تجلى الاحتفال الذي جرى في قاعة الصداقة بالخرطوم، واعتمد من خلاله خارطة الطريق لعودة النازحين وتنفيذ بروتوكول ابيي، قومي الترتيب والطرح والتناول والمزاج ، كما ان اللافت ان الاحتفال اعاد مشاهد نيفاشا في يومها الاخير، حين رفع الزعماء كتاب السلام. اما الايام التي بذلت في سبيل اعداد الخارطة، فلا تختلف كثيرا عن ايام، مشدودة انفقها المفاوضون من الطرفين في نيفاشا، لحل عقدة الملف، عبر البروتوكول . كما يمكن النظر الى نصوص خارطة الطريق، بحرصها على تسمية الاشياء باسمائها، على انها مراجعة ثالثة لبروتوكول ابيي، بافتراض ان الاولى كان البروتوكول، والثانية هو التعديل الذي جرى في المادة« 5/ 1 » في البروتوكول، وهو التعديل، الذي اتى بمفوضية ابيي وتفاصيل تشكيلها، وخبراء ابيي وصلاحياتهم. ومن حيث الشكل، جاءت خارطة الطريق، التي دشنت وسط زخم مركزي ومحلي بائن، مشابهة لما جاء في المصفوفة عن ابيي: تحديد عمل مشترك، ولجان مشتركة، وتفاصيل لعمل ميداني، وجداول زمنية، ولغة تؤكد على روح الفريق الواحد للشريكين. ولكن الخارطة جاءت بمضمون جديد.«لنج». اضاف بندا جديدا لبروتوكول ابيي، يتمثل في اللجوء الى تحكيم محلي، يتفق عليه الطرفان، عبر ما اشارت اليه الخارطة ب «مشارطة التحكيم»، إذا فشل الطرفان في التوصل خلال الإتفاق حول هيئة التحكيم أو مشارطة التحكيم أو مرجعيات التحكيم أو قواعد تسييره يسمى الأمين العام للمحكمة الدائمة للتحكيم في لاهاي، خلال خمسة عشر يوماً، هيئة تتولى التحكيم وتضع القواعد والمرجعيات الإجرائية وفقا لقواعد محكمة التحكيم الدولية والأعراف الدولية المرعية.هذا البند الجديد: التحكيم بشقيه، لابد ان التوصل اليه كلف الطرفان جرأة، وجدارة، وكثيراً من التوكل والمجازفة. بند التحكيم بمثابة قرارا بإنهاء لعبة ابيي، ولو بضربة الجزاء، وبذلك عالج البند، وبشكل جذري، المشكلة الفيروسية الكامنة في جسم الشراكة بعدم قدرتهما، على تنفيذ ما يتفقان عليه بشأن حل ازمة المنطقة، على طول المسافة بين التوقيع على البروتوكول والمصفوفة، مرورا بجملة من الحزم والمقترحات وضعت لإقالة عثرة المنطقة. الطرفان قالا في خارطة الطريق:علينا ان نحاول وان لم ننجح فلننه اللعبة في لاهاي. اذا استمرت روح الشراكة على تجليها في الاحتفال، يمكن القول ان الشريكين بوسعهما السير، معا، على «طريق» الجديد لحل مشكلة ابيي، يتجاوزان الخيران والحفر والمطبات، ودونما ضرب على الحزام، الى ان يصلا الى نهاية الطريق «حبيا». ونهاية الطريق «حبيا» حسب الاتفاق، ليس اكثر من انجاز التحكيم المشارطة، نصا: من طق طق للسلام عليكم، ولكن تجربة الشراكة في خضم نيفاشا، علمتنا ان الشريكين، لهما، ايضا، قدرة فائقة على تفريغ روح شراكتهما من مضامينها الرائعة، بأيديهما، وإحالتها الى اتهامات و تناحر، و«مطالعة»، ثم معارك، كما حدث في ابيي اخيرا، وكما حدث في السابق في ملكال. يعتقد الطرفان ان اتفاق خارطة الطريق، بلا ضمانات مكتوبة، سوى ارادة الطرفين في الوصول به الى نهاية المطاف، فضلا عن نصوص الاتفاق، والاشارة هنا تتجه، على ما يبدو، صوب بند التحكيم في لاهاي، ولكن من يضمن ألا «ينط » اي طرف من الطرفين من قرار لاهاي. المنطق« الايجابي» لاية شراكة يحتم عدم وصول الطرفين الى نقطة التحكيم، غير ان عدم الثقة بين شريكي نيفاشا ينفي«الايجابية» في التعاطي مع عقد نيفاشا، مثل عقدة ابيي، لذلك ليس من المستبعد ان يصل الطرفان محطة لاهاي.