أكثر من سهم تم تصويبه على صدر ياسر عرمان القيادي بالحركة الشعبية في الشمال، وأكثر من انتقاد وهجوم شن على الرجل الذي ناهز عمره الخمسين ربيعاً، فالقوى السياسية المتحالفة مع المؤتمر الوطني في جنوب كردفان والنيل الأزرق أصدرت بياناً رفضت فيه تمثيل عرمان للمنطقتين في المفاوضات لأنه لا ينتمي إلى أي منهما، فضلاً عن الهجمات العديدة التي شنها برلمانيون وصحفيون ومفاوضون حكوميون على الرجل، في السر وفي العلن، قبل أن يأتي د.نافع علي نافع مساعد الرئيس ونائب رئيس الوطني ويقول في حوار مع الزميلة (السوداني) أمس إن اختيار عرمان من جانب معسكره لم يكن مناسباً لأنه سيحاول أن يخرج بالتفاوض من حدود المنطقتين إلى قضايا أخرى، ليصبح ياسر سعيد عرمان أحد أكثر السياسيين جذباً للعنات والتهم ، خاصة لعنات الإسلاميين. خلاف عرمان الأكبر مع الإسلاميين، هو رفضه المعروف للإسلام السياسي خاصة في نسخه الإنقاذ القائمة على أسلمة المجتمع السوداني وإحكام القبضة عليه بالقوة، ودعواته المتكررة لاحترام التعدد الديني والعرقي والثقافي في البلاد، إذ يعتبر عرمان إلى جانب عبد الواحد محمد نور أبرز سياسيين علمانيين يزاحمان تيارات الإسلام السياسي كالحركة الإسلامية وحتى الأحزاب الطائفية كالأمة والاتحادي، وتلك العلمانية التي أصبح عرمان بشكل أو آخر رمزاً لها، ربما كانت أحد الأسباب التي تجعل من دوائر الإسلاميين داخل المؤتمر الوطني وخارجه تفتح نيرانها بلا هوادة على عرمان. الضغائن بين عرمان والإسلاميين لم تقتصر على عهد الإنقاذ حينما كان عرمان كادراً بارزاً في صفوف حركة التمرد التي قادها جون قرنق ومن بعده سلفاكير ميارديت، ومؤخراً مالك عقار، بل يتعلل بعض منسوبي الجبهة القومية الإسلامية في هجومهم على شخص الرجل بجريمة قديمة يتهمونه بارتكابها خلال الثمانينيات وأودت إلى مصرع طالبين إسلاميين هما بلل والأقرع..! بعيداً عن تلك التهمة المعلقة بين عرمان والإسلاميين، يرى البعض أنها ليست سبباً جدياً لكل ذلك العداء السياسي المستحكم بين الرجل والإنقاذيين، لكن سر الخصومة الحقيقي بحسب هؤلاء هو الخطر الماحق الذي يشكله عرمان على مشروع الإنقاذ الحضاري، كونه لا يكل ولا يمل من العمل لتصفية مشروع الإسلاميين الحضاري وإقامة مشروع السودان الجديد على أنقاضه.. حتى التناقض بين المشروع الحضاري والسودان الجديد لا يفسر بالكامل تلك الصورة الشيطانية التي تحاول دوائر حكومية عديدة إلصاقها بعرمان، يقول البعض، ويؤكد هؤلاء أن الأمر ليس صراعاً فكرياً فقط.. لكنه صراع سياسي أيضاً.. يشعله ذلك المكر السياسي الذي يتمتع به عرمان، ومكنه من الخروج من حرج سحبه من سباق الرئاسة في الانتخابات الماضية، ومن تخلي جنوبيي الحركة الشعبية عن رفاقهم الشماليين باختيارهم الانفصال.. منعطفات توقع كثيرون أن يصبح الرجل بعدها جثة سياسية لا حراك لها.. فإذا بعرمان يبرز في الساحة لخصومه الإسلاميين ثانية محمولاً هذه المرة على صهوة قضية النيل الأزرق وجنوب كردفان .. وبنادق رفيقيه عبد العزيز الحلو ومالك عقار، حيث يتهم عرمان بالتحريض على إشعال الحريق في جنوب كردفان..! يرى البعض في ياسر سعيد عرمان مجرد سياسي انتهازي حاول في الماضي الصعود على أكتاف الجنوبيين، ويحاول هذه الأيام الصعود على أكتاف أهل جبال النوبة والنيل الأزرق ليحصل على مكان داخل داخل قصور السلطة، ورجلاً منبتاً عن أفكار مجتمع وتقاليده مفتوناً ببدع الغرب وضلالاته كالشيوعية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. في المقابل.. يؤكد المتعاطفون معه أن عرمان ليس من شياطين السياسة ولا من ثعالبها..إنما هو مناضل من أجل الحرية ورجل من الحركة الشعبية بتاريخها وفكرها السياسي المعروف..إن ضلت يضل..وإن أصابت الحركة يرشد..!