في المسافة الزمنية الفاصلة بين حل الحركة الإسلامية وإعادتها لدائرة الفعل من جديد، جرت مياه كثيرة تحت الجسر، وتعرضت تجربتها فى الحكم الى انتقادات حادة خارج وداخل السودان ثم من داخل صفوف الحركة الاسلامية نفسها وقاد تيار بالداخل مبادرات بغرض الاصلاح وعودة الحركة لسابقها، البعض يرى ان الحكم أفسد الحركة وآخرون من يرون غير ذلك، البعض ينادى بان تكون الحركة الاسلامية حزبا له كيانه الخاص، الآراء اختلفت حتى كادت ان تحدث مفاصلة أخرى ، آخرون انتقدوا منهج الحركة الذى اعتبروه ابتعادا عن الشورى والمناصحة وتكريس المناصب لشخصيات دون غيرها .. وآخرون يرون ضرورة ان يحدث تجديد في المناصب بما فيها موقعا الرئيس والامين العام . (الرأى العام) استفسرت الدكتور أمين حسن عمر القيادى بالحركة الاسلامية عبر هذا الحوار حول مآلات مستقبل الحركة تجاه هذه التحديات التى تحاصرها الآن وهل بالإمكان تجاوزها فى مؤتمرها المزمع انعقاده فى نوفمبر القادم.. وما حقيقة تجاوز بعض القيادات ومن قامت على أكتافهم الحركة الاسلامية .. ومن هو بديل البشير وعلى عثمان فى الدورة القادمة؟ *الحراك الذى أدارته الحركة الاسلامية خلال الأيام الفائتة وحينما عقدت اكثر من( 11) مؤتمرا هل هى خطوة لانطلاقة جديدة بعد أن أصابها بعض الجمود ام أنها خرجت للعلن لتؤكد فاعليتها وقد شكك الكثيرون فى ذلك ام ماذا برأيك؟ - منذ أن أعيد تأسيسها فى العام 2000 هى كانت علنية ولم يكن المقصد ان تكون سرية فكل انسان يعلم باجتماعاتها ونشاطها، صحيح ان هذه الاجتماعات لم يُعلن عنها فى الصحف ولم يعلن عن مخرجاتها ولكن هذا لا يعنى انها كانت سرية ، العمل التنظيمى فيه جزء يخص الأعضاء حتى لو كان هذا التنظيم هو نادى، هناك جزء من الأعمال يخص الأعضاء وآخر يخص الرأى العام، بالطبع الآن لأن الحركة الاسلامية لها تأثير على الشئون العامة أصبح هناك اهتمام محلى ودولى بنشاط التنظيم بالحركة الاسلامية ايضا هناك شعور بان سقف الحركة الاسلامية الذى اتسع صعب جدا ان تخاطب أعضاءها من خلال الوسائط الخاصة واصبح من الضرورى ان تخاطبهم بالوسائط العامة هذه المؤتمرات شارك فيها أكثر من 500 ألف عضو فصعب جدا ان نخاطب هؤلاء من خلال الاتصالات الخاصة ، الوسائط العامة هى إحدى الوسائل لمخاطبة القاعدة عند ما اتسع صفها . * ولكن البعض يرى ان هذه المؤتمرات لتجديد حيوية الحركة بعد أن انتاشها الكثير من الانتقادات ؟ - نحن لسنا منزعجين من أى انتقادات، فالانتقاد اما أن يكون حرصا على الحركة الاسلامية ونحن أحرص ان نستمع لهؤلاء وسنستفيد منهم او يكون منطلقه مجرد العداء للحركة ونحن معتادون على ذلك وهذا لا يزعجنا ، صمت خصومنا عنا ربما يسبب لنا القلق لأننا قد نشعر ان حضور الحركة الاسلامية أصبح ضعيفا على قلوب أعدائنا و.. *عفوا.. بعض هذا الانتقاد كان من داخل أعضاء الحركة؟ - هذا طبيعى.. طبيعى ان يأتى الانتقاد من داخل الحركة فنحن نتحدث عن حركة بها مئات الآلاف من الاعضاء كيف يتوقع ان يكون كل الناس على قلب رجل واحد وعلى رأى شخص واحد لو كان حدث هذا لما سرنا، لان تعدد الآراء والأصوات علامة ثراء وفاعلية وصمت الآراء وقمع الأصوات المختلفة دلالة على الاستبداد ومحاولة فرض نمطية واحدة على الحركة وهذا أمر مرفوض . *هناك اتهام آخر ان الحركة الاسلامية حادت عن منهجها الاسلامى والعمل الدعوى وغابت حتى عن المساجد؟ - هذا ادعاء ليس عليه برهان،الحركة لم تغب عن المساجد او الدعوة بل ان نشاطها فى المساجد اتسع ولا يمكن ان يحدثنى أحد ان مئات الآلاف من اعضاء الحركة غائبون عن المساجد هذا غير صحيح، ولكن الصحيح ان الحركة الاسلامية ما عادت تعمل بالمساجد باسمها كحركة إسلامية وكثير من الاخوان يعتقدون ضرورة ان تعمل الحركة باسمها كحركة إسلامية لا تستخدم الواجهات كلجنة المسجد او جمعيات القرآن الكريم اوجمعية إعمار وغيرها، هذه كلها واجهات تعمل من خلالها الحركة الاسلامية والإخوان يفضلون ان تعمل الحركة بنفسها ليكون عملها واضحا، قد يتفق الناس حول هذا الرأى وقد يختلفون. * ألا تتفق مع الرأى بأن عملها الدعوى لم يعد كالسابق؟ - نعم.. واضح جدا ان الحركة وجودها المنظم فى مؤسسات الدعوة والمساجد أصبح أضعف من السابق، فى الماضى كانت تعتقد (الحركة) ان التنظيم مهم جدا لزيادة فاعليتها الآن هناك شعور بثقة اكثر من اللازم باننا نستطيع ان نعمل عبر أية واجهة ولا نحتاج الى ان نأتمر مسبقا على ترتيب الأمر من الناحية التنظيمية قبل ان نخرج به الى العلن فى المسجد او غيره لكن بالطبع لا أحد يمكن ان يقول ان النشاط الذى تقوم به جماعة إسلامية فى الدعوة التعليم او التعلم كافي، كل جهد يبذل سيكون أقل بكثير من المطلوب و لايزال العمل الدعوى والنشاط المسجدى ينتصب تحديا أساسيا امام الحركة الاسلامية وعليها ان تضع الخطط والبرامج المكثفة وان تعود الى تنظيم هذا النشاط ولإحياء التنظيمات التى كانت تنهض بهذا العمل الصلب، وتفعيل تنظيم الاسرة داخل التنظيم وتفعيل الشعبة وهذه ستكون واحدة من وسائل الحركة الاسلامية فى تنظيم نشاطها العام خاصة فى مجال العمل المسجدى والاجتماعى وفى الدعوة. * بعض منسوبى الحركة لديهم مثالب ومآخذ بان بعض الشخصيات تتمسك بالمناصب هل ينظر المؤتمر القادم لهذه الماخذ و..؟ قاطعنى قائلاً: - أولا ليس صحيحا ان بعض الشخصيات أو القيادات تتمسك بالمنصب بحسب علمى ان بعض القيادات عندما اختيرت كانت عازفة وغير راغبة فى المنصب وأنا أشهد انه عند ما انتخب على عثمان لمنصب الامين العام لم يكن موجودا، وقتها كنا فى كينيا وأذكر انه غضب غضبا شديدا لاختياره وانتخابه دون التشاور معه ولم ير ان العمل كان حكيما فى ذلك الوقت ربما قدر الله سبحانه وتعالى خير كثير لاختياره للأمانة العامة لا شك ان دورتيه قد شهدتا دورا فاعلا وتنسيقا أكبر بين ما نسميه أصعدة الحركة الثلاثة، صعيد الحركة الخاص وصعيد الحزب وصعيد الحكم و... * مقاطعة..ولكن مازالت القيادات الشابة حظها ضعيف؟ - صحيح ان جهود توليد القيادات وتقديمها كانت أقل بكثير جدا من المطلوب وأقل من تطلعات أجيال جديدة ليكون لها دور فاعل، ورغبة الأجيال هذه ينبغى ان نفتخر بها لان الحركة الاسلامية ليس صعيد مغانم او وجاهات لان معظم عملها ليس معلنا حتى يكون للوجاهات وليس فيه مكافآت لامالية ولا معنوية الا الأجر عند الله سبحانه وتعالى ولذلك رغبة اجيال من الشباب فى ان يكون لها دور فى الحركة الاسلامية ينبغى ان يكون مبعث فخر لها، وان يكون داعية للقيادة بالحركة الاسلامية ان تبذل مزيدا من الجهود فى تفريخ القيادات وتمكينها فى مقاليد العمل الاسلامى.. *هذا يمكن ان يقودنا للحديث عن الحركة نفسها وانها غير مرضيٌّ عنها داخليا او خارجيا؟ أجاب بسخرية.. -هذا إدعاء باطل من الذى أجرى تقديرا للرأى العام نحن علامتنا على الرضا عن الحركة واضحة، دليل ذلك ان الشعب انتخبها بصورة لم يكن لها مثيل وسببت الارتباك للخصوم بالداخل والخارج جعلهم يدعون ادعاء بتزوير الانتخابات وهم يعلمون انهم أنفسهم لايصدقون هذه الأكاذيب لان الترتيب الذى كان كبيرا باشراف ومشاركة فاعلة من الأممالمتحدة وبرقابة لم يكن لها مثيل فى انتخابات عقدت فى العالم الثالث وحتى السيناريوهات التى تحدثت عن التزوير كانت مضحكة تحدثوا عن استبدال صناديق وهم يعلمون انها جلبت من الخارج واوراقها طبعت فى الخارج وان مندوبيهم كانوا حضورا ولم ينكروا شيئا .. هذا هو الارتباك ، الذى لا يحتاج الى دليل فاعلانهم دخول الانتخابات ثم خروجهم ثم دخول بعض أطرافهم للانتخابات وامتناع أطراف أخرى كلها تعبر عن الارتباك و كانت مكشوفة أمام الشعب هذا ربما يكون واحدا من العوامل التى جعلت فوز المؤتمر الوطنى فوزا كاسحا ليس له مثيل.. * هل يعنى ذلك انكم لم تتوقعوا الفوز؟. - نحن كنا نتوقع ان نفوز فى الانتخابات لكن لم نكن نتوقع ان نفوز بنسبة 90% عند ما وضعت خطة ليفوز الوطنى بنسبة 64% رأى الكثيرون ان النسبة فيها كثير من التفاؤل اتضح فى كثير من الولايات ان نسبة الفوز اكثر من 90% هذه النسبة موجودة ايضا فى الانتخابات التى أجريت فى السفارات وهى علامة على كذب دعوة التزوير لان من الصعب جيدا ان تزور انتخابات فى السفارات بحضور كل المراقبين وكل الأحزاب المشاركة فى الانتخابات، هذه الأحزاب ينبغى ان تتحلى بالامانة والصدق وان تعترف ان ظروفا كثيرة أدت الى انحياز الشعب السودانى للمؤتمر الوطنى الذى تقوده الحركة الاسلامية ادعاء ان تجربة الحركة سلبية هذا ينطلق من موقع العداء فقط لا يمكن ان تكون تجربة حكم كلها سلبية نحن نقبل ان تنتقد بعض السياسات التى اتبعناها والاختيارات التى اخترناها، ولانقبل ان يوصفوا هذه التجربة بانها فاشلة او ساقطة او كما يدعى شيوعى ماركسي ان المشروع الحضارى قد سقط وكأنه يؤمن بالمشروع الحضارى من قبل، المشروع الذى سقط سقوطا مدويا هو المشروع الماركسى الذى الآن يقود اعضاؤه الحملة ضد تجربة الحركة الاسلامية.