كتبت قبل فترة في مساحتي اليومية بجريدة (حكايات) مقال من جزئين بعنوان (قول على قول) تحدثت فيه عن قصتي (ذات زهجة) مع أجزاء من كتاب يضم جميع حلقات برنامج (قول على قول) الذي كان يعده ويقدمه الأستاذ المرحوم (حسن سعيد الكرمي) والذي ظل يبث لسنوات طويلة عبر هيئة الإذاعة البريطانية .. وكيف أنني قد قمت بإحصاء عدد المستمعين السودانيين الذين راسلوا الأستاذ (الكرمي) سائلين ومستوضحين عن بقية أبيات من الشعر أو عن هوية القائلين بها !.. وكنت قد لاحظت في أثناء تصفحي لأجزاء من الكتاب عدم وجود أثر لمدينة الخرطوم في عناوين المستمعين السودانيين الذين راسلوا البرنامج والذين بلغ عددهم في تلك الأجزاء نحو بضع وخمسين مستمع .. من زالنجي .. وأرقو .. وكسلا .. والأبيض .. وسنار .. وغيرها .. وكيف لاحظت أن أكثرهم مداومة على مراسلة البرنامج هو المستمع ( حسن خليل أبو النور) من (أرقو -الشمالية) ! .. المستمعين السودانيين الموثقة أسماؤهم في تلك الأجزاء من الكتاب ينتمون إلى زمن جميل كانت مراسلات المستمعين فيه إلى الإذاعات تساهم في إثراء الحراك الثقافي .. زمن كان دور الإذاعة فيه توعوي في المقام الأول بالإضافة إلى كونها متعة وتسلية .. برنامج (قول على قول) استمر لعشرات السنين بينما مصير البرامج الإذاعية التي تنتمي إلى نوعيته اليوم هو البقاء لدورة إذاعية واحدة أو دروتين قبل أن يتم إلغاؤها لأن (الجمهور .. أو غيره .. عايز كدا) .. وعندما التقيت بالأستاذ (السر السيد) قبل بضعة أيام للاتفاق على كتابة حلقات إذاعية توعوية ضمن حملة محاربة ختان الإناث .. سألته عن السبب في إيقاف برنامجه الإذاعي الهادف (والصبح إذا تنفس) فكانت إجابته أن البرنامج استمر لدورة إذاعية واحدة هي الدورة قبل السابقة .. ثم تم إيقافه بدون أسباب ! .. برنامج ( والصبح إذا تنفس) عمود إذاعي أنيق مارس دوراً توعوياً هاماً - على قصر عمره - بقضايا على غرار : (الانتخابات .. و .. الفساد .. و .. وثيقة الحقوق .. و .. وثيقة تمكين المرأة التي أصدرها وزارة الرعاية الإجتماعية .. ) .. وعندما تعاونت مع الأستاذ (السر) - في العام الماضي- بكتابة بضع حلقات لذلك البرنامج عن الحرية الفردية .. والترفيه .. وعلاقة الناس بالهاتف النقالة وتأثيرها على سلوكهم ، لاحظت أن البرنامج على الرغم من أهميته ودوره التوعوي كان يبث بعد الساعة الواحدة صباحاً في وقت شح المستمعين ! .. بينما تخصص أوقات الذروة لبرامج (كلام ال يضحكك) . لا بأس ولا غضاضة في الكلام الذي يضحك المستمع .. لكنه يحتاج أكثر إلى برامج توعوية على غرار (كلام ال يبكيك) !