حتى الآن وبالرغم من مرور ما يقارب الثلاثة أسابيع على الهجوم على أم درمان يبدو موضوع الهجوم هو الموضوع المفضل لكل حلقات النقاش في الشارع العام. تنقلت النقاشات بين مختلف الموضوعات. مثلا الآن الموضوع الرائج في النقاش حول قائد المحاولة خليل إبراهيم، هل لا يزال على قيد الحياة،؟ وأين يكون؟. قبله كان النقاش منحصرا حول هل بالفعل يشكل تهديد قائد المحاولة بتكرار المحاولة، بمعنى هل نتوقع غزوا جديدا في المستقبل القريب أو البعيد؟. وقبله نال موضوع : هل قاد خليل بالفعل العملية من داخل أم درمان حظه من النقاش؟. وقبله تركز النقاش حول أهداف العملية، هل هي للاستيلاء على العاصمة أم هناك أسباب أخرى؟ .. وهكذا. الآن ينتقل النقاش لموضوع لا يخلو من عمق. عملية الهجوم تبدو معقدة لاشتراك أكثر من جهة في تنفيذها. فقد كثر الكلام عن (الخلايا النائمة) داخل العاصمة كعنصر مهم في التنفيذ، وتكلم الخبراء عن عدة أدوار يمكن أن تقوم بها هذه الخلايا في مجمل تنفيذ العملية. وكل واحد من هذه الأدوار يحتاج لمواصفات معينة عند التنفيذ. لكنها كلها تحتاج لمواصفات عالية يبدو أن بعضها غير متوافر حاليا في السودان. مثلا الالتزام بالزمن (لحد التزمت) عنصر مهم عند التنفيذ لكنه غير متوافر عند السودانيين. حتى الآن لم يتكلم الناس عن جوانب محددة أفشلها الخلل في الالتزام بالزمن. وعدم الكلام عنها قد لا يكون بسبب أنها تسببت في خلل محدد ولكن لأن الناس عموما لا يتكلمون عنها لعدم إدراكهم لخطورتها. هناك موضوع الخلايا النائمة أو الطابور الخامس أو بأي اسم يسمونه. هو أيضا من الموضوعات التي يكثر الكلام عنها في هذه الأيام. فهذه الخلايا لا يبدو أنها استيقظت لتقوم بدور معين. هل الأمر هكذا، بمعنى هل هناك خلايا نائمة في الخرطوم واستمرت نائمة في وقت الحاجة إليها؟، أو أنها أوقظت لكنها لم تفعل شيئا يذكر، أم أن الأجهزة الأمنية قللت من فعالية هذه الخلايا. فقد ترددت أنباء كثيرة عن أن الأجهزة الأمنية كانت متيقظة لما حدث قبل عدة أيام من حدوثه. هذا الجدل تحسمه نتيجة عامة هي القول بأن هذه الخلايا لم تقم بدور ملحوظ في العملية، لدرجة دفعت البعض للتساؤل : هل كانت هناك خلايا معدة داخل الخرطوم لتقوم بعمل محدد في مجمل العملية العسكرية، أم أن الأمر في جملته مسألة افتراضية. وبعد .. أسئلة جديدة تضاف إلى الأسئلة القديمة من المؤكد أن الجهات الأمنية والعدلية توصلت في تحقيقاتها للإمساك برؤوس خيوط كثيرة عنها. لكن اجتهاداتنا الخالية من المعلومات والتي لا تكف عن طرح الأسئلة قد تقود الرأي العام في اتجاه آخر. العلاج هو جعل هذه الاجتهادات مفيدة ومأمونة بتقريبها من شبكة المعلومات لكبح جماح العقل الفالت.. هذا ما أختم به.