كلمة السودانيين… راعين مشاكل في كل جمعه بعد الصلاه وانا عائد الي منزلي كنت امر بالقرب من هذا المسجد ، فأجد الامام لا يزال يخطب ، ولاحظت أن أغلب رواده من الاخوه السودانين ، كما لاحظت ان المسجد يكون مزدحما بشكل ملحوظ ، فقررت أن اصلي الجمعه القادمه مع هذا الامام لاعرف سر إقبال الاخوه السودانيين علي هذا المسجد دون كل مساجد الرياض ، وأعرف ايضا محتوي هذه الخطب الطويله التي تجذب كل هذه الاعداد من البشر . وبالفعل يوم الجمعه قصدت المسجد المعني ، أديت تحيه المسجد وجلست انتظر الامام انتظارا لم يطول كثيرا فما هي الا لحظأات حتي صعد المنبر ، سلم علي المصلين ، وصلي وسلم علي رسول الله ، ثم كان هذا اخر عهده بالهدوء . نعم .. كان الامام من ذلك النوع الذي ينتقد أي شئ ، يرفع صوته ، ويلوح بيديه ، تكلم في السياسه ، وفي الحكومات العربيه والخضوع لامريكا والتطبيع مع اسرائيل و…كل شئ . كان هو يتحدث وانا التفت تاره نحو اليمين وتاره نحو اليسار وأتمني لو ان الابواب لم تكن ممتلئه الي هذا الحد الذي يعيق الخروج حتي اطلق ساقي للريح واترك هذا المكان المهدد بالانفجار او بالاقتحام في أي لحظه . وما ان انتهت الصلاه الا وكنت امسك بغترتي علي راسي واجري نحو سيارتي ولم التفت ورائي . حكي لي هذه القصه احد الاخوه السعوديين في فتره اقامتي بالرياض في المملكه العربيه السعوديه، ثم اتبعها بعباره ( تري انتو السودانيين راعين مشاكل ، تحبون الخرابيط ) . طبعا هو لا يعرف مصطلحات من نوع ( برايين ) و ( بتاعين شمارات ) ولو عرف هذه الكلمات لاستخدمها . وبالمناسبه ، هذا الانطباع عند كل الاخوه العرب تقريبا ، فنحن حقيقه نحب كثره الكلام والتطويل في النقاش والتنظير ، كلنا يعرف كل شئ عن كل شئ ، وكلنا ينتقد كل شئ حتي لو كان يسمع بهذا الشئ لاول مره . تدخل الاستاد فتجد في المدرجات المحللين والمدربين منهم من يصر علي ان التشكيل خاطئ والافضل منه أن يلعب فلان وفلان ، ومنهم من ينتقد الاداره علي شطب ذاك اللاعب والابقاء علي هذا . ثم يتدخلون في خطه اللعب والتنظيم داخل الميدان ، ثم يبدأ التوجيه للاعبين والصراخ في وجوههم عند الخطأ . وما يحصل من المشجعين داخل الاستادات يتكرر ايضا من عدد من الاخوه الصحفيين علي صفحات الصحف ويمارسون نفس الادوار ، الفرق فقط ان تلك تسمعها بينما هذه تقرأها . للاسف الشديد لا زال بعض الاخوه بالاعلام الرياضي لا يعرفون ادوارهم ، ويخلطون بين النقد الهادف البناء والتدخل الغير مقبول في بعض الشئون الفنيه والقرارات الاداريه . البعض يملي علي الادارات ما يجب ان تفعله في هذا الامر او ذاك ثم يسلط سهامه عليها وجام غضبه ان هي لم تمتثل . نقول : من حقك كاعلامي ان تقدم بعض النصح في بعض الامور ولكن ليس لك ان تحمل الناس حملا عليه خصوصا اذا كانوا هم أصحاب التخصص الاصليين . كما انك تملك كل الحق في ان تقول رأيك وتجتهد في محاوله اقناع الاخرين به ، ولكن ليس من حقك ابدا أن تسفه الرأي الاخر وتسئ لصاحبه الذي هو اصلا زميل لك في المهنه ، بل ، البعض يسئ لمجالس الادارات ويصفهم بجهلهم بعمله في حين ان هذا المسئ نفسه يكون قد ترك عمله وتفرغ للقيام بعمل هذا الذي يسئ اليه . وهكذا نحن دائما في حاله تبادل الادوار هذه ، المشجع يترك مهمته ويقوم بمهام النقد والتحليل، الصحفي يترك مهمته ويتفرغ للتدريب والتخطيط ، والمدربون يتركون مهامهم ويتفرغ للسمسره في بيع وشراء اللاعبين ، واللاعبون انفسهم يتركون مهامهم ويتفرغون للتصريحات الصحفيه وبعض الاشياء الاخري . كلنا لا يجيد حرفته الاصليه ويحاول اصلاح حرف الاخرين . وهذه العله هي واحده من عده اسباب كثيره متشابكه أدت الي أن نقف في اماكننا – علي المستوي الرياضي عموما وكره القدم تحديدا – وباقي الدول تتقدم علينا . فجنوب افريقيا التي فازت علينا وابعدتنا من نهائيات امم افريقيا هذه ، انضمت الي الاتحاد الافريقي في عام 1992 ونحن من أسس هذا الاتحاد كما يحلو لنا ان نفتخر بذلك دائما ، ولكننا أسسناه ثم تركنا زعامته لغيرنا . المال رغم أهميته ، لكنه ليس أقوي اسباب تخلفنا حسب رأيي وان كان واحدا منها ، ونستشهد بدوله مثل توغو التي وصلت الي نهائيات كاس العالم 2006 ، ولعبت في نهائيات امم افريقيا في سبعه دورات ووصلت الي ربع النهائي في اخر دوره . اخيرا..الخروج من تصفيات امم افريقيا كان متوقعا جدا قياسا علي النتائج السابقه ، وقبل ذلك قياسا علي حجم واسماء المنتخبات المنافسه لنا في المجموعه ، ومن الغرائب أن قرعه التصفيات دائما ما تختار لنا غانا ونيجيريا وفرق بهذه الاحجام للتنافس معها في مجموعه واحده ، والمره الوحيده التي ألقت في طريقنا بسيشل وموريشص ، وصلنا الي نهائيات غانا بسلام في 2008 وكأن الحظ لم تكفه كل عوامل تأخرنا هذه فقرر ان يتحالف معها ضدنا ليزيدنا تأخرا وتخلفا . غير أن هذا الخروج رغم انه كان متوقعا ، ولكنه كان مرا وحزينا ، فتوقع الموت لا يعفي من الصدمه بحدوثه ، فقط نتمني الاستفاده والتصحيح ومحاوله البناء علي الأسس السليمه … ودمتم…..