في الحلقة السادسة من سلسلة المقالات هذه ، والتي ناقشنا فيها موضوع الوحدة بين السودان ومصر وليبيا، تحدثنا عما ينبغي، في رأينا ، أن يقوم به السودان لتحقيق هذا الحلم. أما فيما يتعلق بالدور، أو الأدوار، التي ينبغي أن تقوم بها مصر وليبيا في سبيل تحقيق حلمنا هذا، فيجب أن نعترف هنا بأننا لسنا الجهة التي يصح لها أن تشير على أي من الدولتين بما ينبغي عليهما فعله لتحقيق وحدة مع السودان. هذا دور ستقوم به دولتا مصر وليبيا ومعهما مفكرو، وقادة الرأي عندهما. وما نود أن نشير إليه هنا هو أنه لن يكون من الصعب على القادة السياسيين في مصر وليبيا ، وكذلك المفكرين ، والحادبين على مصالح، وتقدم، هذين القطرين، رؤية الجوانب الإيجابية الواضحة لأي قدر من التوحد بين الدول الثلاث مصر والسودان وليبيا. بشائر الخير تلوح في الأفق ولكن ، وبوصفنا مراقيبن ، وحادبين ، بل وداعين للوحدة الحلم ، نبشر الناس بأن العمل لها قد بدأ بالفعل في صمت و دون ضجيج. وبوصفنا مراقبين وحادبين أيضاً سيكون همنا إبراز كل الخطوات الجادة، والإيجابية التي تتخذها الدول الثلاث في اتجاه التكامل الاقتصادي الذي سيقود دون أدنى شك إلى الوحدة. وفقط، وبمتابعة ما تنشره الصحف، ومن دون بذل جهود خاصة للحصول على معلومات حول توجه السودان ومصر وليبيا نحو تكامل يقود إلى وحدة، نجد أن الاخبار التي تنشرها الصحف هذه الأيام تبشر بأن الخير قادم لا محالة. وعلى سبيل المثال نعيد نشر معلومات مهمة حول السعي للتكامل الاقتصادي بين السودان ومصر وليبيا، وذلك بعد الزيارة التي قام بها النائب الأول لرئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه إلى ليبيا، والاجتماع الذي عقد بين الرئيس المصري والرئيس السوداني إبان انعقاد مؤتمر قمة الاتحاد الافريقي الأخير في أديس ابابا، والزيارة التي قام بها وزير الخارجية السوداني علي كرتي إلى القاهرة أخيراً، والتقى فيها بالرئيس المصري ونظيره وزير الخارجية المصري. التسريع بتكوين مجلس الأعمال السوداني الليبي المشترك وعلى سبيل المثال فقد نشرت الصحف السودانية في الآونة الأخيرة مجموعة من الأخبار حول خطوات إيجابية تم الاتفاق على القيام بها في الدول الثلاث المعنية، السودان ومصر وليبيا لتعزيز العلاقات بينها. ومن المحتمل أن هذه الأخبار والمعلومات لم تلفت انتباه الغالبية من القراء الذين لم ينتبهوا إلى ما انطوت عليه من خطوات إيجابية في اتجاه الوحدة. ومن بين هذه الأخبار ما تعلق بتعزيز التعاون وإقامة مشروعات استثمارية في البلدان الثلاثة. فقد تم على سبيل المثال: - إنشاء مجلس ليبي سوداني مشترك للأعمال التجارية. - سينشئ هذا المجلس غرفة عمل عليا مشتركة بين الأجهزة الرسمية بالدولة والقطاع الخاص لتطوير علاقات التعاون وتسريع خطى تكوين مجلس الأعمال الليبي السوداني المشترك وتفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين رجال الأعمال بالبلدين في طرابلس(العاصمة الليبية ) في شهر أبريل من عام 2012. - سيتم العمل على إنفاذ عدد من الخطوات والإجراءات اللازمة للاستفادة من الميزات التفضيلية والموارد الاقتصادية لزيادة حجم التعاون الاقتصادي وتنمية العلاقات بين السودان وليبيا. - العمل على تنفيذ التكامل الاقتصادي بين ليبيا والسودان والاستفادة من تجارب التعاون السابقة. - دفع وتنشيط علاقات التعاون الاقتصادي بين الولايات الحدودية في السودان وليبيا. - التعاون بين البلدين في مجالات الإنتاج الحيواني والزراعي وإنشاء مناطق حرة استثمارية وتأمين المنافذ الحدودية البرية بين السودان وليبيا. - تطوير علاقات التعاون بين البلدين وتسهيل الإجراءات المالية والمصرفية للتعاملات التجارية. - تسريع خطى إنشاء مجلس الأعمال الليبي السوداني المشترك ومساعدة الشركات الليبية لتصدير المنتجات السودانية إلى السوق الأوروبي. وبين السودان ومصر أيضاً وفيما يتعلق بالعلاقات بين السودان ومصر، فقد كشفت الزيارة الاخيرة التي قام بها السيد علي كرتي وزير الخارجية السوداني إلى مصر أن تطورات كثيرة بدأت تؤتي أكلها فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وجاء في خبر نشرته صحيفة الرأي العام حول نتائج هذه الزيارة في عدد يوم الأحد الماضي السادس والعشرين من شهر اغسطس 2012 : - عقد السيد كرتي اجتماعاً مع الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي ووزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو. - ناقش كرتي مع المسؤولين المصريين العلاقات المتميزة بين السودان ومصر ومتابعة تنفيذ برامج واتفاقيات التعاون المبرمة بين البلدين في مختلف المجالات وزيادة التبادل التجاري والاستثماري ومشاركة الشركات المصرية في عملية التنمية بالسودان. - ستوقع قريباً اتفاقية بين البلدين لتنظيم حركة عبور البضائع والسيارات عبر معبر سيتم افتتاحه بعد أيام قليلة ليسهم في تسهيل حركة البضائع والسكان. - ستسهم مصر في التصنيع والاستثمار الزراعي والصناعات التحويلية ودفع المستثمرين المصريين لاستغلال فرص الاستثمار في السودان. - سيتم افتتاح الضفة الشرقية الرابط بين مصر والسودان عن طريق النيل في سبتمبر المقبل. - سيتم افتتاح البنك الأهلي المصري في الخرطوم في التوقيت المحدد له. وسيجري تشجيع الاستثمار بين الجانبين وزيادة فرص العمالة. وهكذا يبدو جلياً أن حديث التكامل الاقتصادي بين مصر والسودان وليبيا لم يعد حديث خرافة يا أم عمرو. لقد أصبحت الأماني واقعاً ملموساً وتتخذ في سبيل إنجاحها خطوات مدروسة وجادة ، ومن قبل مسؤولين في مستوى رؤساء ووزراء خارجية. ويستفاد في العمل من اجل إنجاح هذا المسعى ، وفي كل الأحوال ، من التجارب السابقة في هذا المجال. كل ما نرجوه هو أن يحمي الله بلادنا ويقيها شر مؤامرات المتربصين بها، وهم كثر ، وهم أقوياء. ولكن عزائمنا أقوى ومن خلفنا قدرة الله التي ستدفعنا إلى الأمام من أجل خير بلادنا وشعوبنا.