اولمبياد ضخمة، نجحت الصين في إخراجها بصورة مذهلة كانت ترتيباتها وفعالياتها حديث الدنيا من أدناها الى أقصاها، بعد ختام الاولمبياد الذي استحوذ على كل الاهتمام خرجت الصين لمتابعة مواقفها السياسية بعيداً عن الرياضة، ليصل مبعوثها الخاص للسلام في السودان الخرطوم بعد أكثرمن ستة أسابيع من اصدار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو مذكرة بتوقيف الرئيس البشير، حيث وصف ليو قوي جين مبعوث الصين الخاص للسلام في السودان طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية توقيف الرئيس البشير بأنه لا يصب في مصلحة إيجاد حلول للمشكلة بل سيزيدها تعقيداً، وأعرب عن قلق بلاده حول الطلب. أضاف ليو لدى وصوله مساء أمس الأول الخرطوم أنه سيبذل كل الجهود مع الاطراف السودانية والاقليمية والدولية كافة لإيجاد الحلول لمشكلة دارفور دون ذكر تفاصيل، وبهذا يكون موقف الصين حتى أمس الأول وقبل ان يبدأ المبعوث الصيني لقاءاته بالمسئولين في الحكومة، عبارة عن قلق رسمي من موقف مدعي المحكمة الدولية، الى جانب جهود أخرى لدفع العملية السلمية. والصين التي جاء مبعوثها للخرطوم بعد ختام ألعاب الاولمبياد التي حرصت فيها على المحافظة على الحشد الدولي ونجاح الدورة، يرى كثير من المراقبين أنها لا يمكن أن تقدم أكثر من هذا القلق رغم الخصوصية والاهتمام الذي يجده المسئولون الصينيون من الحكومة في أعلى مستوياتها، ويؤكد د. ابراهيم ميرغني أستاذ العلاقات الدولية في كلية العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري وجود ضغوط مستمرة على الصين من الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا بسبب مواقفها تجاه السودان، خاصة فيما يتعلق بقضية دارفور وحقوق الإنسان، وتعتقد هذه الدول أن ذلك يعارض مواقف المجتمع الدولي، وأضاف ل «الرأي العام» ولكن الصين لديها مصالح في السودان ولا تريد أن تخسرها، إضافة الى أن السودان بموقعه الجغرافي كأكبر دولة في إفريقيا سيمهد للصين علاقات إفريقية وعربية مما يؤكد أهميته بالنسبة إليها، ومع ذلك يشير ميرغني الى أن مصالح الصين مع المجتمع الدولي وأمريكا تحديداً أكبر من السودان بكثير خاصة في مجال التجارة، الى جانب أن الصين لا تريد أيضاً أن تكون نشازاً في مواقفها كدولة عظمى تريد أن تنسجم مع الموقف الدولي العام، كما أنها لن تقبل عزل الولاياتالمتحدة لها في هذا الجانب، لذلك تسعى لخلق نوع من التوازن يحفظ لها مكانتها وسط الدول العظمى مع احتفاظها بمصالحها الأخرى. الحكومة يبدو أنها لا تريد أن تبني آمالا على موقف صيني أعمق من الموقف الظاهر للصين، خاصة فيما يتعلق بمذكرة أوكامبو التي خرجت قراراتها الأولى من مجلس الأمن وفي حضور مندوب الصين. فاكتفى د مطرف صديق وكيل وزارة الخارجية الذي استقبل المبعوث الصيني في المطار بالإشارة الى أن الزيارة ستبحث سبل تعزيز السلام في دارفور وتسريع نشر الهجين وتهيئة الأجواء بدارفور لعودة الأمن والاستقرار. لكن د. أمين حسن عمر وزير الدولة بوزارة الشباب والرياضة، القيادي بالمؤتمر الوطني بدا أكثر وضوحاً في تفهم الموقف الصيني، ووصف ل «الرأي العام» زيارة المبعوث الصيني للخرطوم الآن بالعادية والروتينية، وقال إنها لا تمثل أية خصوصية وتأتي في إطار عمله كمبعوث للسلام في السودان يتابع من خلالها عدداً من الملفات، ورفض د أمين ما وصفه بالشكوك التي يروجها البعض حول مواقف الصين تجاه السودان. وقال إنها مواقف قوية وداعمة للسودان، وشدد على أن الصين تقف دائماً ضد التدخل في شئون الدول الأخرى من حيث المبدأ، وأضاف أن العلاقات بين الدول تحكمها المصالح. وأشار الى أن السودان تربطه مصالح بالصين وكذلك الصين لديها مصالح في السودان الى جانب اتفاق حول رؤى ومبادئ يحكمها قدر من الانسجام الذي أكد د. أمين انه سيستمر قائلاً: «لا أعتقد أن هناك سبباً لتوقع غير ذلك ». مراقبون يصفون العلاقة بين السودان والصين كسائر العلاقات بين الدول الكبيرة والدول الصغيرة، فالأولوية دائماً للمصلحة الأكبر، مع الاحتفاظ بماء الوجه في بعض الحالات وخيط آخر رفيع يربط المصالح الأقل. وهكذا تظل الصين تشجب وتقلق من كل الأحداث المقلقة في السودان، ولكنها تحتفظ بالعلاقة الطيبة والمصالح المشتركة مع الضحية والجلاد معاً.. ويظل المبعوث الصيني للسلام إضافة الى عدد آخر من المبعوثين الآخرين من الدول العظمى للسلام في السودان لا يمارسون أكثر من مهمة روتينية كما ذكر د. أمين حسن عمر.