شهد القطاع الخاص السوداني منذ الاستقلال وحتى الآن أي بعد مرور (57) عاماً على الاستقلال تغييرات هيكلية فى بنيته من التقليدية الى الحداثة والتقانة, وخرجت بيوتات تجارية واقتصادية من النشاط الاقتصادي بفعل عوامل وأسباب عديدة إلى جانب تغييرات فى السلوك والنمط الاستهلاكي للمواطنين من تركيزهم على استهلاك الإنتاج المحلي من السلع إلى استهلاك السلع المستوردة. وأكد عباس علي السيد الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية حدوث تغييرات عديدة بالقطاع الخاص السوداني خلال ال(57) سنة الماضية، من بينها تغير سلوك المواطنين ونمطهم الاستهلاكي الذي أثر سلباً على القطاع الخاص السوداني حيث كان المستهلك يستهلك المنتج المحلي فى مجالات الغذاء والكساء والدواء، واصبح الآن يستورد معظم تلك السلع . واضاف عباس فى حديثه ل(الرأي العام) : كنا ننتج كل غذائنا ونستهلك المنتج المحلي، ولكن تغير نمط الاستهلاك لدى المواطنين من الذرة والدخن الى القمح والسلع الغذائية المعلبة والمستوردة، لتتصدر فاتورة استيراد الغذاء قائمة السلع المستوردة، وكنا نلبس من إنتاجنا المحلي ومن الأقطان السودانية، وأصبح الآن كل اللبس والملبوسات بأسواقنا المحلية تأتي من الخارج بنسبة (100%) وتوقف إنتاجنا المحلي للكساء تماماً، وكذلك الدواء، حيث كان معظم الدواء يتم بوسائل محلية، ولكن لم نطور قدراتنا المحلية لإنتاج الأدوية واحتياجاتنا التي تطورت لنواكب هذا التطور فى احتياجاتنا حيث اصبحت هنالك فجوة بين منتجاتنا واحتياجات السوق المحلي من الأدوية ليتم استيرادها من الخارج. ودعا عباس الى دراسة نمط السلوك الاستهلاكي للمواطنين ، وإعادة النظر فى خارطة الظروف البيئية والمناخية لتواكب المتغيرات الحالية وضمان إنتاج هذه الاحتياجات. وكشف عباس عن تأثر القطاع الخاص السوداني خلال ال(57) الماضية بعوامل عديدة منها ما هو ذاتي وما هو خارجي، حيث تأثر القطاع الخاص التقليدي الذي كان يعتمد خلال ثلاثينيات وخمسينيات القرن الماضي فى إدارته على الفاقد التربوي، ومع تطور العلم أصبح من الضرورة لبيوتات القطاع الخاص أن تواكب هذا التطور، وبالتالي تأثرت هذه البيوت إيجاباً عندما ركزت على تعليم أبنائها وتمليكهم وسائل التطور وما يعينهم على الاستمرار والمواكبة، بينما بالمقابل خرجت بيوت قطاع خاص أخرى من السوق والنشاط الاقتصادي نتيجة لإهمالها وعدم اهتمامها بالتطور المبني على التعليم وتابع: ( ومن هنا تأثر القطاع الخاص بعوامل ذاتية). وأضاف عباس: هنالك أسباب غير ذاتية تتمثل فى التقلبات السياسية منذ الاستقلال وحتى الآن والتقلبات الاقتصادية وعدم ثبات السياسات الى جانب سياسة التحرير الاقتصادي التي بدأ تطبيقها منذ العام 1992 ، وانعكست آثارها سلباً على القطاع الخاص لتبلغ ذروة هذه التأثيرات فى العام 2000 بإفرازها (خارطة جديدة للقطاع الخاص) أو انقلاب فى القطاع الخاص، واصفاً هذا الانقلاب بأنه انقلاب غير ايجابي على القطاع الخاص, حيث أفرز ما يسمى ب(القطاع الخاص جداً) وهو تصنيف نشاط اقتصادي ليس هو قطاعا عاما أو خاصا وإنما قطاع بينهما يتعارف عليه اصطلاحاً بالقطاع الخاص جداً وتابع: ( هذا القطاع الخاص جداً سيطر على النشاط الاقتصادي بالبلاد وعلى حركة السوق والتجارة).