في العشرة الاواخر من مايو الماضي هطلت امطار غزيرة في انحاء متفرقة من ولاية النيل الأبيض ، ورغم مرور نحو خمس سنوات، إلا ان حكايات وروايات العامة عن خريف عام 2007م بلغت حد (الركب)، ففي خريف ذاك العام محت السيول المندفعة بقوة من الناحية الشرقية لحاضرة الولاية حي (الرواشدة) من الخارطة الجغرافية ، صحيح ان اجزاء واسعة من الولاية عانت من السيول والأمطار الغزيرة ، ولكن حال حاضرة الولاية ، بكل ما تعنيه من رمزية سلطوية ، كان له وقع في ظل الخسائر الكبيرة التي دفعت الحكومة المركزية لإعلان الولاية ولاية منكوبة ، لاحقا عرفت احياء بعينها بأحياء (النكبة) في اشارة الى انها ظلت تعاني منذ خريف 2007م من الهواجس التي عاشها السكان هناك ، ووفقا لموقع ربك الجغرافي الذي يشكل نقطة التقاء لعدة عوامل مؤثرة ، فمن جهة تعتبر ربك (قبلة) للأمطار اكثر من أية مدينة اخرى في الولاية (عدا كوستي)، وذلك نسبة لكثافة الخضرة الطبيعية وهي من عوامل جذب الأمطار ، ومن جهة ثانية فان ربك تقع وسط اكبر تجمع للمياه والسيول المنحدرة من الجهة الشرقية قبالة تخوم الجبال على الحدود مع ولاية سنار ، ومن الجهة الجنوبية تحاصر المياه المندفعة من ترعة كنانة الرئيسة الاحياء التي تقف في طريقها لحين بلوغها النيل الأبيض ، ومن الجهة الشمالية تقع الترعة الرئيسة لعسلاية ، بالمقابل فان الحركة العمرانية على مر السنوات العشرين الماضية احدثت تغييرات جوهرية في تضاريس المكان فاختفت تلقائيا المصارف الطبيعية المنسابة انحدارا نحو النيل بطريقة سلسة ، ورغم انه لا يد للسكان في احياء (21-22-23-26-29-30).. الخ في سوء التخطيط الذي رمى ببعضهم في المصارف والمسارات الطبيعية لمياه الأمطار إلا انهم ظلوا يعانون باستمرار في كل خريف للوصول للطرق الرئيسة التي تمكنهم من الوصول لمواقع عملهم أو لنجدة مريض تقطعت به السبل ، وحتى خريف العام الماضي كانت الاحياء المذكورة بجانب الاحياء العرقية والمربعات القديمة (مربع واحد نموذجا) تجأر بالشكوى للسلطات المحلية ، وفي يومي 21 و 22/ مايو هطلت امطار غزيرة نوعيا في عموم ولاية النيل الأبيض فتكشفت مواقع المياه الراكدة داخل الاحياء والسوق الذي تتحول اجزاء منه الى ميعة . من جهته اوضح العقيد شرطة ابو عبيدة العراقي معتمد ربك ان اكثر الاحياء التي تتعرض للمخاطر هي الاحياء الشرقية التي تخترقها السيول ، وأكد ان المحلية وضعت اللجنة العليا على اهبة الاستعداد وقال ان خطة قد وضعت لتصميم عدد (6) كباري سيتم توزيعها على الاحياء المتضررة لاسيما التي تنقطع في الخريف ، وأشار الى ان المحلية عملت على ( ازالة العوائق) لتحقيق الانسياب الطبيعي للمياه المنحدرة من الجهة الشرقية حتى مصبها في النيل الأبيض ، وأضاف : ( ربك تصريفها سهل ويحتاج فقط لعمل علمي متقن)، وقال العراقي ان تطهير المصارف الكبيرة قطع شوطا بعيدا اضافة لتعيين عمالة موسمية لإزالة الانقاض داخل المصارف الفرعية ، وأبان ان المحلية وبالتنسيق مع بعض الشركات والمؤسسات العاملة في الولاية ، جلبت آليات للمساهمة في حفر وردم المناطق المنخفضة التي تشكل بؤرا للمياه الراكدة ، وأشار الى ان المحلية شرعت عقب هطول الامطار المبكرة في معالجة مواطن الخلل بسوق ربك بردم المياه الراكدة وشطف المياه من بعض المناطق ، وذهب الى القول بان عمليات الرصف بالانترلوك التي انتظمت داخل سوق ربك سيكون له اثره في تصريف المياه ، وقال العراقي ان المحلية تعمل حاليا على فتح المصرفين الرئيسيين للسوق بشارعي الخرطوم والخمسين ، وأكد في ختام تصريحاته انه لا توجد مشكلة رئيسية في الخريف (إلا اذا جاءت المياه من شرق ربك) وقد تمت تقوية الترس الذي يحمي المدينة من السيول المفاجئة ، وبحكم التغييرات المناخية التي طرأت على العالم خلال السنوات الماضية بسبب اتساع ثقب الاوزون ، فان لكل خريف مفاجآته سواء من جهة شح الامطار او هطولها بمعدلات تفوق المعدلات المتوقعة ، وهنا تكون المفاجأة غير سارة بالضرورة ..!!