وصل الخرطوم يوم الجمعة الماضية وزير التجارة والصناعة ووزير الزراعة بالمملكة العربية السعودية وقيل إن الزيارتين تأتيان في إطار الشراكة الإستراتيجية بين البلدين وبمقتضيات المرحلة التي تشهد أزمة غذائية طاحنة في جميع أرجاء العالم. وفي أواخر أبريل الماضي نشرت الأخبار خبرا صغيرا يقول إن شركتين سعوديتين هما شركة القصيم وحائل الزراعيتان قررتا استثمار (100) ألف فدان في السودان لزراعة القمح اعتبارا من أكتوبر المقبل بواقع خمسين ألف فدان لكل شركة. هذان الخبران جاءا استكمالا لخبر آخر يقول إن وزير الزراعة بالولاية الشمالية الدكتور أحمد البدري قام بجولة في المملكة العربية السعودية طاف فيها بعدد من المدن السعودية لتسويق مشاريع زراعية في السودان، واتصل بعدد من الشركات الزراعية وبعض كبار المستثمرين المهتمين بالاستثمار الزراعي في المملكة. وقال الخبر إن المباحثات مع الشركتين تمحورت حول زيادة استثمارات الشركتين في السودان باستخدام التقنيات الحديثة في زراعة القمح. لعل أهم ما في الخبر الحديث عن تطوير الزراعة في السودان بإدخال التقنيات الحديثة، إذ بالرغم من امتلاك السودان لأهم متطلبات الزراعة وهو الأرض والماء إلا أن الزراعة في السودان لا زالت تسير بالطريقة التقليدية القديمة. ولذلك يبدو أن أهم ما في شروط العقود الزراعية التي توقع مع الشركات الأجنبية هو إدخال التقنيات الحديثة بشكل مفصل في صلب هذه العقود. قبل عدة أسابيع اطلعنا مع بعض الصحفيين على مشروعين لإنتاج تقاوي البطاطس والقمح. تقاوي البطاطس وفرت لها حوالي خمسة آلاف فدان في منطقة أمري الجديدة وقيل إن الاتجاه هو توفير كامل لتقاوي البطاطس التي يحتاجها السودان خلال أربع سنوات، أما القمح فقد استنبطت الأبحاث الزراعية نوعية تتناسب مع مناخ السودان. وقالت مصادر المعلومات إنهم يستطيعون الآن توفير اثني عشر ألف طن من تقاوي بذور القمح المحسنة في العام، وستزداد الكميات باطراد. طبعا كما هو معلوم فإن العمل الاقتصادي لا تحركه العواطف وإنما الفائدة المادية التي يجنيها المستثمر. وكانت شكاوى المستثمرين الأجانب في السودان من شيئين : شروط الاستثمار التي لا تنافس شروط الاستثمار في البلاد الأخرى، ثم العقبات التي توضع أمام المستثمرين لإكمال عمليات الاستثمار بسبب سوء الإدارة. المطلوب الآن، وقد تزايد الطلب على الاستثمار الزراعي في السودان، أن تبحث الجهات المسئولة في حلول علمية لهاتين المشكلتين ولمشاكل الاستثمار الأخرى. وبعد .. لا نقول إن مصائب قوم عند قوم فوائد ولكن نقول إن أزمة الغذاء التي تجتاح العالم هذه الأيام وجهت أنظاراً كثيرة للاستثمار الزراعي في السودان بحيث أصبح في الإمكان الخروج بمقولة إن السودان سلة غذاء العالم من حيزها النظري إلى وجهها العملي .. دعونا نأمل.