لقد استرجعت كل وقائع وأحداث الجمعية العمومية التأريخية لنادي المريخ التي إنتخبت مجلس القنصل حازم … وتأملت في كل تداعياتها … وفحصت كثيرا من القوانين والنظم الأساسية … كل ذلك ولم أجد مبررا قانونيا واحدا … أو سببا منطقيا واحدا يجعل وزارة الشباب والرياضة تتردد في إعلان رأيها حول الأزمة … خصوصا أن حل الأزمة الجوهري يعتمد كليا على ما تتوصل إليه الوزارة … وقد نجد العذر للسيد الوزير … أو السيد الوكيل الأول … بحكم أنهما سياسيان وليسا متخصصين في القوانين … ولكن كيف لنا أن نعذر المستشار القانوني للوزارة ؟ … ودعونا هنا نخاطب السيد المستشار القانوني للوزارة مباشرة … من المؤكد يعلم المستشار القانوني بنص المادة (5) من قانون الشباب والرياضة لسنة 2016 تحت عنوان : (إختصاصات الوزير وسلطاته) … البند (1) : تكون للوزير الإختصاصات والسلطات الآتية : (أ) : (رعاية هيئات الشباب والرياضة ، وضمان إستقلاليتها ، وأهلية نشاطها وديمقراطيتها.) … ولا نشك مطلقا في أن إستقلالية الهيئة تتمثل في إتخاذ قراراتها دون تأثير من طرف ثالث … وهذا ما طالب القانون الوزير بحمايته … سنتجاوز الجمعية العمومية وأحداثها ونركز على قرار مجلس إدارة الإتحاد العام من ناحية قانونية … وبعد قراءة المادة (39)(2) من النظام الأساسي للإتحاد السوداني لكرة القدم التي تنص على : (يتخذ مجلس الإدارة قراراته بأغلبية (أكثر من 50% ) من الأصوات الصحيحة التي تم الإدلاء بها ، وفي حالة تساوي الأصوات يكون للرئيس الصوت المرجح) … وفي حالة قضية المريخ كان كل المجلس جانب مقابل صوت واحد في الجانب الآخر … يعني أن رئيس الإتحاد لا يملك حق الترجيح في هذه الحالة لعدم تساوي الأصوات … (طبعا من غرائب الأمور أن السيد رئيس الإتحاد حاول جاهدا ترجيح الرأي الحائز على صوت واحد) … وهنا نسأل السيد المستشار : أليس قرار المجلس هذا ملزما قانونا ؟ ، حتى إذا افترضنا جدلا أنه معيب ؟ … ونسأله ثانيا : هل هناك أي وسيلة قانونية لتعديل هذا القرار أو الغائه غير إلتماس إعادة النظر بواسطة مجلس الإدارة الذي إتخذ القرار أو اللجوء لمحكمة (كاس ) بلوزان – سويسرا ؟ … ونسأله ثالثا : إذا كان إعتراض موظف فرد في أي موقع مخالفة يعاقب عليها القانون ، فما هو التكييف القانوني لإعتراض مؤسسة ؟ … ونقول بوضوح لا لبس فيه أن أزمة المريخ تتمثل في إحتقان مصنوع داخل المجتمع المريخي والذي يمكن بسهولة جدا أن يؤدي لإنفلات أمني غير محسوب العواقب … ولنا أن نتساءل هنا : هل للدولة دور في التلافي والحيطة من إندلاع مثل هذه التفلتات الأمنية ؟ … أم أن دور الدولة يقتصر على الإنتظار حتى يحدث الإنفلات الأمني ، ومن ثم التعامل معه ؟ … فإذا كان دورها إنتظار الإنفلات حتى تتصرف إزاءه فلتتأخر ما شاء لها التأخير في أزمة المريخ ، ولتتردد ما شاء لها التردد ، فالإنفلات قادم لا محالة … أما إذا كان دورها الحيطة والتفادي فالطريق واضح للخروج من الأزمة … السيد المستشار … لقد سبق ولأكثر من مرة تدخل وزراء شباب ورياضة في الشأن الرياضي تدخلا غير قانوني بناء على توصيات مضللة من مستشارين الوزارة القانونيين … ولعل هذه السوابق وحساسيتها قد تكون أحد عوامل التردد … ولكن اليوم نقول لك أن هذه الحالة التي أمامنا من الحالات القليلة والواضحة التي لا تشكل التدخل المرفوض قانونا في شأن الهيئات الرياضية … لقد جاءتكم الفرصة على طبق من ذهب … فلقد توفر لكم الجو المناسب للتدخل الإيجابي المستحب لصالح الحركة الرياضية … ف(الفيفا) وجهت الإتحاد العام للإستعانة بكم … إذن أنتم لستم متطفلون … ومجلس الإدارة وفر لكم كل المستندات المؤيدة لما ذهب إليه في قراره … إذن لن تحكموا على بينات سماعية … وقرار المجلس هنا قرار بالإجماع كما ذكرنا سابقا … وحتى رئيس الإتحاد العام الذي لم يمتثل لقرار مجلس الإدارة قال : إن الأمر أصبح بيد الوزارة ، ونحن ملتزمون بما يصدر عن الوزارة … والآن نتساءل : ماذا يمكن أن يصدر عن الوزارة لتجاوز الأزمة بسهولة ويسر وبما لا يتعارض مع القانون أو المنطق أو الواقع … في تقديرنا أن القرار يمكن أن يقول : (بعد الإطلاع على كل المستندات المتعلقة بأزمة المريخ ، ودراستها من الجوانب القانونية ، ودعما لأهلية المؤسسات واستقلاليتها ، تحترم الوزارة وتدعم قرار مجلس الإدارة حول القضية.) … ألا يتفق معنا السيد المستشار في أن هذه الصيغة تمثل حلا نموذجيا للأزمة ؟ … فهي :- أولا : تؤكد إلتزام السيد الوزير بأحكام المادة( 5) من قانون الشباب والرياضة … ثانيا : تؤكد عدم تدخل الوزير المباشر ، وذلك لعدم إتخاذ قرار حول قانونية الجمعية أو عدم قانونيتها … ثالثا : لو ترجم هذا القرار وأرسل للفيفا ، نتوقع إشادة من الإتحاد الدولي لمساهمة الوزارة في الحل بما يحفظ للإتحاد العام هيبة مؤسساته … رابعا : يدعم مباشرة سلطات ولاية الخرطوم في التحرك لحماية المجلس المنتخب ومنشئات النادي … فسلطات الولاية قد طال إنتظارها لتحديد الجسم الشرعي في المريخ … خامسا : لا يقف عقبة في طريق من يريد مناهضة قرار مجلس الإدارة بالقانون … فسبل الإستئناف في كل الإتجاهات متاحة … سادسا : وأهم من كل ما تقدم ، يوفر الإستقرار للنادي الجماهيري ويدرأ فتنة لا مبرر لها … السيد المستشار القانوني : كلنا ثقة في أنكم ستقدمون النصح للسيد الوزير بما يخدم المصلحة العامة … وأملنا أن يتخذ الوزير ما يترائى له مناسبا بأعجل ما يكون … ومهما يكون قرار الوزير فالتأخير له أضراره الجسيمة … مع أمنياتي لكم بالتوفيق … محمد الشيخ مدني …