كلمة عماد الدين عمر الحسن السودانيون… بين الكسل وحب الخرابيط في كل جمعة بعد أداء الصلاة وأنا عائد الي منزلي كنت أمر بالقرب من هذا المسجد ، فأجد الامام لا يزال يخطب رغم أن كل المساجد الاخري قد انتهت من الصلاة ، ولاحظت أن أغلب رواده من الاخوة السودانين فاعتقدت بادئ الامر أن الامام لابد أن يكون سوداني الجنسية ، كما لاحظت أن المسجد يكون مزدحما بشكل ملحوظ ، فقررت أن اصلي الجمعة القادمة مع هذا الامام لأعرف سر إقبال الاخوة السودانيين علي هذا المسجد دون كل مساجد الرياض ، وأعرف أيضا محتوي هذه الخطب الطويلة التي تجذب كل هذه الاعداد من البشر . وبالفعل في الجمعة التالية قصدت المسجد المعني ، أديت تحية المسجد وجلست انتظر الامام انتظارا لم يطل كثيرا فما هي الا لحظات حتي صعد المنبر ، سلم علي المصلين ، وصلي وسلم علي رسول الله ، ثم كان هذا اخر عهده بالهدوء . نعم .. كان الامام من ذلك النوع الذي ينتقد أي شئ ، يرفع صوته ، ويلوح بيديه ، تكلم في السياسة ، وفي الحكومات العربية ، كما تحدث عن الخضوع لامريكا ، والتطبيع مع اسرائيل و…كل شئ . كان هو يتحدث وانا التفت تارة نحو اليمين وتارة نحو الشمال وأتمني لو ان الأبواب لم تكن ممتلئة الي هذا الحد الذي يعيق الخروج حتي اطلق ساقي للريح واترك هذا المكان المهدد بالانفجار او بالاقتحام في أي لحظة . وما أن إنتهت الصلاة الا وكنت امسك بغترتي علي رأسي وأجري نحو سيارتي ولم التفت ورائي . حكي لي هذه القصة أحد الاخوة السعوديين ابان فتره اقامتي بمدينة الرياض في المملكة العربية السعودية ، ثم اتبعها ضاحكا بعبارة ( تري انتو السودانيين راعين مشاكل ، تحبون الخرابيط ) . طبعا هو لا يعرف مصطلحات من نوع ( شمشارين ) ، و ( برايين ) ولو عرف هذه الكلمات لربما استخدمها كذلك . وبالمناسبة ، هذا الانطباع عنّا عند كل الاخوه العرب تقريبا ، نحن قوم نحب كثرة الكلام والتطويل في النقاش والتنظير حول كل شئ ، وفوق كل هذا نتميز بالكسل فلا نفعل أكثر الذي نقوله في توافق منطقي وصريح مع مثلنا الشعبي الذي يقول أن ( السواي ما حداس ) فبما أننا نتحدث كثيرا فلا داعي لأن نعمل قليلا بل قد لا نجد وقتا لنعمل فيه . ورغم أنني كنت من أشد المجاهدين في سبيل إثبات عدم صحة تلك الاعتقادات ، لكنني سلمت تماما بعد ذلك وأيقنت أنهم لم يتحدثوا من فراغ بل من تجاربهم دون شك ومواقف مكررة حدثت لهم مع بعضنا جعلت هذه الاعتقادات ترسخ عندهم بشكل لا يقبل محاولة اثبات عكسه . ومن بعض الطرائف التي يقصونها عن كسل السودانيين أن صاحب محلات أثاث أراد أن يقوم بعرض بضاعته بالمحل فاستعان بأحد السودانيين لعمل دعاية عن الراحة التي يوفرها سريرا وثيرا عليه الوسائد المريحة ، فطلب من عامله السوداني أن يأتي كل يوم لينام علي السرير طوال فترة العرض لكن العامل السوداني اعترض بحجة أنه يريد يوما للراحة . قد تكون المبالغة وارده بسبب أن القصة تاتي في نطاق النكتة فقط ، ولكن اذا حاولت أن تري ممارسات قريبة من ذلك فاذهب الي بعض محلات عرض الملابس مثلا في السوق العربي في ساعات القيلوله واطلب من البائع الذي ستجده في الغالب ممددا قدميه علي كرسي اخر خلاف الذي يسترخي عليه ويضع كوبا من الشاي تحته مجاورا لكيس التمباك علي الارض وقد تتدلي شفتاه من تأثير حمل بعض محتويات الكيس المذكور – اطلب منه معرفة ثمن أي سلعة من التي يعرضها ثم انتظر ردة فعله التي ستأتيك بعد انتظار لينظر اليك من مقعده ثم يخبرك علي مضض دون أن يكلف نفسه بالقيام من مكانه أو بذل أي جهد ليريك أنواعا اخري من السلع . ثم كرر نفس تصرفك هذا مع أي بائع مصري اذا مكنتك الأيام من زيارة قاهرة المعز أو صادفت منهم من يعملون في هذا المجال في السودان ، ثم انتظر ردة فعله . عفوا..هل قلت انتظر ..واقع الامر أنه لن ينتظرك حتي تسأل ، بل سيقوم اليك من مكانه وهو يجعل كل محتويات المحل بين يديك عارضا كل الخامات والألوان والأسعار ، ويحدثك بالتفصيل عن كل ما يعرفه وما لا يعرفه من مميزات هذه البضاعة ، فاذا أخبرته انك لا تريد الشراء الان سيعاجلك بقول ( ما يجراش حاجه اتفرج بس ) ، وسيعاملك بشكل يجعلك تستحي أن تخرج من المحل دون أن تشتري ما تحتاجه بل قد تشتري ايضا ما لا تحتاجه . وأذكر جدا موقفا حصل لاحد الاصدقاء وفي حضوري حين صادفنا أحد الاخوة المصريين من الباعة المتجولين في احد شوارع الخرطوم – وهو يعرض علينا منتجا يقول أنه يقضي علي الفئران تماما بالمنزل وعدد لنا من فوائده ما لم نكن متأكدين تماما منه ، غير أن صديقي اشتري ما يكفي لقتل قبيلة من الفئران ، فقلت له بعد ذهاب البائع المصري يبدو أنك تعاني كثيرا من الفئران في منزلك ‘ غير أنه فاجأني برد لم أكن أتوقعه علي الاطلاق ، وقال لي ( والله العظيم فار واحد في بيتنا مافي ، لكن كلام المصري ده عجبني )… [email protected]