أن تكون مستشاراً قانونياً في بنك ما، أو مديراً للإدارة القانونية بالبنك الإسلامي السوداني، فذلك وضع وظيفي متقدم يوفر قدراً لا بأس به من المخصصات. ومع ذلك، فإنّ ذلك الموقع الرفيع الذي عُيِّن فيه القيادي البارز ومرشح الحزب الإتحادي (الأصل) السابق لرئاسة الجمهورية حاتم السر علي اخيراً، يبدو أقل كثيراً من قدراته، وأصغر من إمكاناته التي جعلته يتنسم هواء القصر الجمهوري في الانتخابات الفائتة. حاتم، ظلّ ومنذ نعومة (أظافره السياسية) مُلتزماً بخط الحزب الإتحادي الديمقراطي، ومنحازاً إلى جانب الأصل لا الفروع، تشده إلى ذلك خيوط متينة من المحبة لمولانا السيد محمد عثمان الميرغني. فرغم التباعد غير الخافي في المواقف بينهما خاصة في موضوع المشاركة في الحكومة، إلا أن حاتم لم يقل شيئاً يُغضِب مولانا، فهو مثلما لا يغضبه لا يعصي له أمراً، وقريباً من ذلك كان قرار عودته النهائية للخرطوم في موسم الخروج، وقبوله بالوظيفة في البنك الذي أسّسه مولانا مع أخيه الراحل السيد أحمد الميرغني. عودة حاتم من عاصمة الضباب إلى (كتاحة) الخرطوم، وقبوله بالعمل في البنك الذي يحظى بسمعة طيبة، يُعد تحولاً دراماتيكياً في في مساره بعد ما يزيد عن العقدين من الزمان قضاهما معارضاً صريحاً خارج البلاد التي تمنى أن يعود إليها بصورة نهائية بعد أن يسقط النظام. ولكن حاتم جاء، بينما لم يسقط النظام حتى الآن على الأقل.