تصل اسعار كيلو الطماطم الى عشرة جنيهات وتقع في دائرة ما بين القوة الشرائية للمستهلك وتلف السلعة السريع وما أن ينتهي الموسم حتى تزرع كل الأراضي بالطماطم فتضرب أسعارها الأراضي ويصل كيلو الطماطم إلى واحد جنيه ، ومابين فرحة المستهلك و حزن المنتج الذي لا يكاد يغطي تكاليف انتاجه يحتار الإقتصاد.... بين الوفرة التي تضر بالمنتج و الندرة التي تضر بالمستهلك في كافة السلع الزراعية و الصناعية بين سوق عالمي متحرك عبر المعلومات الدقيقة وسوق محلي متقلب يحكمه المزاج يقرر صاحب المال وحده انتاج السلعة التي يريدها دون خارطة توضح الاحتياجات الحالية و المستقبلية التي يبين عليها صاحب المال قراره لذلك هو يتبع ما تجود عليه أخبار التجارة، فاذا حقق أحدهم ربحاً من سلعة اتجه كل التجار ( و الما تجار ) إليها لتضرب بذلك الأرض غرقاً ويخسر الجميع فيما يعرف ( بالنظرية القردية)!!!!!! إقتصاد القرود هو اقتصاد المحاكاة فإذا قام مصنع مثلاً لانتاج البسكويت و نجح في غزو السوق لا يفكر المستثمر الآخر في صناعة ورق البسكويت أو الكرتون بل يقوم بانشاء مصنع آخر يحتاج الى الورق المستورد و الكرتون بدلاً ان يقوم بانشاء مصنع آخر وهكذا تدور الحلقة بين النومة و القومة للصناعة في السودان ...!!!!!!! واقع الصناعة العملي الآن بين صناعات عاملة و أخرى عاطلة و حتى المتعطلة بين مصانع حديثة لم يستطع أصحابها الوفاء باجراءات إكمالها و أخرى حرمها الميراث من اكمال بنائها و أخرى فات عليها الزمن و تخطتها تكنولوجيا العصر و صناعات أغرقها الوافد . لمعالجة ( النظرية القردية ) في الانتاج السوداني لابد للدولة من توفير قاعدة بيانات أساسية تحدد فيها حجم الاستهلاك المحلي من كل سلعة وحجم الطلب المتوقع خلال السنوات القادمة وذلك بحسب معدل نمو السكان و معدل نمو الاستهلاك ومعه متغيرات السلوك الإستهلاكي، فالقمح كان حكراً على أهل الشمال و الدخن كان طيب غذاء أهل كردفان و دارفور و الذرة للوسط و الجنوب و لكن كل هذه العادات الاستهلاكية تغيرت الآن و اصبح استهلاك القمح هو السائد في المدن و الأرياف و كذلك السكر الذي قفزت معدلات استهلاكه الى معدلات خرافية . الخارطة الانتاجية للسلع تمكن المستثمر من خيار الولوج الى حاجة السوق الحقيقية و ينجم عن ذلك تكامل بين القطاعات و ليس تقاطعاً بين المنتجات. تدخل السوق السوداني منتجات تحقق ربحية عالية يغرى الجميع بدخول ذات السوق بذات السلع فيخرج القديم و الجديد معاً و ما يطلبه المستثمرون يجد الموافقة من وزارة الاستثمار دون النظر في اعانة المستثمر و تقديم النصح والمشورة له بأن هناك آخرين قد ولجوا ذات القطاع أو أن هناك تشبعاً بهذا القطاع و يمكنك الدخول في كذا مثلا وفقا لقاعدة واضحة . اكتفت وزارة الاستثمار بالنافذة الموحدة و تباهت بتسهيل اجراءات المستثمر ولكنها لم تبال ( بحلحلة ) المشاكل ومسارات الاستثمارات ما بعد قيامها حتى لا تخرج الاستثمارات بذات السرعة التي دخلت بها . توطين الانتاج يحتاج الى عوامل مساعدة تضع في حسبانها استدامة الانتاج عبر سوق محلي مدروس وسوق عالمي تتوافر فيه المعلومات الدقيقة و سياسات متكاملة و متسقة و قطاع خاص وواع و مسؤول ورأس مال غير جبان يمكن أن يلج قطاعات غير ( مطروقة ) و عامل مدرب يشعر بالرضى الوظيفي بأداء متميز و قوانين عمل مرنة توازن بين مصالح العمال و المنتجين . التناغم بين السياسات المالية والنقدية والتوأمة بين الزراعة والصناعة يمكن ان يدفع بالعملية الانتاجية واذا افلح اصحاب العمل فى خلق برنامج لتمويل الانتاج لتلبية احتياجات صناعاتهم لكان أيسر عليهم من مشقة البحث عن العملة الصعبة لجلب هذه المواد من الخارج وبذلك يمكن ترشيد الواردات ويؤدى الى ديمومة الانتاج خاصة فى ظل وجود مراكز بحثية عالية الجودة ترقد على أطراف الخرطوم تنتظر الاشارة للاستشارة ..تتحرك الآن للوصول الى القطاعات الصناعية المختلفة لتقديم المشورة الفنية والعلمية بما يرفع الانتاج والانتاجية.