت أيام فوضى يبدو أنها قد غبرت وقبرت نسأل الله ألا تعود. أكثر من سيتضرر من هذه القرارات بطبيعة الحال هي الصحف الرياضية والسياسية التي تحولت إلى (مشاتل) تنشر أحاديثاً غريبه ومشكوك في صحتها، تفرد مساحات تفوق الصفحات يومياً لحوارات وقوالات من شخصيات ليست بالخبراء حتى يستفيد الناس مماتقول، ولا يعرف لها مرجعية واضحة في هذا الحقل حتى نحتفى بآرائها، وسيكون على هذه الصحف أن تعود مرغمة إلى أصل الصحافة الرياضية والإهتمام باللاعب واللعبة وإفساح مساحات أكبر للنشاط الرياضي الفعلي من دوري ممتاز ودرجات أخرى ومناشط رياضية وولايات وغيرها من المهملات.. وستكون التجربة قاسية جداً لأن ممارسة صحافة رياضية حقيقية تتطلب الإعتماد على صحافيين يتمتعون بذخيرة معلوماتية كبيرة ولهم مرجعيات لا تقبل بالسطحية في طرح الأفكار، ولا تعترف بالمدرسة الهزلية في التعامل مع الشأن الرياضي وتمييع القضايا الجادة بإدخالها في قالب الكتابات غير الجادة. بعض الإداريين سيكون من المتضرريين أيضاً، خاصة أولئك الباحثين عن الفلاشات والتلميع والشهرة من أصحاب الجيوب المنتفخة والرؤوس الفارغة.. فهم يحبون دائماً تصدر المنابر والظهور في أبهى الحلل، دون أن يظهروا من الأفكار ما يضعهم في مقام واحد مع المنظرين والمفكرين والمساهمين في نهضة وطفرة من أي نوع، فقد كانوا يصرحون بسبب أو بدون سبب، يتحدثون للصحفي ويطلبون منه نشر الحديث مع الصورة التي يرتدي فيها البدلة الزرقاء مع الكرافتة الرمادية مثلاً، أو الجلباب والعمامة والشال، أو الزي الرياضي وهو يركض على إحدى السواحل.. كل ذلك ليس لتقديم فكرة جديدة وإنما لتمييز نفسه وإشباع رغبة ما..! نحن سعداء بهذه القرارات.. فقط نطالب بتنشيط دور الأخ والصديق سالم سعيد باعوم المنسق الإعلامي في هذا الخصوص، ومحاولة توسعة الخبر وتجنب الإقتضاب في الأخبار التي تستحق أن توسع وتشمل جوانب مفيدة في الصياغة، وكذلك لابد من عقد المؤتمرات التنويرية بإعتبار أن المعلومة الصحيحة ملك للقاريء ومشجع النادي الذي يدفع مقابل الإنتماء ويبذل في سبيل عشقه كل غالٍ ونفيس.