تابع الإعلام الغربي (بشراهة) خبر النمساوي الذي حبس ابنته في قبو منزله ل «24» عاما، وعاشرها معاشرة الأزواج وأنجب منها سبعة أطفال. الغرب لم يستقر على حدود ثابتة في موضوع العلاقات الثنائية الحميمة بين الرجل والمرأة، صحيح هو استقر على شيء واحد هو أن تتم أية علاقة ثنائية برضا الشخصين المعنيين ولكنه لم يستقر على طبيعة العلاقة وحدودها. فالرجل والمرأة برضاهما يمكن أن يقيما علاقة حميمة داخل مؤسسة الزواج أو خارجها، وتستطيع المرأة أن تكون متزوجة وتنجب من رجل آخر، ويمكن أن يتصارع رجلان على أبوة طفل إذا كانت المرأة على علاقة مع الرجلين في وقت واحد بحيث اختلط عليها لمن ينسب الطفل الذي حملت به أثناء علاقتها المزدوجة بالرجلين. فإذا انسحب أحد الرجلين من أبوة الطفل وقبل به الآخر يصبح أباه ويعطيه اسمه. قبل ثلاثة عقود كان السؤال الأول والمشترك الذي يوجه للمستشار الألماني فيلي براندت بعد أي حديث عام هو : هل صحيح ما يقال عن أنك ابن حرام؟. فكان يرد ببرود وبلاغة : تعرفون أن كل شاب وفتاة متفقان على الزواج يقيمان بينهما علاقة حميمة. وعندما خطب أبي أمي أقام معها مثل هذه العلاقة لكن قبل إكمال مراسم الزواج ذهب أبي إلى الحرب ولم يعد، لكن أمي كانت قد حملت بي منه وولدتني في غيابه. كلمة ابن حرام كانت مستخدمة بشكل عادي حتى قبل ثلث قرن لكنها أصبحت الآن من ثقافة الماضي ولا تستخدم الآن. إذن فإقامة علاقة بين رجل وامرأة خارج مؤسسة الزواج تماما مثلها مثل العلاقة داخل مؤسسة الزواج. فقط يكون الحرج إذا أقامت المرأة علاقة مع رجل وهي مرتبطة برجل آخر بالزواج. لكن كثيرا من الرجال الآن (يتفهمون) وضع الزوجة التي تقيم مثل هذه العلاقة ما دام الزوج يفعلها، أو إذا كان الزوج مريضا أو عاجزا جنسيا، لكنه في نفس الوقت لا يريد أن يخسر بيت الزوجية ولا هي تريد. فالضجة التي أثيرت في حالة هذه الأسرة النمساوية ليس بسبب العلاقة الحميمة بين الرجل وابنته وإنما لسبب آخر هو حبس هذه البنت ل (24) سنة أقام فيها هذه العلاقة الحميمة وأنجب منها. سلب حرية شخص آخر هو سبب المشكلة. ولأن الحريات المدنية، سياسية كانت أو اجتماعية، هو الأساس الراسخ في الثقافة الغربية، ولا يتصورون أن شخصا عاقلا يمكن أن يفعل ذلك بإنسان آخر مثله. ولذلك جاء في آخر المتابعات الإخبارية حول الموضوع اتهم الرجل بأنه مختل عقليا. وبعد .. الحرية الشخصية في الثقافة الغربية محور ثابت وما عداها يتغير. وبالطبع هي ليست حرية مطلقة لكنها مسورة بأسوار القانون، لكن القانون نفسه مسور بأسوار تلك الحرية.