في مصفوفة جداول تنفيذ قرارات وتوجيهات الرئاسة والتي بموجبها تم طي صفحة الخلاف بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وردت عشر قرارات رئاسية. والقرار الرئاسي هو أمر واجب النفاذ خاصة إذا تم النص ووصفه بأنه «قرار» وفي القرار الثامن من القرارات العشر والذي جاء تحت مسمي الإعلام والصحافة ورد القرار في فقرته الأولي وهو ينص على «توجيه الإعلام والصحافة لعكس الأجندة الوطنية لبناء السلام والديمقراطية والترويج لثقافة السلام». وفي هذا النص تكمن أزمة الصحافة وربما أزمة الإعلام في السودان إذ أن رئاسة الجمهورية توجه الصحافة وبقرار ملزم بينما الصحافة في السودان ليست في ملك الرئاسة أوالحكومة الحكومة القومية أي حكومة الوحدة الوطنية ولا حكومة جنوب السودان. بل لا يملك المؤتمر الوطني والحركة الشعبية صحافة وليست لهما صحف ليصدرا قرارا بشأنها. سيكون مثل هذا القرار مقبولا في حق الإعلام والذي تملكه الحكومة ولكن ليس في حق الصحافة. هذه هي أزمة الحكومة مع الصحافة وأزمة الصحافة مع الحكومة إذ تتعامل الحكومة مع الصحافة وكأنها تملكها. وإذا نكثت الصحافة عن الذي تريده الحكومة فإنها تتنصل عنها وترمي بها بعيدا عنها. لماذا تخدم الصحافة الحكومة ؟ وما الذي تريده الصحافة من الحكومة ؟ هذه اسئلة لم تطرحها الحكومة على نفسها حتى تعرف المسافة بينها والصحافة وحتى تؤسس لتعامل صحيح ومقبول مع الصحافة. مثل هذا الفهم الحكومي هو الذي يوقعها في أزمات كثيرة ليس أقلها ولا آخرها أزمة الحكومة في قضية حمى الوادي المتصدع مثلا حيث عجزت الحكومة عن مخاطبة المجتمع وإقناعه بوجهتها إذ أن أجهزة الحكومة تفهم أن الصحافة جزء منها وخادم لها بينما الواقع الماثل والوضع القانوني ليس كذلك. ليس لوزارة الصحة ولا وزارة الثروة الحيوانية إستراتيجية إعلامية أو صحفية واضحة وليس لهم خطط واضحة وليس لهم من يقوم على التخطيط والتنفيذ من الصحفيين. وكل من يجيد الحديث والخطابة ويقرأ الصحف من المسؤولين والوزراء يظن أنه قادر على أداء العمل الصحفي لوزارته. وبعد ذلك تريد الحكومة أن تصدر القرارات والتوجيهات في شأن الصحافة وتريدها أن تخدمها رغم أن هذه الجهات التي أشرنا إليها كأمثلة لا تضع ميزانيات للإعلام وتفعل ذلك لضيافة مكاتب السادة الوزراء.