من اشتراك اشترى للجرح غمداً وللأحزان مرثية من اشتراك اشترى مني ومنك تواريخ البكاء وأجيال العبودية ومن اشتراك اشتراني يا خلاسية. هذه الأبيات من قصيدة «بعض الرحيق انا والبرتقالة أنت» لشاعرنا الكبير وأستاذنا وصديقنا محمد المكي ابراهيم ردّ الله غربته، وشاهدنا فيها البيت الذي قال «تواريخ البكاء وأجيال العبودية»، أما المناسبة فهي فوز السناتور «الخلاسي» باراك أوباما بترشيح الحزب الديمقراطي، وقد أظهر أستاذنا ود المكي سعادته بهذا الفوز الكاسح، في مقال له نشرته صحيفة «الأحداث» الغراء ونحن مثله كذلك سعداء بهذا الفوز، وسوف نسعد كثيراً إذا دخل هذا الخلاسي البيت الأبيض، كيف لا ونحن الذين أحببنا الآنسة كوندي «35» سنة، وأعجبنا بكولن باول «الحلبي المنفخ»، لأن الكلام ع اللون، فالقضية يا جماعة الخير ليس موقف أوباما من العرب أو اسرائيل، أو دارفور أو سد كجبار، فكل هذه الأشياء تحكمها المؤسسة الأمريكية ومعروف من يتحكّم في هذه الموسسة انما القضية قضية لون بشري، تعرض أصحابه «لتواريخ البكاء وأجيال العبودية»، نعم سوف يدخل أوباما البيت الابيض، وبشروط القوى المسيطرة على السياسة الأمريكية، وسيكون رأسماله «طلقة» أو «فضيحة»، إذا حاول اللعب «بديله»، وعلى أحسن الفروض سيكون «بيضة ديك» أي مرة في العمر يكمل دورته و«يتّكل على الله»، هذا اذا إنصاع وتأدب لتلك المؤسسة، ولكن الأثر على المدى البعيد سوف يظهر على السود الأمريكان، وكل السود في كل الدنيا، فالدفقة المعنوية العالية التي سوف ينعم بها باراك أوباوما على السود سيكون لها ما بعدها. طرح أحد الأساتذة الأجلاء رأياً مفاده أننا نحن في السودان محتاجون لأوباما سوداني «خلونا نشوف أوباما سيد الاسم بيعمل شنو حتى نفكر في استنساخ تجربته»، لكن ومع ذلك نقول إنه من ناحية نظرية بحتة وبالمقاييس الدولية فنحن لسنا في حاجة لأوباما لأن كل الذين حكموا السودان «أوبامات» من صلب الشعب السوداني، الذي كله أوبامات إلاّ جماعة المعسكر الذين عناهم راحلنا المقيم صلاح أحمد إبراهيم، في قصيدته التي يقول مطلعها: «سوف اتركها بلادي نيلها ما عاد كوتر...»، المهم مافي داعي لتقليب المواجع فلو وضعنا صورة أوباما وسط صور لكل من الازهري وعبدالله خليل وابراهيم عبود وسر الختم الخليفة والنميري والصادق والمحجوب وعمر البشير وسوار الدهب والجزولي دفع الله «ياربي نسيت زول؟؟» سوف نجد كل الرؤساء السودانيين أكثر افريقية في ملامحهم من أوباما الذي سيظهر بأنه الحلبي الوحيد، كيف لا وأمه بيضاء من غير سواد، والوالد من غابات كينيا. ولكن ورغم الذي تقدم لا يمكننا أن ننكر إن الرئاسة في السودان منذ الإستقلال وإلى يوم الناس هذا لم تعمم على كل أقاليم السودان، فالمؤسسة الحزبية لم تشهد تنوعاً جغرافياً في قيادتها، لأنه لا يوجد تداول للرئاسة فيها «الميرغني، الصادق، الترابي ونقد»، كلهم «أربعين» سنة رئاسة، كذلك الانقلابات العسكرية، لانها قامت بدفع من الاحزاب لم تشهد تنوعاً جغرافياً في قيادتها «فهذه من تلك»، عليه يمكننا القول إنه يمكن وبكل بساطة ان يكون هناك رئيس للسودان من خارج الوسط النيلي اذا وضعت الأحزاب السودانية على قيادتها نفر من تلك الأقاليم، فالشغلانه لا تحتاج إلى «أوبامية» ولكن المشكلة في ان العنف السائد هو الذي يمنع أو يعرقل هذا التوجه، ودعونا نعمل من أجل هذا التوجه الجديد وبكل سلاسة مستعينين بتجربة علي عبداللطيف وافكار الترابي في هذا الامر.