بلا حدود هنادي الصديق الموت مجانا * كنت وما زلت مصرة علي أن (المواطن) يقع في ذيل أولويات حكومة الإنقاذ الوطني، ودليلي، تردي الحال بكل المرافق الخدمية في كل ولايات السودان، بجانب التخطيط الخاطئ لكل ماهو متعلق (بالإنسان) من طرق وجسور وأزقة وغيرها من بني تحتية. * ولعلي اليوم أتطرق لأبشع حادثتين في يوم واحد فقط تعرض لهما مواطنون أبرياء لا ذنب لهم سوي أنهم ينتمون إلى دولة يفتقد مسؤولوها للضمير الحي، ويعيش القائمون علي امرها في جلباب المصلحة الخاصة والمخصصات التي يجنونها من قتل وإفقار المواطنين من خلال المناصب التي أوجدتهم فيها الصدفة وقصر النظر والانتماء السياسي. * الحادثة الأولي التي تتحدث عن بشاعتها الصور المنتشرة بالصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، تحكي عن ممارسة شارع الموت لهوايته المحببة بحصد عشرات الارواح شهريا، وكأن تشييده تم لهذا الغرض تحديدا. * وأمس الأول بكت الدموع دما وهي تشيع خمس جثامين، ثلاث منه لأفضل إختصاصيي النساء والتوليد بودمدني، أحدهم مدير مستشفي مدني للنساء والتوليد، في طريق عودتهم من القضارف بالقرب من منطقة الشبارقة بشارع مدني القضارف علي متن عربة بوكس دب كاب عند اصطدامها ببص سياحي قادم من الاتجاه المعاكس ونتيجة للتخطي الخاطئ والسرعة الزائدة وقع الحادث، مما أدى لوفاة بروفيسور عبدالرحيم دفع الله حجاز مدير مستشفى النساء والتوليد بمدني وبروفيسور سعد النعيم دفع الله وبروفيسور ماجد ابراهيم اختصاصيي النساء والتوليد وربيع موسى سائق البوكس بجانب خامس مجهول الهوية. * خسارة كبيرة لأسرهم المكلومة وللمهنة التي لم يتبق منها إلا القليل جدا، ورغم ذلك ستتم(الغتغتة) علي الحادث ويتم تبريرها إعلاميا حفظا لماء وجه الحكومة الكالح، ودون أن يكون هذا الحادث بداية لمراجعة الأخطاء الهندسية بشوارع المرور السريع، وخاصة شارع مدني الخرطوم، وذلك بتوسعة الطريق ليسع 3 سيارات علي الأقل في كل إتجاه وان يتم الفصل بين الإتجاهين بحاجز خرساني كبير كما هو معمول في كل العالم، ولا أعتقد ان ذلك صعب قياسا بحجم الانفاق العام والنهب المستمر للمال العام من قبل مسؤولين ونافذين بالدولة. * ثاني حادث وهو يخصني جدا، راح ضحيته أحد أكرم واطهر وانقى مواطنو منطقة الجريف غرب ومنطقة أم دوم وهو الحاج أحمد أبوشوك، والذي يعتبر أحد العلامات البارزة في المنطقتين لما له من كريم خصال، والفقيد راح ضحية للإهمال الحكومي أيضا، بعد أن دهسه قطار بمنطقة (تجمع المواصلات) التي تقع تحت كوبري الحرية وهو قاطعا الطريق من موقف مواصلات الجريف إلى موقف مواصلات أم دوم مسقط رأسه فإذا بمقطورة تنفصل عن القطار وتتجه نحوه لتنهي حياته في الحال، وليست هنا المأساة، بل المأساة في الإعلام المأجور والصحافيين(المغفلين)وذلك بعد أن أبرزت إحدى الصحف الإجتماعية واسعة الإنتشار في الخبر بأن الفقيد في الأربعين من العمر ويعاني اضطرابات نفسية، وهو الكذب بعينه، إذ وصل العم أحمد ابوشوك طيب الله ثراه للعقد السابع من عمره وفي كامل قواه العقلية ولا يشكو من أي علة والدليل أنه كان في طريقه لزيارة أقاربة بمنطقة ام دوم وحال القطار بينه وبين أقاربه وبين العودة مرة أخري لبيته وزوجته وأحفاده. * تبرير فطير وحقير ومأجور من الصحيفة الغرض منه (الغتغتة) علي الخطأ الكبير الذي وقعت فيه ولاية الخرطوم بتحويل مواقف المواصلات عشوائيا بوضعها في أخطر منطقة علي الاطلاق دون ان تأبه للحوادث التي يمكن أن تتسبب فيها القطارات بإهدار حياة المواطنين مجانا. * أهل الفقيد مطالبون بمقاضاة الصحيفة المعنية، ومقاضاة ولاية الخرطوم للغباء المقصود في هذه المواقف المكتظة بالمواطنين. * الا رحم الله الفقيد العم أحمد أبوشوك، والأطباء بشارع مدني واسكنهم فسيح جناته وجبر كسر الوطن والمواطن