? قبل عدة أسابيع كتبت في هذه المساحة أن الحكومة بدأت تتخلى تدريجياً عن خدمات أساسية وفي مقدمتها الرعاية الصحية. وأن المرضى من المواطنين وغالبيتهم يناضل للحصول على أبسط ضروريات المعيشة.. قد زهدوا في الخدمات التي توفرها المؤسسات العلاجية الحكومية على بؤسها.. فالقادرون من المواطنين وهم القلة القليلة يلجأون إلى المستشفيات الخاصة طلباً للعلاج.. أما الغالبية من المرضى فلا خيار لهم سوى اللجوء إلى وسائل تقليدية كالتطبيب الشعبي أو التداوي بالأعشاب.. وبين تلك الأعشاب أشهرها في الفترة الأخيرة نبات «المورينقا» الذي وجد إقبالاً واسعاً في كل أنحاء البلاد- حتى العاصمة القومية «الحضارية»... ? هذا النوع من الأعشاب يباع في الأسواق- بعضها محمولة على بكاسي.. في سوق جاكسون.. أحصى هذا الكاتب خمس سيارات تروج «المورينقا» بمايكرفونات عالية الصوت تزعج المتسوقين.. ? وقال لي صديق أنه لاحظ في رفوف بعض البقالات الشهيرة عبوات مورينقا بنوعيها «بذور.. ومسحون» تباع بأسعار أعلى عن تلك المعروضة في الأسواق الشعبية.. معنى ذلك أن التجارة في ذلك العشب توسعت كثيراً لدرجة أن يتصاعد سعره ويعجز الفقراء عن شراء منتجات «صيدلية العصر الحديث» كما يطلق عليه تجار المورينقا في نشراتهم التي توزع في الأسواق والبقالات.. ? هؤلاء التجار يدعون أنها تعالج «300» حالة «حسب منظمة الصحة العالمية» بينها السكري والضغط وأمراض القلب والقرحة والتهابات المسالك البولية.. وحسب المنشورات الترويجية التي توزع في الأسواق والبقالات فإن الوصفة الطبية تتطلب تناول ثلاث حبات من البذور «قرشاً» أو بلعاً صباحاً ومساء.. أما المسحون فيمكن اضافته إلى أي نوع من المشروبات الدافئة.. وتسري هذه الوصفة على الكبار والصغار.. ? وذكرت في ذات العمود أن الصحف نسبت إلى د. ياسر ميرغني أمين عام جمعية حماية المستهلك قوله ان جمعيتهم لا تعرف الجهة التي تصدق للعشابين لإنشاء تجارتهم ولا يوجد ضابط أو رقيب لهذه التجارة.. وإنما الجمعية شاركت في لجنة شكلها وكيل وزارة الصحة لتنظيم مهنة العشابين واجتمعت مرتين وانفضت لعدم قدرة الوزارة على مراقبة بيع الاعشاب في الأسواق ونقلت الجرايد قول د. ياسر وهو طبيب صيدلاني ان الموجود من الاعشاب في الاسواق «لا تقدم الجرعة المناسبة للعلاج».. ولكن راجت في مجالس المدينة في الآونة الأخيرة إدعاءات خطيرة مفادها ان «المورينقا» تسبب مضاعفات للمرضى ابرزها الإصابة بالفشل الكلوي.. وبما أن المواطنين لا يعرفون مدى صحة هذه الادعاءات التي تنذر بخطر داهم فإن على الجهات ذات الصلة أن تحسم في هذا الشأن حفاظاً على ما تبقى من صحة المرضى الذين لا حيلة لهم ولا مقدرة سوى اللجوء إلى هذا النوع من الأعشاب.. ولكن ما هي تلك الجهة ذات الصلة.. وزارة الصحة أم المجلس الطبي السوداني؟ سواء أكانت المسئولية على هذا الطرف أو ذاك فإن عليه أن يصدر بياناً للناس يحسم هذا الجدل: سلامة استخدام «المورينقا» أو عدمها.. لا أحسب ان وزارة الصحة وقد انصرفت تدريجياً عن خدمة غير القادرين من المرضى تعجز عن تقديم هذه «الخدمة» الصغيرة «بيان في عدة سطور تحسم شكوكهم بتعاطي «المورينقا» أو الانقاص.. هذا الأمر في غاية البساطة.. يمكن حسمه بكلمات قليلة ..