تحريك عدد كبير من البلاغات في نيابة مخالفات الجهاز المصرفي ضد المتعثرين في استرداد قيمة التمويلات للبنوك احتل جانباً مهماً من البعد الاقتصادي في عدم استرداد اموال تقدر بمليارات الجنيهات. وعلى حسب هذه البلاغات التي فتحت وصفها الكثيرون من الاقتصاديين بالمزعجة، تداولت «الرأى العام» هذه المشكلة مع اصحاب بعض البنوك لاهميتهم في تمويل العملاء اولاً وفتح البلاغات للاسترداد ثانياً. ----- واوضح حاتم الزبير رئيس إتحاد المصارف ان طبيعة عمل البنوك بصفة عامة تدخل في عمليات استثمارية ولابد ان يكون هنالك نسبة تعثر، وعالمياً تقدر ب (6%) من محفظة البنك. وفيما يتعلق بفتح البلاغات من جانب البنوك فهي آخر مرحلة من مراحل الديون المتعثرة مع العميل فقبل انتهاء عملية السداد يتم اخطار العميل وبعدها تعطى مهلة شهر لاجراء ترتيباته الداخلية ثم التفاوض مع العميل وبنك السودان في كيفية السداد وباقناع البنك عن اسباب التعثر تتم التسوية التي يحدد فيها كيفية السداد والفترة ومبالغ السداد. واذا فشل انضباط العميل في الدفع بعد التسوية في مواعيدها تلغى وتبدأ اجراءات جديدة وانذار بالاجراءات القانونية. واذا لم يسدد يرجع البنك الى الضمانات. واشار حاتم الزبير الى أن البنوك حريصة ان لا تلجأ للإجراءات القانونية الا بعد الفشل النهائي في التسديد مضيفاً ان معظم هذا التعثر ليس جديداً. فالبنوك استنفدت كل الخطوات لاسترداد الاموال من العملاء، اما الدين البسيط فتتم معالجته بعيداً عن الاجراءات القانونية. واشار كمال عبدالقادر نائب المدير العام للبنك السوداني الفرنسي الى أنه لابد للبنك من التأكد قبل منح التمويل من جدوى العملية وانها ليست وهمية وان العميل لديه خبرة وسجل ممتاز، والتأكد من جوانب اخرى مثل تدفقات العميل النقدية كاملة لسداد التمويل أو ضمانات قوية، فالملجأ الأخير للبنك هو تسييل الضمانات في حالة التعثر. واضاف أمين ان التعثر يبدأ من منح التمويل فإذا اخل البنك بالضوابط فسيساعد في التعثر وكذلك يمنح في بعض الاحيان تمويلاً لعملاء ىفوق مقدراتهم في استغلالها لذلك لايستطيع الايفاء بالالتزامات فأمثال هؤلاء لجأوا لاساليب احتيالية بموجبها يتحصلون على مبالغ طائلة. ومن جانبه قال امين عبدالمجيد المدير العام للبنك الإسلامي السوداني ان البنوك قد جربت كل الحلول من تأجيل ودعم التمويل، لكن كل هذه الحلول اضحت طرقاً مسدودة وكان لابد وعلى حسب الاتفاق فإن في حالة العجز يتم تقديم الشيكات للنيابة او تسييل الضمانات واصفاً ان وضع العملاء في الحراسات هو اصعب الحلول للذين ليس لديهم سبب واضح في الاحجام عن الدفع خصوصاً وأن هذه الاموال هي اموال مودعين ولابد ان تعاد لذلك نضطر الى اتباع الاجراءات القانونية للاسترداد. وكذلك شارك بنك السودان في الضغوط. فالتعثر يخصم من ارباح البنك وقد لا يوجد لدى البنوك حل بشأن المحاسبة الادارية لموظفي البنوك فتتم المعاقبة والفصل في بعض الاحيان لكنها في حالات قليلة فالظروف الحقيقية التي تؤدي للتعثر هي التمويل او التحويل لجوكي يهرب بعدها الى خارج السودان وقديماً كان هناك وضع فوائد على كل يوم يمر بتمويل معثر لذلك يحرص العميل في السداد. اما الآن فليست هنالك فائدة تضاف الى المرابحة الأصلية فيأخذ العميل التمويل ويدخل به العديد من المرابحات وبعد سنين من التعثر يدفع مبلغ المرابحة الاصلي بدون فوائد. وتحفظ أمين عبدالمجيد عن اتهام اصحاب البنوك في زيادة التعثر والتواطؤ مع المتعثرين نافياً ذلك بقوله لأنه بدون أدلة لذلك لابد من التحسب في هذه الاتهامات الا اذا كانت وفقاً لادلة وموضوعية في ذلك. واضاف حاتم الزبير الى ان علاقة العميل مع العاملين في البنك قد تخل بتنفيذ شروط منح التمويل اذ قد يتم تأجيل التنفيذ في جانب معين او ارجاء الرهن العقاري له بعد اعطاء التمويل لكن لا توجد سوء نية من الموظف في ذلك، ويحدث تراخي من جهة العميل وايضاً في كثير من الاحيان تأتي من البنك تقديرات ليست صحيحة على الرغم من اعتمادها من الجهات الرسمية وعند الوقوف على التمويل الفعلي للاسترداد تجد ان قيمة الرهن لا تعطي مبلغ التمويل مضيفاً الى ان نسبة التعثر مربوطة بملبغ التعثر على محفظة الاستثمار واسباب التعثر تختلف من قطاع لآخر، فكل قطاع لديه مشاكله الخاصة به. وعزا التعثر في الآونة الاخيرة الى الاعتمادات في البنوك وليس الاستثمار المباشر. فالاعتماد يمثل حجماً كبيراً جداً من التعثر في البنوك لانه يتم خصمها من حساب البنك.