ما بين الخميس 15 مارس 1945م وحتى يومنا هذا الموافق الخميس 15 مارس 2012م، تاريخ من العطاء الوطني والمهني والإنساني النبيل جسّدته مسيرة (67) عاماً على صدور (الرأي العام) أول صحيفة سياسيّة في السودان، ذلكم الصدور جاء نِتاجاً لتوجه وطني مشهود آنذاك، إذ تزامن مع حراك (مؤتمر الخريجين) الذي كتب تاريخاً جديداً حقّق فيه وطننا معاني الاستقلال والحرية. فمن عراقة التاريخ تستمد هذه الصحيفة وهجها واحترامها ووقارها، ومن بين ثنايا تلكم السنوات تستريح إلهاماً من المد المعرفي في عيون قراء اتخذوا منها أنموذجاً للدقة والرصانة، فقد نصبتها استثنائية البدايات وتراكم الخبرة وعراقة التجربة سَيدةً على مملكة الحقيقة وقبلةً للمهنية، واعتمدتها إرثاً خالداً وقيمة وطنية باهرة الثراء. ف (الرأي العام) التي تكمل عمرها ال (67) اليوم ظلّت عبر كل الحقب التاريخية والوطنية تحافظ على موقعها الطليعي في صدارة الصحف المؤثرة لا تكتفي بنقل الخبر وإنما تسهم في صناعة الأحداث، و(الرأي العام) التي تحبو نحو عامها السبعين بثقة وثبات وشموخ ظلت تعبر بصدق عن نبض هذا الوطن منذ تاريخ صدورها، ناطقاً باسم الحقيقة ومعبراً بلسان هذا الشعب فكسبت الرهان ونالت الاحترام وظلت وستظل الرائد الذي لا يكذب أهله، واستطاعت خلال الفترة الماضية من تاريخ هذا الوطن أن تقود مواكب الوعي والتغيير مستلهمةً من قيم الحق والصدق والرصانة طريقاً للتعبير عن هموم هذا البلد وتطلعات إنسانه. نحتفي بهذه الذكرى اليوم ونحن نُحيي الرعيل الأول من الذين عبروا من هذه المؤسسة التاريخية وفي مقدمتهم الأستاذ الراحل إسماعيل العتباني (الأبروفي الجميل) ومؤسس صحيفة (الرأي العام) وناظر مدرسة (الصحافة النظيفة)، نُحييه ونُحيي أسرته العريقة ونترحّم على روحه وهو يمنح مهنة الصحافة شرعية البقاء في مسام التاريخ السوداني، ويعطي السودان نموذجاً للمهنة القادرة على انتزاع المبادرة والمبادأة في صياغة التاريخ الوطني، وننحني إجلالاً لكل أساتذتنا الذين تسنّموا زمام القيادة أو كانوا جزءاً من ماكينة التحرير طيلة ال (67) عاماً الماضية، ولآبائنا من الرعيل الأول الذين اضطلعوا بمهمة تأسيس وبناء الصحيفة مع عدد كبير من صفوة المثقفين وأبكار الخريجين آنذاك. والتحية في هذا اليوم لقارئ (الرأي العام) المتميز، الذي ظل زادنا في لهاث البحث عن الحقيقة والاستمرار في تقديم خدمة صحفية مُتكاملة تستند على إرث الصحيفة في الرصانة والدقة والصدق، والانحياز للوطن في كل الملمات والمنعطفات. و(الرأي العام)، إذ تحتفي بهذه الذكرى تُجدّد العهد بأن يمتد مشروعها بذات القيم الرصينة التي ميّزت مسيرة هذه الصحيفة وهي تعتمد مبدأ أن تكون داراً لكل سوداني وأن تجد فيها الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسساته الفئوية وسطية وسعة تستوعب الجميع بلا استثناء وصولاً إلى الوطن الذي نريد. كل عام والوطن.. و(الرأي العام) وقراؤها ومهنة الصحافة بألف خير.