تباينت ردود الأفعال حول القرار الذي أصدره رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان بتعيين حسين يحيى جنقول محافظا لبنك السودان المركزي، حيث وجد القرار قبولا من الاوساط الاقتصادية لجهة انه من الكوادر والكفاءات المصرفية المعروفة ، غير ان البعض اشفق عليه لجهة ان هنالك تحديات عظام تواجه البنك على رأسها انهيار سعر العملة المحلية مقابل العملات الاجنبية، فضلا عن مشاكل تواجه البنوك التجارية خاصة فيما يتعلق برؤوس اموالها ،كما ان معظمها لم يتم تعيين مدير عام لها حتى الآن منذ 25 اكتوبر. وتقول سيرته الذاتية انه عمل ببنك السودان منذ تخرجه في العام 1982 من جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد حيث تخصص في الاقتصاد البحت ونال مرتبة الشرف وحاز بعد ذلك على الماجستير في الاقتصاد من جامعة كولومبيا بنيويورك وتدرج جنقول في وظائف بنك السودان حتى وصل لمنصب المحافظ في العام 2019 وقدم بعد ذلك استقالته عن العمل بعد فترة قضاها في المنصب والآن يعود محافظا من جديد للبنك المركزي.
تعزيز الثقة ويقول الخبير الاقتصادي عميد كلية الاقتصاد بجامعة امدرمان الاسلامية د. محمد خير حسن محمد خير بحسب صحيفة الحراك السياسي، ان المحافظ أمامه عدد وافر من التحديات لعل أهمها أن يكون الهدف المحوري لسياساته القادمة تحقيق الاستقرار النقدي والمالي في النظام المصرفي السوداني ليخاطب بذلك عددا من المشكلات الماثلة خاصة وأن البلاد قد تعمقت فيها الأزمة الاقتصادية على نحو أثرت بصورة مريعة على معاش الناس، ولتحقيق ذلك أكد محمد خير انه لابد من انتهاج سياسة نقدية وتمويلية مرنة وصارمة في ذات الوقت ، وشدد محمد خير على ضرورة ان يوقف المحافظ اي شكل من أشكال الاستثناءات والتي عادة تحدث نتاج ضغوط وتقاطعات القوى السياسية والتجارية في البلاد فتحدث خروقات في ضوابط وموجهات السياسة النقدية والتمويلية ، معتبرها مصاب بلادنا وسبب رئيسي من أسباب ازماته، كما اضاف ان أهم التحديات الماثلة امام محافظ بنك السودان تتعلق بتقوية المراكز المالية للمصارف السودانية، اما بزيادة رساميلها أو بالادماج الطوعي حتى تتمكن وبصورة فاعلة من دفع التنمية الاقتصادية بالبلاد، مؤكدا ان بناء كيانات مصرفية مقتدرة ستعزز الثقة في النظام المصرفي وتوسع مستوى انتشارها وتغطيتها.
وقطع بان التحدي الأكبر هو ضبط الانفلات الحادث في سعر الصرف ومعدل التضخم من خلال سياسة نقدية تضبط الكتلة النقدية بالبلاد وتسد كافة الثغرات التي تؤدي إلى زيادة معدل التضخم وانفلات وتذبذب سعر الصرف ،واشار الى انه في هذا المقام لابد من التنسيق المحكم مع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي (بلا انتقاص لاستقلالية بنك السودان) لتنسج السياسات النقدية على نحو يحقق الأهداف الاقتصادية الكلية ، ورأى انه ينبغي أن يكون الهم الأول لمحافظ بنك السودان تعزيز البنيات التحتية للدفع الالكتروني والشمول المالي إذا أراد بالفعل التحكم في الكتلة النقدية واستقرار عدد من المؤشرات النقدية والمؤشرات الاقتصادية الكلية . واكد ان إعادة الثقة في النظام المصرفي وتقوية مراكزه المالية ستمكنه من بناء شبكة مراسلين تعين البلاد والنظام المصرفي على اجتذاب مدخرات السودانيين العاملين بالخارج على نحو يسهم في بناء احتياطات النقد الأجنبي والذي سيكون له ما بعده. ولفت محمد خير الى انه ولمزيد من التعزيز لاحتياطات البلاد من النقد الأجنبي لابد من ضبط أولويات الوارد وتوفير ميزات تفضيلية للمصدرين ، كما ينبغي أن يولي المحافظ الجديد في سياساته توسعة شبكة التمويل الأصغر ليسهم في معالجة معدلات العطالة المتزايدة وتقليل حدة الفقر في المجتمع السوداني فضلا عن توجيه طاقات الشباب نحو الانتاج. الاستقرار الأمني واشار الى ان واحدا من أهم التحديات كذلك تحريك جمود القطاعات الإنتاجية بإنشاء محافظ تمويلية للقطاعات ليتوافر لها التمويل اللازم لمشاريعها الانتاجية. وليس ببعيد عن حديث الدكتور محمد خير يرى الخبير الاقتصادي الدكتور هيثم فتحي ان نجاح المحافظ الجديد بالتغلب على التحديات مرهون بقدرة الإدارة التنفيذية للدولة على انهاء حالة الانقسام السياسي التي تخيم على البلاد واستعادة الثقة، وضرورة التعاون مع الوزارات الاقتصادية للتنسيق بين السياسات المالية والنقدية ودعم معدلات النمو الاقتصادي، كذلك الاستفادة من التجارب السابقة لمحافظي البنك، إلى جانب التشاور مع كبار المصرفيين العاملين في القطاع المصرفي عبر مناقشة القضايا المهمة حتى تتم مراعاة كل العوامل عند اتخاذ القرارات. وقطع فتحي ان هناك تحديات أخرى ستقف أمام القطاع المصرفي عموما ومحافظ البنك الجديد من خلال الفترة المقبلة على رأسها عودة الاستقرار الأمني والسياسي مرة أخرى وزيادة الانتاج، فاذا تمت تهيئة البيئة الانتاجية والاستثمارية في السودان خلال الفترة المقبلة ممكن ان يرتفع الاحتياطي الأجنبي بعودة الاستثمارات الأجنبية مجددا وزيادة الصادرات وزيادة الانتاج والانتاجية. تحديات كبيرة الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير يرى ان هنالك تحديات كثيرة تواجه محافظ بنك السودان المركزي بحكم ان الفترة الماضية لم يكن هنالك تناقم بين السياسات النقدية والمالية وعدها مشكلة كبيرة استمرت لعقود ،مشيراً الى ان موازنة العام 2022 تواجه بتحديات كثيرة وواضح ان السياسة المالية المتبعة لن تساعد في تنفيذ السياسة النقدية من خلال اصدار قرارات تتعارض مع السياسة النقدية التي تهدف لتحقيق معدل تضخم 202% ، فكيف للبنك المركزي ان يحقق ذلك؟ والسياسات المالية تنساب يوميا بقرارات لا حصر لها وتذبذب في القرارات نفسها وهو ما وصفه بالاضطراب في المشهد الاقتصادي بصورة كبيرة ، بالتالي شدد الناير على ضرورة التناغم والتوافق بين السياسة المالية والنقدية لتحقيق استقرار الاقتصاد.
محاربة المضاربين واستبشر رجال اعمال خيرا بقدوم جنقول محافظا لبنك السودان ، وتوقع رئيس الغرفة الغذائية باتحاد الغرف الصناعية السابق عبدالرحمن عباس ان يعلن جنقول الحرب على مضاربي الدولار من خلال اصدار سياسات تمكن البنك المركزي من السيطرة على سعر الصرف واستعادة العافية للجنيه السوداني ، كما توقع عبدالرحمن ان يتفهم المحافظ ضرورة الابقاء على سياسات نقدية للعام كاملا حتى لا تؤثر على أصحاب الأعمال.