بين شعاري (تسقط بس) و(تقعد بس) المستمران في المواجهة لقرابة الأسابيع الأربعة في شوارع الخرطوم، برزت أحاديث عن ضرورة إيجاد طريق ثالث يقلل من حدة الاستقطاب السياسي بين أنصار الشعارين.. (السوداني) سعت لبحث إمكانية وجود طريق ثالث، والسيناريوهات المحتملة في إنتاجه. ما الذي يعنيه الطريق الثالث؟ المتابعون للمشهد يذهبون إلى أن طرح فكرة الطريق الثالث تم تداولها من قبل عدد من الكتاب الإعلاميين سواء المقربين من الحكومة وحزبها الحاكم أو عن طريق بعض الجالسين على رصيف السياسة ويسعون لتمضية المتبقي من حياتهم بهدوء بلا دماء.. بيد أن التحليلات تنحو إلى أن طرح فكرة الطريق الثالث تصطدم للوهلة الأولى بحساسية التوقيت والموقف، ويرون أن أنصار (تسقط) يعتبرون الطريق الثالث خطوة للوراء ومحاولة لإنقاذ النظام، فيما يرى أنصار (تقعد) أنها خطوة ضرورية لتقليل الضغط على الحكومة في ظل ما تعيشه من حصار بمطالبات الجماهير من جهة وعدم توفر الحلول السريعة لإنهاء المشكلات الاقتصادية المستفحلة. الطريق الثالث طبقاً للبعض يمكن إنتاجه عبر ظهور فئة (عاقلة) يهمها أمر الوطن ومقبولة من الطرفين، لتقوم بدور الوسيط وتلتقي كل من الحكومة والمعارضة على مائدة والوصول إلى اتفاق لإنهاء المظاهرات وسلامة المواطنين والبلاد من تطورات ربما تكون خطيرة، في حال ظهور هذه الفئة يمكن أن تجلس إلى المعارضة. محاكمة الطريق.. البديل الشيطان رئيس منبر السلام العادل ولجنة الإعلام بالبرلمان الطيب مصطفى أكد في حديثه ل(السوداني) أمس، أن أي حل في ظل هذه الظروف مرحباً به إذا كان من الحكومة أو القوى السياسية الأخرى بشرط أنه يؤدي إلى انتقال سلمي، وأضاف (نحن مصرون على عدم إسقاط النظام لأن ذلك يعد قفزاً في المجهول ويمكن أن يورد البلاد موارد الهلاك، مؤكداً أنهم لا يمكن أن يفكروا في التغيير حتى لو كان البديل هو الشيطان، وأضاف: نرفض أن يكون البديل الشيطان. واعتبر مصطفى أن انتخابات 2020م هي الحل والبديل السلمي، واستدرك أتحدى أن يكون هناك بديل لا يسبب حريقاً كبيراً للبلاد، مشيراً إلى أن قوى المعارضة تتحدث فقط عن إسقاط النظام وليس لديها أي بديل، محذراً من أن السودان الآن ليس سودان أكتوبر 1965 ولا أبريل 1985، وأضاف: الآن السودان في هشاشة ولا سبيل للخيارات التي حدثت في الماضي وذلك لوجود حركات تمرد وبعض الاضطرابات الأمنية. وحول التوقعات بظهور مجموعة وطنية تطرح حلاً للطرفين، أكد مصطفى إذا جاءت مجموعة وطنية يجب أن تحظى بموافقة جميع الأطراف الوطنية، مشدداً على أنه لا يوجد أفضل من مخرجات الحوار الوطني الذي عكفت عليه معظم القوى السياسية لمدة 3 سنوات، ووجدت قبولاً حتى من القوى التي لم تشارك في الحوار. لا يوجد طريق البعض يرى أن الاحتياجات المطلبية التي أدت لخروج المواطنين لم تجد حلاً من الحكومة ما أدى إلى تطور الأمر، مشيرين إلى أن الحكومة ذهبت في طريق طرح الوعود دون ترجمة عملية لحلول إلا لمدى زمني مؤقت. ويذهب المحلل السياسي محمد عبد السيد في حديثه للصحيفة أمس، إلى أنه لا يوجد طريق ثالث لأن المسائل وصلت إلى سقفها الأعلى من الطرفين، معتبراً أنه في مثل هذه القضايا دائماً الحل عند الحكومة في مراحل مبكرة وبحلول عملية وتوقيتات زمنية، وأضاف: من خرجوا للشارع هم المواطنون الذين خرجوا بصورة عفوية بقيادة المهنيين، بالإضافة إلى الأحزاب المعارضة، منوهاً إلى أن هؤلاء ليس لديهم ما يقدموه إلا المطالب، أي ليس لديهم ما يتنازلون عنه أو خطوات ترجعهم للخلف، مشيراً إلى أن الأمر تطور من مطالب معيشية إلى إسقاط النظام. بينما يرى القيادي بحزب المؤتمر الوطني الطاهر عبود في حديثه للصحيفة، أن الذين خرجوا للشارع لهم مطالب والحكومة شرعت في حلها منوهاً إلى أن الأبعد من ذلك هو أن الحكومة حددت تاريخاً زمنياً لانتهاء الأزمات وهو ما أكده رئيس الجمهورية، وأضاف: لا توجد معارضة بل هي مجموعات لها مطالب وتعبر عن نفسها، معتبراً الطريق الثالث مهم في هذه المرحلة لجهة أنه منصة لسماع الرأي والرأي الآخر ومراجعة الأفكار. أبرز سيناريوهات الطريق الثالث المتوقعة أول السيناريوهات التي تطرح طريق ثالث هو فوز أحد الطرفين وربحه في تحقيق شعاره (تسقط بس) أو (تقعد بس). وطبقاً لمتابعات الصحيفة في سياق هذا السيناريو فإن أنصار (تسقط بس) ما يزالون يستحثون الشارع لتحقيق مزيد من الالتفاف مستمدين قوة الدفع من طول مدة استمرار الاحتجاجات، مراهنين على أن استمرار المطالبة يعمل في اتجاهين، اتجاه أول بزيادة الملتفين من الأجيال الأخرى، والثاني أن استمرار الأزمة يعمق الخلافات داخل الحكومة ويزيد من تململ تيارات داخلها. ويستدل البعض على الفرضية الأخيرة بخطاب الرئيس البشير في نيالا أمس الأول إذ ألمح ولأول مرة عن وجود تيارات أو أشخاص يمكنهم أن ينافسوه، وقال: الحكومة لن تتغير عبر المظاهرات وأعمال التخريب أو من يأتي من الخارج وإنما عبر صندوق الانتخابات، وأن من يظن أن له جماهير سواء في الحكومة أو المعارضة، فليكن الفيصل صندوق الانتخابات والشعب السوداني. بيد أن عبارة الرئيس تحتمل تفسيراً آخر بحسب الكثيرين ممن استنطقتهم (السوداني) ويرون أن هذه العبارات تنسف مطلب المعارضة الداعية لإسقاط النظام وتمسكها ب(تسقط بس). رؤية أخرى ترى أنه في ظل تمسك الحكومة ب(تقعد بس) والمعارضة ب(تسقط بس) حالياً يجعل توصيف هذه المرحلة بأنها مرحلة السقوفات العالية بين الجانبين. مؤكدين أن ما يحدث الآن مرهق لهما وما لم يتطور الوضع إلى عصيان مدني أو أي سيناريو آخر تتبناه المعارضة ل(تسقط) الحكومة. فيما يرى البعض أن ثمة إجراءات حكومية يمكن تبنيها تخفف من حدة الاستقطاب وتبرد النفوس لصالح الاستماع إلى إمكانية إيجاد طريق ثالث، السيناريو الثاني في ظل الوضع الماثل يستند على نظرات الحكومة والمعارضة المتبادلة بينهما التي تجعل كل منهما يرى الآخر ضعيفاً، لذلك عليه أن يستمر فيما يقوم به رغم أن ما حدث بالنسبة لهما مرهق لهما. تقرير: وجدان طلحة