ضد التيار هيثم كابو "نُدرة" غذاء العالم ! * مشكلة الكوميديا السودانية تكمن في ابتعادها عن الواقع السياسي مما جعلها تفتقر للنص المطرز بالطرائف والمفارقات والقفشات عبر أداء رفيع ساحر وسيناريو متماسك ساخر..!! * لا تزال الكوميديا عندنا تدور في فلك التهريج والبهلوانية وقصص (القروي الساذج) الذي تطل الدهشة من عينيه عندما يزور الخرطوم؛ بينما السيناريوهات الحقيقية التي تعالج قضايا الناس و(تهبش) عصب الهموم (على قفا من يشيل).. فالكوميديا هي فن نقد المجتمع عبر معالجات فنية ذكية بروح خفيفة الظل وأساليب عرض محشوة بالقيم والسخرية..!! * وعندما يتوارى جمال حسن سعيد ورفاقه عن المشهد الفني ويغيب إنتاجهم وتعاني البلاد من (شح في الأعمال الكوميدية) يطل على المشهد العام نجوم يجلسون على كراسي الوزارات لفترات فيخطفون الأضواء من نجوم الكوميديا والمسرحيات..!! * وقبل أن ينكمش انفراج أسارير الناس ضحكاً وحزناً و(تريقة) على تصريحات وزير المالية السابق علي محمود عبد الرسول التي طالب فيها المواطنين بالتركيز على (الكسرة) باعتبارها (الغذاء الأكثر وفرة والأقل تكلفة) إذا به يخرج على الرأي العام في تلك الأيام الخوالي بتصريح فكاهي جديد عن استقرار أوضاع الناس المعيشية ويقول بملء فيه: (الناس ما جعانة)..!! * علي محمود رجل افتقدته (مينشيتات) صحف الخرطوم، فكلما تحدث في حوار تصدرت إفادته (الخطوط العريضة)، وما جاء للمشاركة في ندوة إلا وأدهش الناس بالمفارقات وبديع الخطابة ليتحول النقاش الجاد إلى طرائف وسخرية ودعابة..! * استضاف الزميل جمال عنقرة وزير المالية السابق علي محمود في برنامج (أوراق) الذي يبث عبر شاشة قناة الخرطوم ليقدم خلاصة تجربته للناس ورؤيته للوضع الاقتصادي الراهن فخلص الرجل إلى أن السودانيين بعد (الرفاهية التي عاشوا فيها السنين الماضية) بإمكانهم الصبر على الغلاء ولكنهم لن يتحملوا الندرة..! * نظرية علي محمود (للرفاهية والاستقرار) قائمة على توفير السلع بغض النظر عن الأسعار.! * (وزير تصريح البيتزا الشهير) دائماً ما يصر على أن البلد وأهله يرفلون في ثياب الرفاهية، واعتاد على التحدث عن (الشبع المزعوم) بالرغم من أن (الناس رابطة البطون ومليانة ديون)..!! * يبدو أن الجنيه السوداني لم يهبط وحده فمنسوب معرفة المسؤولين بمشاكل الناس من حولهم ينافس الجنيه في الهبوط..!! * شكراً نبيلاً لعلي محمود الذي ما أطل في حوار إعلامي إلا وأسهم في سد الفجوة الغذائية بأطنان من (النكات) لا (المنتجات)..!! * تصريحات علي محمود افتقدتها الصحف فقد كانت تنعش الكوميديا وتمثل إضافة حقيقية للساحة الدرامية..!! * لن نرد على وزير المالية السابق ولكننا نجدد له الدعوة للاتجاه لكتابة نصوص كوميدية؛ فالرجل يمثل مستودع مفارقات وبنك نكات وملك سخرية وإمبراطور لطائف فهو بحق صاحب حضور وتعابير، ولا يقل موهبة عن الكاتب الدرامي المعروف عادل إبراهيم محمد خير..! * بتصريحات علي محمود تأكدنا تماماً من أنه لو كانت الأوضاع المعيشية في خطر فإن الروح الكوميدية بخير..!! * سيبكم من نظرية (تحمل الغلاء وحل المشاكل بالوفرة وتصاعد الأسعار للحد من النُدرة) والبركة في الكوميديا؛ فالنكات (غذاء) الروح..!! * إذا فشلت سياسات علي محمود الاقتصادية ودفعت البلاد الثمن باهظاً، فإن تصريحات الرجل تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أننا أصبحنا (نكتة) غذاء العالم..!! أنفاس متقطعة * من كرامات وزير المالية (الحالي) لا السابق قوله إن (السعر الحقيقي) للدولار سبعة جنيهات، مما يعنى أن العملة وحدها لم تعد هي (المزيفة) فالأسعار كذلك.! * بعد حديث الوزير بدر الدين محمود لن نتحدث عن مترتبات ارتفاع سعر الدولار وأثر ذلك القفز المتواصل على (قفة الخضار)، ولكننا فقط سنتجاوز (السعر المزيف) ونطلب من الدولار بدلاً من الهبوط (أن يظهر على حقيقته)..! * للعملة (وجهان)؛ وللسعر كذلك، فالرجاء عدم الانشغال ب(الزيف) والنظر إلى (حقيقة الأسعار)..! نفس أخير * اربطوا الأحزمة و(استمتعوا بالضحك)، (والباقي ملحوق ومافي زول مات مريوق)..!!