زووم أبو عاقلة اماسا مشكلة المريخ .. من إكتشفوها أخيراً ..! أن يعاني المريخ من ضائقة مالية فذلك ليس بجديد، فمنذ أن فتحنا أعيننا على الدنيا وجدناه وشقيقه الهلال يعتمدان على جيوب الإداريين والهبات والعطايا وقليل جداً من الموارد التقليدية، وهو نفس الشيء الذي كانت تفعله الأندية الألمانية في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.. والفرق هنا وهناك أننا سجنا أنفسنا في هذا الحيز الضيق المتخلف بينما إنطلق الألمان ليغيروا الكثير من المفاهيم ويتعلم منهم العالم أجمع.. بالطبع لا أعمد إلى وضع الكرة السودانية مع مقارنة بالألمانية ولكننا نتحدث عن (أزمة) محددة تجاوزها الألمان بينما إستوطنت عندنا بعد أن تحولت من أزمة إلى (مشكلة).. والفرق كبير بين الأزمة والمشكلة بطبيعة الحال ولا يسع المجال لشرح ذلك هنا، وسنركز فقط على مشكلة المريخ وأزمته المالية التي يدعي البعض أنه مكتشفها مع لجنة أسامة ونسي التسييرية، وهم بذلك يريدون تثبيت معلومة كاذبة بأن مشكلة المريخ كلها تتلخص في عدم قدرة لجنة التسيير على مجابهة هذه الضائقة المالية في حين أن كل من له علاقة قديمة بهذا النادي يدرك أن مشكلة المال فيه (أزلية).. قد تتصاعد مرات وتتراجع مرات، ولكن الثابت في الأمر أن نادي المريخ ليس بالنادي الثري وما كان في عهد الرئيس السابق كان إستثناءً وظرفاً عابراً كنا لنبني منه الأمجاد لو أننا استغليناه بالصورة الأمثل، ولكننا تقاتلنا كالأكلة على القصعة وانتهى الأكل وبقيت القصعة فارغة مع الكثير من الحسرات والعبرات.. ولكن الوقت للتفكير الإيجابي وليس للبكاء…! لأجل الأوضاع التي يمر بها المريخ اليوم كتبنا مراراً وتكراراً في عهد جمال الوالي محذرين من مغبة التعامل مع مفهوم الإدارة في إطار رزق اليوم باليوم، لأن المريخ نادٍ كبير يفترض أن تديره عقول تضع في الحسبان ماضيه وحاضره وغده، وسياسات تحفظ الهيبة للكيان بغض النظر عن الأسماء التي تتولى إدارته، كما نادينا بضرورة إخراج قضية نادي المريخ وإدارته من حيز الأسماء ومناقشتها كقضية مجردة لها ثوابتها، تأسياً بحكمة القبطان حاج حسن عثمان والقدماء الذين كانوا يحاولون إقناع الناس في حقبة ما من الحقب بضرورة إخراج الأسماء من محور الصراعات وبحث أمر كيفية إدارة النادي، ولكن.. ما يحدث الآن وبعد كل هذه السنوات أننا نعيد إنتاج الأزمة، نهاجم أسامه ونسي الذي تطوع وقبل مهمة تسيير المريخ بعد إستقالة مجلس إدارته المنتخب بعد أن أصبحت الرئاسة بمقاسات شخص واحد فقط، ونحاول محاصرته بإتهامات أبرزها أنه رئيس فقير لا يستطيع توفير المليارات التي تخرج النادي من عمق الزجاجة، وأنه فشل في إدخال يده في جيب الحكومة من أجل توفير عشرات المليارات التي تفك الضائقة.. وسط أصوات تنادي علانية بضرورة عودة جمال الوالي، وتحاول تثبيت قناعة في أوساط البسطاء بأن عودة الرئيس المستقيل ستكون نهاية هذه الصعوبات وبداية عهد ترف جديد، هكذا ببساطة دون أن يسألوا أنفسهم عن منشأ هذه المشكلات.. وتأريخها.. وبعضهم لا يجهد نفسه بقراءة الأحداث لتحديد عناصر المشكلة ومن ثم بحث الحلول الناجعة لها.
يجب على أنصار المريخ أن يعرفوا اليوم قبل الغد بأن هنالك مشكلة في ناديهم تتلخص في ضعف الموارد والإستثمارات، وفشل العقول الإدارية على مر السنوات في تسويق علامتة التجارية، في ظل عصابات تسعى للسيطرة على مقاعد مجلس الإدارة بتزوير العضوية وإستجلابها وإحتكارها وتدجين الجمعيات العمومية.. (وإن لم يكن ذلك صحيحاً فتذكروا آخر جمعية عمومية حاسبت وناقشت قضايا المريخ…!!)، وقد ضلع في هذه الجريمة عدد من الأسماء المعروفة واستطاعوا في إنجاز غير مسبوق أن يحولوا المسألة من جريمة يعاقب عليها القانون إلى ممارسات عادية ومباحة يقدم عليها حتى عناصر المؤتمر الوطني الذين غزوا النادي مثل الأخ عبد الرحمن إبراهيم، وبدلاً أن يسهموا في محاربة الإستجلاب رفدوا النادي بدفعة جديدة من عضوية الخدمة الوطنية المستجلبة.. ومع هذا الخلط بين ما هو صحيح وما هو خطأ أصبح الناس يبحثون عن حلول لمشكلات المريخ لدى الأفراد من الأثرياء، يتخبطون ما بين جمال الوالي وآدم سوداكال… وأنا أكرر مرة أخرى أنهم أثرياء … نعم… ولكنهم لن يقدموا الحلول التي ستخرج النادي من (جحر الضب).. فالأزمة التي تقصدون كانت وما تزال نتيجة إختزال كيان كامل في فرد.. وتحطيم الكثير من قيم وملامح المؤسسات الكبيرة بحجة أننا في السودان.. حيث كل شيء مبرر.. الفوضى.. اللامبالاة.. الولاءات للأفراد لا للمؤسسات.. المجاملات.. غض الطرف عن الفساد… تعمد التمادي في الخطأ في حين ننشد الإنجاز … العمل والقتال على المصالح الخاصة ورفع صوتها على المصلحة العامة…! لسنا ضد عودة جمال الوالي، ولن نكون أبداً لأننا لا نملك أكثر من رأي نكتبه ونثبت عليه ولو لعشرات السنين.. ولكن الرئيس السابق للمريخ لم يستقل إلا بعد أن أدرك أن المشكلة قد تضخمت وأصبحت أكبر منه في كل شيء.. وهي في الحقيقة ليست مشكلة يمكن حلها بشخص واحد مجتهد.. وإن كان ذلك الشخص هو الوليد بن طلال مستعينا بعقلية إنشتاين وإنما هي مشكلة كيان متكامل ويجب مواجهتها بعمل جماعي محكم يستبعد التجاوزات واللامبالاة وكل هذا العنف الذي نراه، وفي المقابل إذا أردنا حل المشكلة من جذورها فعلينا أولاً أن نبدأ بالتشخيص الصحيح دون أن نهاجم ونسي ونمجد جمال أو العكس، لأنها مشكلة المريخ الكيان وليست مشكلة زيد أو عبيد، ومن ثم نفكر كيف نتعامل مع هذا النادي على أساس أنه مؤسسة عريقة وغنية تتمتع بموارد غير مكتشفة نستطيع أن نحركها بإستراتيجية متوسطة المدى تستصحب الثوابت وتهمل المتحركات… تتحرك على محور المريخ وليس الأسماء والأفراد… وبعد الخروج بسلام من هذا الجحر… نتفاكر في من يحكم المريخ … جمال الوالي أم ونسي… أو غيرهما…!