* يشق علي أن أرثي والدتى الحاجة الطاهرة المهدى، فالموت حق وهو سبيل الأولين والآخرين. لا نستكثرها على ربها، لكننا لا نستطيع أن نمسك دمع الحزن المنساب من المآقي حزناً على رحليها. * رحلت أمي وكان رحيلها أشبه بالصدمة.. تساوى العسل بالمر والنور بالظلام وما عدت أرى شيئاً.. رحلت أمي التي كنت أشعر أمامها بصغري وضآلتي وطفولتي مهما كبرت ولو كنت أباً… رحلت أمي التي كانت تحمل في أضلعها الحنان والود والعطف والشفقة… * رحلت أمي التي كانت تدفع عني برد الهم والغبار والنكد… رحلت أمي التي كانت ترفرف بأجنحتها فوق بيتنا الكبير بالعباسية، تستفسر عن الأهل والجار والصغير والكبير وتواسي الضعيف وتفرح لفرح الناس وتحزن لحزنهم… كانت أمي مدار حديث الصغار والكبار، لم تقصر في واجب ولم ترد حنانها على من يقرع الباب…. كانت أمي تتجول بين الأهل والجيران والأحبة حمامة سلام ورسول مودة…. * رحلت أمي التى امضت نصف حياتها فى مسجد الشيخ البدوى بالعباسية تدخل المسجد فى جنح الظلام ولا تخرج الا بعد صلاة العشاء، لم يفارق المصحف يديها الا بعد ان فقدت بصرها فأجمل ساعات حياتها كانت تمضيها وهى ترتل القرآن ترتيلاً.. * اجمع كل المعزين رجالا ونساء بأن الحاجة الطاهرة كانت تقية نقية قريبة من الله تعالى… * رحلت امى وأظلمت الدنيا في عيني، وتركتني أعيش ليلة عزاء طويلة… رحلت أمي التي لو كنت أملك من سنوات عمري شيئاً لأعطيتها منها حتى لا أفارقها… * رحلت أمي… والكل ينتظرون عودتها… ينظرون لبعضهم البعض بعيون دامعة غير مصدقين أن الحاجة الطاهرة لن تعود وغابت طلتها إلى الأبد.. * معاناتي كبيرة مع الصدمة.. لن أسمع صوتاً ينادي أمي، أنادي أمي بيني وبين نفسي أريد أن أسمع وقع هذه الكلمة في أذني وأحس بها، فترتاح نفسي… * لا أستطيع أن أصف لك يا أمي كيف أصبحت الحياة موحشة برحيلك عن هذه الدنيا الفانية، وكيف أن أوقاتي مملة بدونك فقد تبدل الفرح في قلبي إلى حزن وبؤس…. ماذا سأكتب بعد ذلك وماذا تراني سأحكيه بعد فراقك… سوى آهات ودموع. * لقد أدركت اليوم لماذا وضع الخالق جل شأنه مفتاح الجنة في يد الأم وجعله تحت قدميها؛ لأن الأم في ذاتها جنة بكل معانيها لأولادها ويكون صدرها أوسع وأرحب من القصور وريحها أطيب من ريح المسك.. اللهم أكرم نزلها ووسع مدخلها وأغسلها بالماء والثلج والبرد واجمعني بأمي في مستقر رحمتك في مقعد صدق عند مليك مقتدر. * وجعي وحزني عليك شديد امى.. فرحيلك ترك لنا اللوعة والأسى، وأغرقتينا في بحر الدموع…. إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الله.. * قال تعالى في محكم تنزيله: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون).. صدق الله العظيم. * اللهم تقبل أمنا الحاجة الطاهرة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وأنزلها منزل صدق عند مليك مقتدر وألزمنا الصبر وحسن العزاء. * أتقدم بجزيل الشكر والعرفان الى كل من قدم لنا العزاء وواسانا فى فقدنا الجلل والى كل من طوقوا أعناقنا بجميل صنعهم وكريم طبعهم وعظيم فضلهم وإلى كل من تكبد عناء السفر بالحضور إلى للعزاء أو الاتصال ومواساتهم لنا بأحسيسهم ومشاعرهم النبيلة.. * واسأل الله تعالى أن يكتب أجركم ويجزيكم عنا خير الجزاء وأن لا يريكم مكروها فى عزيز لديكم … إانا لله وانا اليه راجعون.