بالرغم من أن قرار مجلس الأمن بتمديد ولاية خبراء العقوبات على السودان يعتبر اجراءً روتينياً منذ مارس 2005، وهو تاريخ تكوين لجنة الخبراء، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 1591، الا أن هذه المرة يأتي في ظروف مختلفة أشبه بما كان عليه الوضع قبل ثورة ديسمبر من جرائم ضد الانسانية في دارفور والأحداث الأخيرة التي صاحبت الانفلات الأمني في دارفور ومقتل العشرات، بيد أن العالم ينظر الى عملية فض اعتصام القيادة العامة في يونيو 2019م، بأنها جريمة ضد الانسانية،وشكلت لها لجنة وطنية للتحقيق حول هذه الانتهاكات الجسيمة، أقرتها الوثيقة الدستورية، وسط أصوات داعية بتدويل هذه القضية، وبعد شراكة امتدت لأكثر من عامين بين المكون العسكري والقوى المدنية، أصدر القائد الأعلى للقوات المسلحة قراراً بالغاء بنود من الوثيقة الدستورية في الخامس والعشرين من اكتوبر العام الماضي، اعتبره الشارع السوداني انقلاباً على الشرعية الدستورية، عادت القوى الثورية على أثره للشارع مناهضة للقرار، ومنذ تاريخ صدوره سقط العشرات و وجهت أصابع الاتهام للاجهزة الأمنية التي مارست قمعاً وحشياً . ومع ارهاصات فرض عقوبات على أفراد عسكريين من الكونغرس الأمريكي حال استمر النظام في الخرطوم في ممارسة القمع والقتل أصدر مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، قراراً بتمديد ولاية فريق الخبراء الخاص بلجنة العقوبات الدولية المفروضة على السودان حتى 12 مارس المقبل، وصدر القرار خلال جلسة لمجلس الأمن بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، وذلك قبل شهر واحد من انتهاء الولاية الحالية لفريق الخبراء في 12 مارس المقبل. تكرار الأخطاء ويرى المراقبون أن البرهان ومن يمسكون بمفاصل السلطة في السودان بعد قرارات اكتوبر العام الماضي لم يستفيدوا من تجربة البشير التي أضرت بالسودان بالمضي قدماً عكس العالم، ويقول الخبير القانوني المعز حضرة إن مثل هذه القرارات متوقعة و ربما أسوأ منها في المستقبل، وقد نعود الى عزلتنا مرة أخرى بسبب تهور العسكر، وانتهاجهم نفس أساليب سلفهم البشير، وتابع " إنهم يسيرون على خطى النظام البائد في القمع وكبت الحريات وتصفية الخصوم " وتوقع حضرة أن يلقى هؤلاء الانقلابيون ذات مصير قادة السلطة البائدة. ويمضي حضرة " ينبغي النظر الى قرار مجلس الأمن في تجديد ولاية خبراء العقوبات بجدية، والعمل على تلافي أي سيناريو يعيد السودان الى مربع العزلة مرة أخرى" . تمديد دوري وفي 29 مارس 2005، تكونت لجنة الخبراء، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 1591، الصادر في العام نفسه بشأن السودان، ومنذ ذلك العام يمدد عملها بشكل دوري. وتوجد مجموعتان من العقوبات المفروضة على السودان، هما الحظر على الأسلحة، وحظر السفر وتجميد الأصول للأشخاص المتورطين في الصراع الدائر منذ ما يفوق ال 15 عاما في دارفور. وقدم فريق الخبراء في 23 ديسمبر الماضي، تقريرا لأعضاء المجلس، أكد فيه أن "الوضع العام في اقليم دارفور، لا يزال هشاً للغاية". وأوضح أن "العديد من المناطق شهدت عنفاً طائفياً واسع النطاق، وتدهوراً أمنياً، تضمن تورط أطراف النزاع في الإقليم في ارتكاب حوادث اعتداء جنسي واغتصاب للنساء والفتيات". ورفض رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان تهديدات الغرب بفرض عقوبات، وقال في أول مقابلة له مع التلفزيون القومي بعد قرارات اكتوبر، إن واشنطن تتلقى معلومات غير دقيقة وإن العقوبات أو التهديد بفرض عقوبات أمر لا يفيد، وقال : "العقوبات والتهديد والتلويح لا أظن أن له فائدة وليس ذا جدوى". وقال البرهان إنه مسؤول شخصيا عن التحقيقات في مقتل المحتجين، مشيرا إلى أن خمسة أو ستة تحقيقات تجري في هذا الأمر. لكنه قال إن هناك شكوكا في ضلوع "جماعات خارجية" دون أن يقدم تفاصيل. تصريحات جوفاء واعرب حضرة عن دهشته من تصريحات البرهان واستخفافه بتهديدات المجتمع الدولي، وقال ينبغي أن تؤخذ هذه التهديدات بعين الاعتبار وليس مقابلتها بتصريحات جوفاء بعدم الاهتمام أو الخوف من تأثير ذلك على البلد وعلى الشعب كما كان يحدث من نظام البشير الآن تصريحات برهان بان تهديدات الغرب ليست ذات جدوى ، وهذا قول مردود!! وتساءل حضرة بقوله : " ما هو الغرب في اعتقاد البرهان هل الأممالمتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الاوروبي ؟ " وقال اعتقد ان مثل هذه التصريحات هي محاولة لاظهار قوى زائفة، البلد والشعب يستأثر بها وذلك ما لا يهم البرهان في شيئ لان الانقلاب جاء ضد مصالح البلد وشعبها! واصدر البرهان قرارات وصفت بالانقلابية في 25 أكتوبر أنهى بها شراكة بين الجيش والأحزاب المدنية كان من المفترض أن تُفضي إلى انتخابات ديمقراطية، مما أثار احتجاجات على مدى شهور وكذلك تنديدات من الغرب. ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم يبحثون في خيارات للرد على مقتل ما لا يقل عن 79 محتجاً، بحسب حصيلة من لجنة أطباء السودان المركزية، وعلى التحركات لعرقلة الانتقال إلى حكومة يقودها مدنيون. ليس عادياً ويعتبر المحلل السياسي د.عمر السيد عبد الحفيظ أن تجديد ولاية لجنة العقوبات ضد السودان ليس أمراً عادياً في هذه المرة، خصوصا أن هناك ممارسات ترتقي لتكون في مصاف جرائم ضد الانسانية، وأضاف: "الغرب يمارس كل أشكال الضغط على حكومة البرهان للتراجع عن قراراته التي يراها انقلابية وتعرقل الانتقال الديمقراطي".. وتابع :"قد يشعر البعض أن هذه القرارات ليست ذات تأثير" واستطرد "نعم ربما ليست ذات تأثير في هذا التوقيت لأن الغرب او المجتمع الغربي بطبيعته يتعامل مع مثل هذه الملفات بسياسة النفس الطويل كما حدث في التسعينات"، وقال إن أول قرار للحصار الاقتصادي كان بعد مرور (7) سنوات من عمر الحكومة الانقلابية، وحث عمر السلطات السودانية بالبحث عن مخرج لحل الأزمة حتى لا تستفحل ويستعصي حلها كما حدث طوال سنوات سلطة المؤتمر الوطني المحلول. تقرير – نبيل صالح ميرفت فضل