اللحظة التي جذب فيها د.منصور العجب القيادي الاتحادي ووزير الدولة بالخارجية أنظار الجميع إليه ، كانت عندما تسربت الدموع من عينيه قبل أكثر من عامين أثناء تصريح صحفي أدلى به داخل البرلمان . أكد فيه أن أهله في الدندر يعانون من مجاعة قضت على الأخضر واليابس ، وعندما أجرت معه (الرأي العام) حواراً على خلفية تلك الدموع فسر ما حدث بالقول : بكيت لأنني مغبون غبن (حار). غبن د.منصور الحار ، عاد للظهور قبل فترة وجيزة في ثنايا حديث تردد عن تقديمه لاستقالته من منصب وزير الدولة بالخارجية الذي دخل إليه من نافذة الشراكة السياسية بين حزبه الاتحادي الديمقراطي الأصل وبين حزب المؤتمر الوطني الحاكم ، قبل أن يأتي العجب بنفسه ويؤكد في خبر نشرته الزميلة (ألوان) أمس أنه سلم الاستقالة بنفسه إلى رئيس الجمهورية ، ويؤكد عدم وجود خلافات بينه وبين وزير المؤتمر الوطني علي كرتي ، ويكشف عزمه حزم حقائبه والتوجه إلى العاصمة البريطانية لندن للإقامة بها . من جانبه نفي مولانا الميرغني نية الاتحادي الديمقراطي الأصل الانسحاب من السلطة. رغم النفي ، يجد سيناريو الخلاف مع كرتي قدراً لا يستهان به من الرواج ، ذلك أن المؤتمر الوطني كما يزعم البعض عرف ب (مطوحة) شركائه السياسيين داخل أروقة وأزقة الجهاز التنفيذي ، فلا يعرف الوزير الشريك (كوعه) من (بوعه) كما يقول البعض ، وأنصع مثال على تلك (المطوحة) هي (توهان) وزراء الحركة الشعبية على أيام طيبة الذكر نيفاشا ، وفي رواية ، سيئة الذكر نيفاشا ، ويؤكد هؤلاء أن الوزير القادم من خارج (حوش) المؤتمر الوطني يعجز عادة عن فك طلاسم ذلك (الحوش) وتستعصي عليه معادلات صناعة القرار الوزاري وفهم طريقة دوران دولاب العمل ، ما يجعله يقضي الوقت يتأمل في أثاث مكتبه ، أو يتسامر مع هذا الصديق أو ذاك قبل أن يستقل سيارته الدستورية وينطلق إلى حال سبيله. في المقابل ، يقدم آخرون سيناريو القفز من سفينة حكومة الوحدة الوطنية كسيناريو بديل لحديث الخلاف مع كرتي ، بمنطق مفاده أن المناصب الدستورية لم تعد تؤتي أكلها النقدي والعيني كما كانت في السابق ، وربما تتدهور الأحوال في أية لحظة ، ما يعني أن قطار حكومة الوحدة الوطنية لم يعد آمناً ، ويستحسن القفز منه قبل وقوع أي انفجار. وزارة الخارجية على لسان الناطق باسمها ، نفت علمها باستقالة العجب ، وأكدت علمها بأن الرجل في طريقه إلى العاصمة البريطانية لندن لمواصلة رحلته العلاجية ، ما يوحي بأن الاستقالة تقف خلفها أسباب صحية وليست أسباب سياسة تتعلق بالخلاف مع كرتي ، او الرغبة في مغادرة السفينة. علاقة د. منصور العجب بلندن قوية على أية حال ، فقد أقام هناك سنوات عديدة قبل أن يعود عقب عودة المعارضة إلى الداخل ، ما يدفع البعض للقول بأن الحنين إلى تلك المدينة غلب على السياسي المتخصص في علم الاقتصاد ، خاصة مع سوء الأحوال الاقتصادية وارتفاع الأسعار في الخرطوم ، وانفتاح المشهد السياسي على أكثر من احتمال ..!