شرعت الحكومة في شرح المعالجات التي ستتم لتفادي الخروج من الاشكالات لتبدأ القطاعات المختلفة في مناقشة هذه المعالجات التي يمكن ان تتم دون التأثير على شرائح المواطنين ،بينما تصدرت قضية رفع الدعم عن المحروقات أجندة المناقشين في الندوات واللقاءات المختلفة والتي من بينها الندوة التي نظمتها النقابة العامة لعمال المصارف والأعمال المالية والحسابية والتجارة والتأمين امس عن السياسات الاقتصادية الجديدة وفرص النجاح، فيما تفيد المتابعات بأن الحكومة تدرس وضع معالجات وإصلاحات شاملة للخروج من التحديات التي تعاني منها الموازنة، وسيتم الاعلان عنها قريبا. وتتمثل هذه المعالجات في عدم ادخال تغيرات في الفصل الاول والتركيز على عمل معالجات في الفصل الثاني من خلال إعادة هيكلة الدولة في المركز والولايات ومعالجة الترهل في اجهزة الدولة والاتفاق على العدد المناسب لتسيير دولاب العمل على ان تكون الهيكلة فقط وسط الدستوريين مع تحديد ادارة مركزية للاقتصاد والمال وتحديد أولويات النفقات والتخلص التدريجي من دعم السلع والمحروقات (رغم الاشكالات التي ستحدث نتيجة ذلك) مع ايجاد آلية لتخطيط وتعزيز ادارة المال العام ومنع المؤسسات والوزارات من التجنيب. وأقر د.عبد الرحمن ضرار وزير الدولة بوزارة المالية والاقتصاد الوطني بتدهور الأوضاع الاقتصادية مؤخرا واستدل على ذلك بالارتفاع المستمر للمستوى العام للأسعار ، وكشف الوزير لدى مخاطبته ندوة السياسات الاقتصادية الجديدة وفرص النجاح أمس عن ارتفاع نسبة العجز في الموازنة الى (5%) بسبب تراجع الايرادات في الموازنة ، وقال ان مثل هذه النسبة من العجز لم تتكرر في الاقتصاد ولم تشهدها البلاد منذ اكثر من عشر سنوات وأقر بوجود ضعف في التحصيل الضريبي وتراجع في الايرادات مع زيادة في الانفاق وقال ان التوسع في أجهزة الدولة نتج لأسباب سياسية وأشار الى أن انفصال الجنوب وعدم التوصل لاتفاق مع الجنوب بشأن رسوم العبور في ايرادات الموازنة ادى الى صدمة مالية أكبر داخليا وخارجيا وظهرت مشكلة النقد الأجنبي وفقدت الموازنة نحو 24% من الايرادات، كما أن أحداث هجليج كلفت الموازنة مبالغ اضافية نتيجة لتوقف ضخ (55 ) ألف برميل من النفط لاكثر من ثلاثة أسابيع، وتحملت الدولة سد هذا النقص بالاستيراد بالاسعار العالمية مما سبب ايضا ضغطاً على النقد الأجنبي بالاضافة الى التوترات الأمنية على الحدود مع الجنوب كل هذه العوامل أدت الى الاشكالات الاقتصادية الراهنة. وقال ضرار عن رأيي الشخصي أن الوضع الراهن يتطلب التدخل العاجل باتخاذ برنامج اقتصادي وإصلاحي شامل لإيجاد علاج او وصفة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاستفادة من امكانيات البلاد تتمثل في ايجاد برنامج اسعافي لاحتواء التدهور الحالي وبرنامج آخر على المدى المتوسط لتقييم الاقتصاد. وفيما يتعلق بالسياسات العامة، دعا الى تخفيض عجز الموازنة واعادة هيكلة الدولة في المركز والولايات بالاتفاق على عدد محدد من الدستوريين والتشريعيين لتسيير دولاب العمل وخفض الانفاق الجاري وادارة مركزية موحدة للاقتصاد والمال ، وطالب بالتخلص التدريجي من دعم السلع. وأضاف : حسب رأيي الشخصي ان سياسة رفع الدعم وجدت اهتماماً كبيراً لارتباطها بمشكلة اقتصادية كبرى وحال كانت الاوضاع مستقرة كان من الممكن تمريرها بسهولة للمواطنين، ووصف السياسة بغير الفعالة داعيا الى منع تجنيب الايرادات وتوحيد سعر الصرف واسواق النقد الاجنبي والغاء القيود المالية وبناء احتياطي من النقد الاجنبي بجانب تطوير الخدمات المالية والاطار القانوني والمؤسسي للقطاع المصرفي. وقال ضرار في رده على اسئلة المشاركين في الندوة ان الاقتصاد لا يملك القدرة الكافية لحماية الشرائح الضعيفة في حال رفع الدعم ، ونوه الى ان برنامج دعم السلع سيستمر وستظل الدولة تدعم القمح والادوية والنفط مشيرا الى ان الدولة تدفع 1,6 مليار دولار لدعم المواد الثلاث ، وقال ان المواد البترولية المنتجة محليا تغطي (63%) من الاستهلاك واصفا الدعم بغير الفعال واكد على ان رفع الدعم سيحدث استقرارا في الاقتصاد بعد الشهور الاولى. وفي السياق قال د بابكر محمد توم عضو اللجنة الاقتصادية ان البرنامج الثلاثي سيؤدي لاعادة التوازن وعودة الاستقرار ، مبينا ان الفترة المقبلة تتطلب وضع اجراءات وزيادة في الموارد داعياً للتركيز في اعادة التوازن على الميزان الداخلي والخارجي ووضع معالجات شاملة دون ان تمس المعالجات مرتبات العاملين في الدولة. وفي السياق طالب رئيس النقابة العامة عثمان البدوي باتخاذ قرارات مدروسة من قبل المختصين لضمان عدم تأثيرها على العمال والمواطنين واشراكهم في التشاور حولها لوضع خطة واضحة منعا للوقوع في اتخاذ قرارات مفخخة تضر العاملين وتؤدي للخروج الى الشارع، مؤكدا حقهم في رفض القرارات حال عدم وجود مسوغات او مبررات واضحة لاتخاذها بأية طريقة كانت. وقال عبد القادر محمد احمد مدير عام صندوق ضمان الودائع ان الانفصال ليس المشكلة الحقيقية والرئيسية وان مشكلة الاقتصاد بدأت منذ العام 2002 وكانت هنالك اموال فائضة لم تستغل وأصابنا المرض الهولندي ، وقال ان الانفصال جاء مكملا لهذه الاشكالات، ودعا الى اشراك كافة القطاعات في وضع المعالجات، الى جانب اعادة النظر في تصدير الذهب ، وأشار الى وجود تدني في الايرادات الضريبية خاصة في القيمة المضافة وطالب بمعالجة الاعفاءات الضريبية ، وقال ان الدولة لم تتحسب للانفصال رغم ان كل الدلائل كانت تشير الى ذلك ولم تضع المعالجات الامر الذي زاد التعقيدات الراهنة، وطالب بمراجعة الصرف الحكومي قائلا : ان الحكومة اكثر جهة تصرف الوقود كما تقوم بعض المؤسسات بتجنيب الايرادات ، وقال ان المعالجات التي ستتخذ ستضر بالمواطن وتابع : (ما في اي قرار اقتصادي ينزل بردا وسلاما على المواطن )، إلا انه قال : (انا مع رفع الدعم عن المحروقات).