يجمع كثيرون على أن جورج كلوني، الممثل والمخرج الأمريكي الشهير، رجل وسيم يتمتع بعينين جذابتين ربما يعتقد الجميع أنهما سبب بقائه عازفاً عن الزواج حتى الآن، ولا يختلف اثنان كذلك على أن الرجل فنان لا يشق له غبار، إذ حاز الرجل على جائزة (أوسكار) كأفضل ممثل مرتين، وحاز مرة واحدة على الأوسكار كأفضل ممثل مساعد ، وأفضل نص مكتوب وأفضل مخرج، فضلاً عن الكثير من جوائز (القولدن غلوب) والجوائز الأخرى الصغيرة، ما يجعل من الممثل ذي الأصول الايرلندية أحد أهم نجوم السينما العالمية، بفضل مواهبه الفنية المتنوعة، وبالطبع بفضل وسامته. نجاح الرجل الوسيم في عالم السينما والدراما وكتابة السيناريو، لا يبدو أنه مبرر كاف لنجاحه بالضرورة في مضمار السياسة، فأولى التجارب السياسية البارزة لجورج كلوني لم يكتب لها النجاح كما يؤكد البعض، فالممثل الذي عرف بمناهضته لحكم الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش والجمهوريين على نحو عام، استثمر نجوميته وشعبيته الواسعة في دعم جون كيري المرشح الديمقراطي السابق لرئاسة الولاياتالمتحدة، استثمارا سياسيا لم يحقق نجاحاً يذكر كما هو معلوم، عقب فوز بوش بولايته الرئاسية الثانية. خيبات جون كلوني السياسية ربما أضيفت إليها خيبة جديدة بعد ظهر الجمعة الماضية، حينما أنقضت شرطة العاصمة واشنطن على الرجل ووالده العجوز نيك كلوني ،وقامت باعتقالهما لرفضهما مغادرة مقر السفارة السودانية حيث كانا مع آخرين يمارسان وقفة احتجاجية ضد ما يعتبرانه ممارسات غير قانونية تقوم بها قوات الخرطوم في جنوب كردفان. يصعب على المتابع معرفة الأسباب الحقيقية التي حملت نجماً كجورج كلوني إلى القدوم إلى دارفور في العام 2006م عبر بوابة تشاد، ويرى البعض أن دوافع الرجل لدخول المشهد السياسي السوداني عبر بوابة دارفور تعود إلى محاولته إرضاء بعض أصدقائه من الناشطين الغربيين المعادين لنظام الإسلاميين الحاكم في الخرطوم، ومن أبرزهم صديقه الكهل ذو الشعر الطويل وأحد أكبر خصوم الإنقاذ جون برندر جاست، فيما يرى آخرون أن كلوني صاحب الواحد والخمسين ربيعاً، مثله مثل كثير من النجوم ورجال المجتمع الغربيين يمتلكون وجداناً ضعيفاً أمام الحروب في أفريقيا، وليس غريباً بالتالي أن ينخرط كلوني، ابن الصحفي نيك، في نشاط داعم لضحايا الحرب في السودان. قبل اعتقاله بساعات قليلة، ظهر جورج كلوني على شاشة قناة (فرانس 24) الانجليزية ظهر الجمعة الماضي، وتحدث من استديو في أمريكا وهو يرتدى ربطة عنق أنيقة وسترة هادئة اللون، وإلى جانبه صديقه ورفيق معركته جون برندرجاست. وكشف الممثل أثناء المقابلة عن رحلة قام بها إلى منطقة جنوب كردفان انطلاقاً من دولة جنوب السودان حيث عبر الحدود شمالاً نحو جبهة القتال، واتهم ? برفقة برندرجاست ? الحكومة السودانية بممارسة سياسة قصف المدنيين في جنوب كردفان حالياً، وفي دارفور سابقاً. وقال إن الخرطوم ترتكب جرائم في المنطقة. وأقر كلوني الذي تحامل كثيراً على الحكومة بوجود متمردين يقاتلون القوات النظامية، لكنه ذهب إلى أن القوات الحكومية تقوم بعمليات استهداف للمدنيين لمعاقبتهم على تأييد قوات التمرد، وأيده في ذلك برندرجاست، وعرضت القناة أثناء المقابلة لقطات من فيديو قال كلوني إنه صوره في جنوب كردفان، يظهر فيه وهو يتجول داخل أحد معسكرات القوات المتمردة، حيث يجلس المقاتلون في دائرة واسعة غير مكتملة وهو في وسطهم، وفي الخلفية بعض الأشجار تتحرك بينها ببطء دبابة تابعة للمتمردين، وعرضت القناة لقطات أخرى لكلوني وهو يداعب طفلاً شبه عار، ويتفقد حفرة كبيرة خلفتها إحدى القذائف. زار كلوني دارفور مرة ثانية قبل أعوام قليلة، كما زار جنوب السودان بعد الانفصال، ويعتبر الرجل أحد أكبر الداعمين لاستقلال دولة الجنوب، كما انخرط في الآونة الأخيرة في حملة واسعة للضغط على الحكومة الأمريكية لإجبار الحكومة السودانية على وقف ما يصفه بأنه (جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان)، وفي هذا السياق التقى بالرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الخميس الماضي، والتقى بمجلس الشيوخ. نجاح مساعي كلوني الحالية لإقناع البيت الأبيض بممارسة المزيد من الضغوط على الخرطوم كي توقف العمليات العسكرية موضع شك، ورغم أن الرجل يمتلك علاقة قوية مع أوباما تعود إلى الأيام التي كان فيها أوباما سيناتوراً ديمقراطياً يدعم الناشطين الأمريكيين في قضية دارفور، إلا أن معظم المحللين يستبعدون تأييد واشنطن للتمرد الجديد في الشمال، وإن كان ذلك لا يعني أنها ستكف عن مطالبة الخرطوم بفتح الطريق أمام أعمال الإغاثة وإظهار المزيد من الاحترام لحقوق الإنسان في مناطق النزاعات. البعض يرى في النشاط السياسي المحموم لنجم هوليوود الشهير محاولة للتحول من التمثيل والفن إلى ممارسة السياسة على نحو محترف كما يلمح إلى ذلك مقال عن الرجل بموسوعة (وكيبيديا) الإلكترونية، سيراً على خطى زميله أرلنولد شوارزينغر نجم هوليوود الذي عرف في السودان بفيلمه (ترمنيتر) أو المدمر، وأصبح حاكماً لولاية كاليفورنيا، تلميح قد يعني في حال صحته أن جورج كلوني يحاول الدخول إلى سباق السياسة الأمريكية عبر إجراء القليل من الإحماءات تحت سماء أفريقيا الساخنة، وبالتحديد في دارفور، وجنوب كردفان. ولكن فيما يبدو فإن نجاح كلوني في التمثيل يقابله فشل كبير في السياسة ،حيث قدم في زيارته الأخيرة لجنوب كردفان عبر نافذة الجنوب، أسوأ أفلامه على الإطلاق فيما يبدو.