صحافة العنف الكلامي الصحافة السودانية عقب الاستقلال مباشرة كانت تميل للعنف الكلامي وذلك لأن الصراع السياسي الحزبي كان عنيفاً فكانت الأحزاب تسعى للكسب الجماهيري مما ولد أدباً سياسياً خطابياً وأصبح الزعيم السياسي البارع هو الأكثر عنفاً لفظياً ، وكان الزعيم الاتحادي يحيى الفضلي يسمى (الدينمو) لفصاحته الأدبية السياسية ولعنف هجائه للساسة الآخرين ، أما الإخوان المسلمون فكان يسن عمر الإمام هو خط الهجوم ضد الخصوم وأشهر عنف كلامي سياسي هو ذاك الحوار القاسي الذي دار بين الشاعر الكبير صلاح احمد ابراهيم و عمرمصطفى المكي ثم ذاك العنف الكلامي بين حزب الامة جناح الصادق المهدي وعمه الإمام الهادي ، حيث كان هناك اسراف في العنف الكلامي ، وبعد نصف قرن يعود هذا العنف الكلامي للصحافة الآن ولكن يدور بين الصحفيين انفسهم ومن الملاحظ ان توزيع الصحيفة يرتفع كلما نشرت هذا العنف الكلامي واسترسلت فيه. العنف والتطهير والسؤال الآن ما هو السبب الأساسي الذي يجعل هذا العنف مادة مقروءة لدى القراء ؟ في كتاب الشعر لأرسطو وهو الكتاب الأساسي لنظريات النقد الأدبي الحديث يجئ قول أرسطو هنا مجيباً على السؤال ولماذا يقرأ القراء هذا العنف ؟ ولماذا يتفرجون على المسرحيات ويقرأون الروايات الأدبية الدرامية التراجيدية المليئة بالوافجع والتي تسيل فيها الدماء. المتلقي لهذه الضروب من الفنون يتلقاها لأنها تخفف من شحنة الانفعالات العنيفة التي تعتمر صدره بالكراهية والعدوانية وهي تعرض صاحبها للهلاك ان لم يجد موضوعاً يتحقق فيه هذا العنف .. فقراءة هذا العنف او مشاهدته يولد حالة من الايهام ويجعلنا نحول مواقعنا من (الفرجة) كفعل سلبي الى ان نتوهم اننا نقوم بهذه الافعال العنيفة وبذا نتطهر من هذه المشاعر السلبية المدمرة للآخرين ولأنفسنا. التطوير والتطور التطور هو فعل يقوم بسبب حركة عنصرين أحدهما ايجابي والآخر سلبي وهذا ما يشكل جدلية التطور بحيث تنتقل المادة في عنصريها الايجابي والسلبي الى حالة اخرى بسبب صراع طرفيها النقيضين. أما التطوير فهو الفعل البشري الذي يحاول تغيير وضع المادة او الموضوع المراد تطويره في اتجاه ان ينبني الموضوع في اتجاه التقدم الى الأمام وهذا يكون بدراسة العوامل السلبية التي تعيق هذا التقدم ثم ابعادها عن مسار حركة هذا الموضوع المراد تطويره. وبذا يكون التطوير هو تحكم الارادة الانسانية في المسار المادي للموضوع كما يفعل العلم او التحكم في مسار الافكار كما تفعل الفلسفة او الادب. الفعل ورد الفعل لذا يمكن ان يكون التطوير هو الفعل في اتجاه ما ، وردة فعل الشروط الواقعية التي تعيق هذا التطور لان التطوير هو ايضاً حركة فعلين ،فهما حركة الفعل التلقائية وحركة الارادة الانسانية التي تحاول التحكم في مسار الاشياء المراد تطويرها. ومن المؤكد ان الذات التي تقوم بفعل تطوير الواقع هي بدورها تخضع لهذا التطوير ذاته ، كما لو ان محاولتها تطوير الواقع هو في ذات الوقت تطوير لإمكانات هذه الذات ، كما هو تطوير لوعي هذه الذات.