* كان قد (هرم)…. )من أجل لحظة تاريخية).. * ولكنها حين تحققت لم يسعد بها مثل سعادة أحمد التونسي.. * فقد كان يتمنى أن يُكتب له طول العمر… مذ كان شاباً يحب الحياة.. * يحبها بمباهجها… وحسانها… وأسمارها… و(دكَّايها).. * وتحقق لابن منطقتنا ما أراد… حتى بلغ من الكبر عتياً.. * وطفق رفاق دربه يتساقطون واحداً تلو الآخر وهو سائر في الدرب… لا يتوقف.. * لا يتوقف حتى عند (استراحاته) المخصصة لالتقاط الأنفاس.. *استراحة الأمراض… والأسقام… والوعكات.. * ولكن الدرب بدا وكأنه بلا نهاية إلى أن انتبه إلى أنه أضحى بلا (رفيق).. * فقد مات أنداده جميعاً ولم يبق له من يؤنس وحشة مشواره.. * وبدت الحياة من حوله غريبة عليه… وعنه… ومنه… بكل الذي كان يعشقه سابقاً.. * فالأشياء لم تعد هي الأشياء ؛ ولا الأزمان… والأشخاص.. * فما عاد العمدة – مثلاً – هو الآمر الناهي وفقاً لما هو ممنوح له من سلطات.. * وما عادت السواقي تسهم في (أوركسترا) الطبيعة.. *تسهم بأنغام نأيها الحزين إلى جانب الخرير… والحفيف… والتغريد… والهديل.. * وما عادت مساير (الشَعر) محفزاً من محفزات (الشِعر).. *من محفزات التغني بانسدال الليل على جبين القمر لحظة النهوض من الخدر.. * وما عاد (الدكاي) يضاهي المشعشعات… شعشعةً.. *مشعشعات تغزل في تماثلها لعين الديك أبو نواس وأمثاله.. * وما عاد (البوبلين) هو الكساء الذي يحق لمن يرتديه أن (يقدل) في سوق الاثنين.. * وأمسى يتمنى الموت الذي كان يكرهه.. *يتمنى الذي لطالما زجر كل ذاكر له في المجالس… والمساجد…. وحتى المقابر.. * وبقدر مقته للموت زمان…… صار يحبه الآن.. * وطفق يتحدث كثيراً عن حيرته إزاء الذين يعشقون (طول البقاء).. * ويغمغم بكلمات من أغنية ترثى لحال من لم يبق له – من الدنيا- سوى الذكريات *أغنية نوبية في قدم النخيل… والدكاي … والسواقي.. * وما كان يعلم – وأنَّى له – أن المعنى ذاته ورد في قصيدة لشاعر جاهلي شهير.. * فقد قال زهير بن أبي سلمى من قبل : *سئمت تكاليف الحياة ومن يعش… ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم.. * وشبهه بعض مثقفي شباب البلدة بالديناصور.. *ديناصور انقرض كل بني جنسه… وبقي وحده بعد انتفاء مقومات البقاء لأمثاله.. * وما زال كبار السن يذكرون ما استشعره من سعادة حين صادف (اللافتة) أخيراً.. * لافتة غيبية لا تراها الأبصار إلا حين (تشخص).. *أما ما كُتب عليها فهو (انتهى المشوار !!!).