في كل دول العالم تجد أن رقم الإسعاف معروف لدى المواطنين ، وأن الوصول إليه غاية في السهولة ، لأنه يعد من أبسط الخدمات الصحية التى يمكن تقديمها للمواطن .. ولكن تلك الخدمة الإنسانية تجدها في السودان غائبة عن خارطة الخدمات الميسورة فى الحقل الصحى ، لأن الوصل إليها يكلف المواطن دفع مبلغ مالي ، يكون في الغالب غير متوفر لديه في تلك الظروف الحرجة .. خاصة إذا كان يقطن في فيافي العاصمة البعيدة ، لأنه وحسب خارطة الإسعاف التجارية ، قد يكلفه الأمر زيادة في السعر بعد دفع ثمن كلفة ايجار السيارة المعروفة ب (50) جنيه ، لأن الحساب بعدها يكون حسب الكيلومترات ، التى قطعها الإسعاف في سبيل الوصول لشخص يصارع الموت .. بتلك السياسات غابت خدمة الإسعاف الإنسانية .. وغاب معها رقم الوصول إليها (333) .. لتحتفظ ذاكرة المواطن البسيط ب (999) الرقم المعروف لسيارة (النجدة) التابعة لوزارة الداخلية ، التى خصصت الرقم للوصول إليها في حال تعرض المواطنين لعملية سرقة أو أعتداء وغيره ويعلم الجميع أن الخدمة مجانية ، أي لا يدفع فيها المواطن ثمن المشوار لإنقاذ حياته .. حفظ المواطنين الرقم عن ظهر قلب ، وأصبحوا يتصلون به (شغله وبدون شغله) ، خاصة الأطفال ، الأمر الذى يدل على انتشاره وفورية الرد على المتصل ، لذلك انحرفت بوصلة الخدمة في اتجاه خدمة إنسانية أخرى وهى إسعاف المرضى ، بعد أن غاب الرقم (333) عن إذهان الكثيرين ، لتتحول بعدها سيارة الشرطة ذات اللونين الرمادى والأزرق (الكُحلى) ، إلى سيارة (نجدة وإسعاف) حسب روايات بعض المواطنين ، الذين مروا بوعكة صحية تطلبت إسعافهم بسرعة وفرتها لهم تلك العربة ، حسب ما ذكرته إحدى المواطنات التى أصيب زوجها بجلطة مفاجئة في ساعات متأخرة من الليل ، ولم يكن بجوارها أحد سوى صغارها ، فبعد أن هوى الزوج إلى الأرض دون حركة ، صرخت وأمسكت بهاتفها ، واتصلت على الرقم (999) ، طالبة مساعدتها وكانت تتحدث إليهم بصوت مخنوق حيث قالت : ألحقوا زوجى سقط على الأرض ، سألها الشرطى عن عنوانها فأخبرتهم ، وفى لمح البصر وجدت عربة النجدة (999) تقف أمام المنزل لتجد الزوج مغشياً عليه ، تم اسعافه بسرعة مكنت الطبيب من انقاذ حياته .. حالة تلك السيدة التى لهج لسانها بالشكر لخدمة (999) ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ، طالما أن رقم سيارة الإسعاف بعيد عن متناول الأيدي .. فبعد دخول عربة النجدة حيز خدمة الإسعاف بصورة غير مقصودة ، فلماذا لا يعدل شكل تلك العربة من (بوكس) مكشوف إلى شكل آخر لا يتيح للراجلين مشاهدة ما بداخله ، لأنه في الغالب تكون به مناظر تأذي المشاعر . سؤال نتوجه به إلى السيد وزير الصحة متى تكون خدمة الإسعاف مجانية وميسورة في أي زمان ومكان ؟