د . مزمل أبو القاسم مريخ الريادة والقيادة والتميز * عندما رفضنا وناهضنا تدخل الاتحاد السوداني لكرة القدم في شئون نادي المريخ، وذكرنا لرئيسه المتغطرس الفاسد كمال شداد أن المريخ ليس مجرد فريق لكرة القدم كي يكوّن له مجلساً يديره؛ كنا نعلم أننا نتحدث عن مؤسسة ضخمة، بل أمُّة تعدادها ملايين المحبين. * كيان باذخ ضخم ومتشعب، خلد سلطان العاشقين الزبير عوض الكريم (أمد الله في أيامه) أدواره شعراً حين قال: (كل من شاب على العشق ارتقى.. في مراقي السعد أبعاداً عِظام.. أنت يا مريخ في أعماقنا لست نادياً.. أنت أسمى في المقام.. أنت وطن في تفاخرنا به.. تنحنى الهامات أدباً واحترام). * لم يكن المريخ على مدى تاريخه الممتد أكثر من مائة عام محصورا في (تيم الكورة)، وتشهد صفحاته الباذخة أنه لعب أدواراً وطنيةً واجتماعيةٍ وثقافية بارزة، حرص أدباء المريخ وشعراؤه على توثيقها شعراً ونثراً، وكتب فيها سيد شعراء المريخ وأمير أدبائه، أستاذ الأجيال محمد عبد القادر كرف إلياذته الشهيرة، والتي أصبحت بمثابة النشيد الوطني للمريخ: (عشت يا مريخ موفور القِيم.. عالي الهامة خفاق العلم.. خطوك الوثاب في ركب الأمم.. كجناح النسر يجتاح القمم). * بعده أحسن صناجة الزعيم الدكتور الأديب والشاعر المجيد عمر محمود خالد وصف مجتمع الزعيم وروعته بقصيدته الخالدة (من غيرنا)؛ وقال فيها : (من غيرنا قد لون التاريخ بالذهب.. من غيرنا قد وهب الأفراح ما وهب.. المجد والمريخ توأمان.. والنصر فوق صدره الفسيح .. والفخر فوق هام النجوم يستريح .. والأمن مستتب والأمان.. وأنت يا مريخ تصنع التاريخ .. تملأ الزمان والمكان.. ونحن عزة ومنعة وصولجان). * وعدها كتب قصيدته الشهيرة التي أجاد فيها وصف اهتمام المريخ بالفنون والآداب والثقافة، حين كتب: (في الفكر والثقافة.. لا نقبل الوصافة)، مؤكداً أن جنون المستديرة قد يفرض على الزعيم أن يتخلى عن صدارته وبطولاته ليقبل بالمركز الثاني أحياناً، لكنه وعندما يتعلق الأمر بالفن والثقافة لا يرضى الوصافة. * سبقني الزميل الصديق أبو بكر عابدين في تبيان ورصد وتوثيق الأدوار الوطنية الخالدة التي لعبها نادي المريخ في تعزيز ثقافة الاستقلال ودعم المبادرات الوطنية في شتى المجالات، فأحسن ووثق وأجاد. * بالأمس سار الريس أيمن أب جيبين ورفاقه في المجلس المنتخب على درب سابقيهم، ودشنوا مبادرة (حافظوا على أولادكم)، ليسهموا بها في مكافحة آفة المخدرات التي استشرت في مجتمعنا وانتشرت فيه انتشار النار في الهشيم، لتشكل وباءً قاتلاً، يهدد حياة الملايين من شباب وشابات أمة يتشكل غالب تعدادها من الشباب. * تبنى المبادرة رئيس النادي وزملائه في المجلس ولاعبي الفريق وجهازهم الفني، ورفعوا لافتات تحض الشباب على الابتعاد عن المخدرات، برعاية قطاع المسئولية المجتمعية في النادي الأحمر. * الحقيقة أن الشيء من معدنه لا يستغرب، وأن هذا المجلس الواعد الرائد برئيسه الواعي الراقي أشاع البهجة والفرح والتفاول في نفوس كل أنصار الزعيم، بخطابه الهادئ العقلاني المتحضر، ولغته الرصينة، ومبادراته القيمة، واجتهاده المحمود لتلميع صور النادي التي بهتت وتلطخت بأدران الفشل المتراكم على مدى خمس سنوات، عاش فيها المريخ أوضاعاً مزرية، وشهد خلالها تراجعاً مريعاً على كل الصُعُد. * هنيئاً للمجتمع السوداني الجميل المترابط المسالم الخلاق بالمريخ المبادر الرائد المبتكر، وليمضِ أب جيبين ورفاقهم في مبادراتهم الراقية، ترسيخاً لقيم الزعيم السمحة، وأدواره الكبيرة والمؤثرة في سودان المريخ، الذي يجمع غالب أهل السودان على المحبة والعشق الصافي والانتماء الجميل لأروع كيان. * نتوقع المزيد من المبادرات الوطنية والاجتماعية والثقافية والفنية والأدبية من مريخ الأمة في عهد مجلس يزينه الطموح، ويجمله الوعي، ويحيطه الأدب، ونحمد المولى عز وجل أن قيّض لنا من يعرفون قيمة المريخ ويجتهدون لرفعته ويسعون لوضعه في المكانة التي تليق به.. بين (النجيمات المضيئة).. أو كما كتب شاعر المريخ (سلطان العاشقين) الزبير عوض الكريم أمد الله في أيامه وحفظه ذخراً للوطن والمريخ العظيم. آخر الحقائق * في الخاطر رسالة لا تنسى بعثنيها أستاذنا الجميل الزبير عوض الكريم (سلطان العاشقين) وكتب فيها: "أشعر بأننا نظلم المريخ كثيراً اذا اقتصرنا تميزه الثقافي والأدبي على النطاق المحلي.. واكتفينا بايراد الفارق المذهل بينه والآخرين دون أن نتطرق إلى الأدباء المريخيين والشعراء الذين اغترب انتاجهم الى كافة المنتديات خارج القُطر فاكتسبوا العلنية.. وبعيداً عن الحصر دعني أستشهد بالأديب الفخيم الاستاذ سيف الدين حسن بابكر الذي افتتحت له قنصلية فرنسا في يوليو الماضي معرضاً لانتاجه بمختلف اللغات.. وأيضاً بالأديبة الشامخة الدكتوره بثينة خضر مكي عضو رابطة أُدباء المريخ والقطاع الثقافي في دورات عديدة فانتاج هذه السيدة الفاضلة القصصي احتل في المواقع الخارجية موقعاً مرموقاً، ومن الشعراء دون استرسال محمد مفتاح الفيتوري الذي أشجى مسامعنا عند تكريم رابطة اُدباء المريخ له مُفاخراً بمريخيته، والاستاذ الشاعر الكبير مصطفى سند الذي ما تخلى عن تشريف ندوات المريخ الأدبية مساهماً ومشاركاً.. ومالي لا أذكر رائد الحداثة المريخي بالإرث والميلاد الشاعر عبد القادر الكتيابي.. هؤلاء ثلاثتهم ما يممت الأقدام أرضاً في العالم إلا وجدت أشعارهم زينةً للمكتبات، وأختتم رسالتي لك من رائعة شاعرنا الكتيابي: (وحسبت نفسي قدر نفسك. كنت مغروراً أفقت.. وعلمت أنك فوق ما يلد الزمانُ.. وفوق ما تهب العقول.. وعلمتُ أنك كوكبٌ.. في الناس يمشي ولا يراودهُ الأفول)، لعل المعنى لا يحتاج إلى توضيح لكل اللاهثين للحاق بالمريخ". * هو الزبير الذي كتب في المريخ: (يوم جاء مُكللاً بالحُبِ من رِحم المسالمة.. حُب الذين استرضعوا المريخ جينات الزعامة.. واستهانوا بالمصاعب.. في صمود وشهامة.. ليعتلي عرش السيادة.. قبل ميقات الفِطامة.. ويظل منذ المهد عملاقاً إلى يوم القيامة). * وكتب: (اسم مانديلا الذي نعشقه أضحى للمريخ رمزاً وشعارا.. صار عنوانا لصفوتنا التي.. تشبه الانجاز أعلاً وديارا.. دمت يا مريخ أول صاعد.. يمتطي الآفاق للمجد مسارا.. يا رائد الآفاق فخرا أننا.. بك قد تخطينا السحاب مدارا.. مانديلا أعطانا التفوق منبراً.. نرنو به للمحبطين ديارا.. نلناه وضعاً في المحافل راقيا.. لن يرتقيه القابعون يسارا). * وكتب: (تِلك أُمنية الأُولي منحوه اسماً من ذهب.. إن صاغها شِعراً لنا ابن الرشيد فقد وجب.. أن تبقى عملقة الزعيم شعارنا عبر الحِقب.. إذ ليس غيره من يُكنى.. في الحقيقة باللقب). * وعندما بلغ الزبير دوّن قصيدة بديعة ربط بها سني عمره بعشقه التليد وكتب فيها ما يلي: (سبعون عاماً بالتمام.. أهدتنا من قيم الحياة مكاسباً.. أن لا تراجع للمطامح وانهزام.. لابُد من قهر المصاعب في تحدٍ واقتحام.. قيمٌ تلاقت بالذي نعشقه.. نحن في المريخ عهد والتزام.. وعشقٌ دون تاريخ له علَّه في المهد أو عند الفطام.. ظل دوماً في الاحاسيس نقياً.. رائع الايقاع عذباً مستدام.. ظل هذا الاسم يا مريخنا.. راحةً للنفس صحواً ومنام). * (خاب من ظن المشيب يخونني إن أكن للعشق باراً وحفياً.. قلت إن العشق يا مريخنا لم يزل في قمة الصحو صبياً.. كلما ازدادت سنيني خلته.. بك يزداد ارتباطاً سرمديا.. ليت من يرشدني أن اكتفي.. بعد هذا العمر بالحب خفيا.. يدرك المطلوب مني قاسياً.. فاختفاء النضج في الحُب عصياً). * وكتب.. لله دره (ليت من شاء ابتعادي طائعاً.. أمعن التفكير في الأمر جلياً.. من تمتع في الصبا بمساره.. عاش مزهواً به عمراً عتيا.. هكذا المريخ في وجداننا.. صار نبضاً مستساغاً أبديا). * آخر خبر: حفظ الله سلطان العاشقين ووفق أب جيبين وصحبه الغر الميامين.