يعتبر عادة سكان الأحياء الشعبية الأقل دخلاً , ولذا يراعى وضعهم عند فرض رسوم على الخدمات , بل قد يحمل جزء من العبء لسكان أحياء يصنف سكانها من الأغنياء . بهذ الفهم تعد الأحياء الطرفية شعبية بحق و حقيقة . ساكنو الأحياء الطرفية يعانون مشقة فى الحصول على الماء , و كثيراً ما يشترون برميل أو صفيحة الماء بسعر لا يدفع ربعه ساكن أرقى الأحياء . لكن المفارقة أن هذا المواطن , و ما أن يتم تخطيط حيه الطرفي و و صول شبكة المياه إلى منزله حتى يتهرب و يمانع فى تسديد فاتورة المياه التى تكاد لا تذكر إذا ما قورنت بما كان يدفعه أيام المشقة وهو يشترى الموية من أصحاب (الأخراج) و الكارو . هى إحدى روايات جدلية الحق والواجب فى العلاقة بين المواطن والسلطة , استدعاها النقاش حول قرار الربط بين فاتورتي الكهرباء والماء لضمان تسديد فاتورة الماء بعد أن تبين أن نسبة عالية من المواطنين لا يسددون هذه الفاتورة . و عجبت من احتجاجات غاضبة على مطالبة المواطن بدفع جنيه واحد فقط قيمة للماء المستهلك فى يوم كامل . لكن قد يزول العجب عند ربط الموضوع بالعلاقة غير الودية بين المواطن و السلطة , وما تتبعه بعض النخب فى سلوكها السياسي حين ترفض (كل) ما يصدر عن السلطة . زادت قناعتى بهذا التفسير عندما تخيلت تبعية الأفران للإشراف الحكومي . أيقنت حينها أن النخب الذين لا يرون الآن غرابة فى علاقة المستهلك مع صاحب الفرن التاجر , سوف ينادون بعد وضع الأفران تحت الإشراف الحكومي بمجانية الرغيف , و سوف يتحول شعار (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) إلى لا يحيا الإنسان بدون الخبز . تعرض المواطن إلى ظلم كثير من سياسات حكومية عديدة , لكن الحكومة تتعرض أحياناً إلى ظلم من المواطن , فلا يكون احتجاجه فى بعض الأحيان مبنياً إلا على فهم خاطئ بأن المواطن صاحب حق لا يقابله واجب , فيتعامل المواطن مع مرافق مهمة بإهمال و عبث , و ما أمثلة مصارف المياه ببعيدة , إذ يكثر المواطن من الشكوى و السخرية من ولاية تعجز عن مقابلة (مطرة) وعندما تبني الولاية مصرفاً يصبح مكباً للأكياس و قارورات المشروبات حتى يتم طمره تماماً . موضوع الحق و الواجب يحتاج إلى نقاش طويل .. أما الفاتورة الجديدة , جنيه واحد أو جنيه و نصف للموية فى اليوم ما كتير , إذا كان المواطن يدفع ثلاثاً لصاحب الفرن و أربعاً لصاحب البقالة و اثنين لصاحب الحافلة ,, إلا أن بائعة الموية حكومة , ما بتستاهل !!