كثر الحديث هذه الأيام عن الإنتخابات.. إذ خرجت علينا الحركة الشعبية بقرار مفاجئ برغبتها في تأجيل الإنتخابات.. وهو أمر غير متوقع من الحركة الشعبية التي تطالب دائماً بضرورة الالتزام الصارم باتفاقية السلام التي وقعت في نيفاشا.. ثم بعض القوى السياسية أيضاً طالبت أكثر من مرة بتأجيل الإنتخابات بينما الحكومة وأحزابها هي التي تنادي بضرورة قيام الانتخابات في موعدها المحدد والمتفق عليه. بالأمس.. خرجت علينا أمريكا وأبدت رغبتها في قيام الإنتخابات في موعدها المحدد بل قررت دعم مفوضية الإنتخابات بمبلغ أربعين مليون دولار.. وبالطبع كلام أمريكا لا تستطيع الحركة الشعبية مخالفته ولا بقية الأحزاب التي تسعى لكسب ود أمريكا. والمفاجأة الثالثة أن الأممالمتحدة طالبت بضرورة قيام الإنتخابات في موعدها المحدد. أهمية الإنتخابات أنها ستكشف حجم كل حزب في الساحة السياسية السودانية لأن معظم الأحزاب في بلادنا أصبحت واجهات إعلامية وتيارات سياسية.. وليست أحزاباً بالمعنى الحقيقي للحزب الذي يمتلك عضوية كبيرة ومؤثرة.. ويعقد مؤتمراته ويتعامل وفق المؤسسية وينتخب قيادته وفق دستوره.. أو نظامه الداخلي وهذا أمر غير متوفر لكثير من الأحزاب.. ولهذا أسباب كثيرة ومتعددة من أهمها أن العمل السياسي في الفترة الماضية.. كانت تواجهه صعوبات كثيرة أمنية وسياسية. لكن بعد توقيع اتفاق نيفاشا فإن الأمور قد تغيرت وامتلكت الأحزاب السودانية بعد إقرار الدستور، حرية العمل السياسي العلني.. ومن المفترض أن تتعامل بشكل طبيعي.. كما أن هذه الأحزاب تواجه إشكالية حقيwقية في الحركة المرتبطة ارتباطاً مباشراً بالمال.. خاصة أن التمويل تواجهه عقبة كبيرة. ثم ان الإنقسامات التي شهدتها بعض الأحزاب السياسية الكبيرة شتت الجهود حيث انشطر حزب الأمة الى خمسة أحزاب والاتحادي الى أربعة أحزاب والبعث الاشتراكي الى ثلاثة والشيوعي الى اثنين والناصريون الى أكثر من اثنين بجانب ظهور أحزاب تحمل أسماء بلا قواعد وهذا تشتيت واضح للعضوية وإضعاف حقيقي للأحزاب. ومن الصعوبة أن تتوحد هذه الأحزاب كما كانت.. وإذا خاضت الإنتخابات وهي مشتتة ومفلسة مادياً.. لن تحقق أي نجاح يذكر.. بل أن معظم الأحزاب الصغيرة.. ستعود الى حجمها الحقيقي لن تحصل على مقاعد في البرلمان.. ولن يترأس بعض قياداتها لجاناً فنية.. ولن يشغلوا مقاعد وزارية.. وسوف يشنون حملات إعلامية ضد الحكومة الجديدة.. كما أن كثيراً منها سيعلن مقاطعته للإنتخابات حتى لا يحرج أمام الجماهير. وكان من الأفضل أن تتوحد هذه الأحزاب وتعود قوية كما كانت.. حتى تستطيع أن تنافس في الإنتخابات.. لأن شريكي الحكم سوف يكتسحان الإنتخابات وسوف تعود أحزاب (الفكة) الى قواعدها سالمة.. تتحدث عن الإنتخابات المزورة وغيرها من الإتهامات التي تشن في مثل هذه الحالات. ومن المتوقع هطول أموال كثيرة ومن جهات عديدة لتمويل العديد من الأحزاب والعديد من المرشحين في محاولة للحصول على اكتساح معظم الدوائر الإنتخابية.. والخوف كل الخوف من الدعم الأجنبي في الإنتخابات وهو حتماً سيحدث.. ويمكن لهذا المال الأجنبي والمشبوه أن يكون سبباً لإفساد العملية الإنتخابية بالإتيان بعناصر لا يمكن أن تأتي إلا بمال الأجنبي. نأمل أن تخلو الإنتخابات من المال الأجنبي لأن ثقتنا في الأحزاب الوطنية كبيرة ولم تعرف يوماً بالعمالة للأجنبي أو السعي لدعمها لتفوز بماله. والله الموفق وهو المستعان،،