يبدو أن مفهوم الأمن الانساني أخذ في الاتساع المضطرد بسبب زيادة المخاطر التي تهدد الحياة الانسانية. وواحدة من اشد هذه المهددات المفضية للموت بصورة مليو درامية حوادث المرور التي تبلغ احيانا مرحلة الكارثة «ميتة وخراب ديار». منتدى منظمة مبادرة الأمن الانساني «مأمن» عبر دورته الراتبة قدم ثلاث اوراق عمل في ندوته «الحوادث المرورية وآثارها على الأمن الانساني» بقاعة اتحاد المصارف ناقش خلالها المهددات الناخرة في عظم المجتمع جراء هذه الحوادث. وفي قراءة سريعة لمؤشر الحوادث المرورية الآخذ في الارتفاع والآخذ معه المزيد من الارواح، قدمت سهير مهدي من منظمة «مأمن» جملة من الارقام تلخص الخطر الكامن في الطريق مزعزعاً أمن الناس. فالخرطوم وفقاً لما قالت سهير تمثل اعلى نسبة لحوادث المرور بين العواصم العربية وتحتل المركز ال «31» من بين مدن العالم وتسجل مخالفة كل دقيقة فيها وثلاث حالات وفاة كل «42» ساعة وعشر اصابات جسيمة كل ثلاث ساعات. ورغم زيادة عدد المركبات من «841» ألف مركبة في العام 4891 إلى «004» ألف مركبة في العام «4002» وعدم مواكبة الطرق للمواصفات العلمية لمقابلة هذه الزيادة الا أن عميد شرطة مهندس د. طارق عبيد من الادارة العامة للمرور نفى ان يكون ذلك سبباً من اسباب الحوادث. واوضح انه يتسبب في الازدحام المروري والاختناقات لا حوادث الطريق والتي حسب د. طارق لا تحدث عشوائيا. واشار إلى أن السلامة المرورية هدف يمكن تحقيقه ودلل على ذلك بان «06%» من عدد المركبات في دول العالم تتركز في دول العالم الصناعي، الا ان مجموع الحوادث المفضية للموت لا تتجاوز «41%». واوضح ان «58%» من حوادث المرور المفضية للموت في السودان يتسبب بها مستعملو الطريق فيما تتسبب المركبة والطريق في وقوع «7%» منها. وفي السنوات العشر الاخيرة ازهقت ارواح «75711» شخصاً جراء حوادث المرور واصيبت «35873» نفساً باصابات جسيمة و «07756» اصابات بسيطة والاضرار الاخرى كانت جملتها «170695». وفي خطة التوعية المرورية التي تستهدف مستعملي الطريق لتقليل الحوادث اوضح العميد د. طارق إن ربط حزام الامان الذي لا يتجاوز في فهم البعض مجرد «فخفخة» يقلل نسبة الوفيات والاذى بنسبة «06%» ، والالتزام بارتداء الخوذة لراكبي الدراجات يقلل من نسبة الاصابات في الدماغ بنسبة «07%» فيما رفع استعمال الهاتف النقال فرص وقوع الحوادث المرورية بنسبة «004%». عمر الفاروق احمد الامين مساعد العضو المنتدب للاكتتاب من شركة شيكان للتأمين وإعادة التأمين التي قامت برعاية المنتدى قال ان تعويضات المصابين في حوادث المرور في المركز الرئيسي للشركة فقط في السنوات الاربع الاخيرة لحوادث الوفيات «ديات» والاذى الجسيم «تعويضات» كلفت الشركة «21.134.74» جنيهاً واضاف فتح الرحمن عبد الله في ذات الشركة ان ضعف الوعي والثقافة المرورية للمواطنين تفاقم من وقوع الكارثة. فحين بدأت الشركة في تثبيت الشواخص الضوئية في العامين المنصرمين في تجربة اولى لتقليل المخاطر على الطريق في المنطقة بين الجيلي والخرطوم وكلف ذلك الشركة «002» مليون جنيه. قام المواطنون بنزع الشواخص وتركيبها على سياراتهم الخاصة وعربات الكارو. محمد احمد محمد ابراهيم المدير الفني لشركة البحر الاحمر للتأمين اجمل عناصر الخطر في ثلاثة هي الطريق والمركبة والسائق. واشار الى القصور الواضح في الثقافة المرورية التي تبدأ من التعديل الذي يتم على المركبة وغير المطابق للمواصفات وإلى عدم الصيانة وقطع الغيار المقلدة والعمالة غير الماهرة والسائق المرهق. الا أن الحضور شنوا هجوما على شركات التأمين وإدارة المرور. الاولى انطلاقا من سؤال جوهري عما اذا كانت شركات التأمين جاءت لدفع ثمن الموت ام الحفاظ على حياة الناس، ورويت قصص كثيرة عن عدم المبالاة التي يبديها بعض مرتكبي الحوادث مهما كانت مأساويتها وقالوا ان البعض ينفض الغبار بعيداً عن نفسه ويتكيء ليدخن سيجارته بحجة ان لديه وثيقة تأمين. اما إدارة المرور فتهمتها الثابتة إنها تبذل جهداً لجمع الربط المطلوب منها اكثر من اهتمامها بنشر التوعية. عثمان عربي الامين العام لمنظمة «مأمن» قال ان اجنبية لم يسمها حين ارادت ان توضح عدم تحضر الخرطوم قامت بعرض صورة لسيارة تتهاوى في وسط شوارع الخرطوم بلا لوحة مرورية كشاهد اثبات. وفي ختام المنتدى اوصى المتحدثون بالتطبيق الصارم لقانون المرور مع ادخال تعديلات جوهرية عليه، ومواصلة حملات التوعية المرورية بدءاً بادخال المرور كمادة تدرس ضمن المناهج التربوية.