سهرة “ناس على النيل” على قناة النيل الأزرق، فكرة ماهرة، مرتبة الإعداد و الإخراج والتقديم .. جمعت بين جدية قضايا البرامج الحوارية ، وحسن جلسات السمر و”الونسة” والطرب .. ربما لذلك استحقت حرص الكثيرين على مشاهدتها منذ الألف وحتى الياء .. دون منازعة النفس المعتادة إلى “تغيير المحطة” كما يحدث مع سهراتٍ أُخَرْ ! .. يوم أمس الأول شغلتني شواغل عن متابعة سهرة النيل الأزرق التي كان ضيوفها كوكبة من كبار الطب في السودان .. وثنائي تقديمها “سعد الدين” و”سالي” .. تابعت الثلث الأخير من الحلقة وفات الكثير علي .. لكن القليل المتبقي لم يعدم ما يثير فيَّ الاهتمام و مشاعر أخرى ! .. من بين فواصل الضحك عرج الأستاذ سعد الدين بضيوفه نحو قضية (الأخطاء الطبية) موضوع الصحافة (المفضل) بحسب الأطباء .. فاستمات ضيوفه دفاعاً بالطبع .. إصرار “سعد الدين” على تبني وجهة نظر ممثل الاتهام بلطف ودونما حدة أو مقاطعة أثلج صدري .. وإن لم يفعل لكان (زاد) من غضب المشاهدين من أمثالي ! .. ولئن سألت عما أغضبني فهو أن أحد الضيوف مع حفظ المقامات والألقاب قد قال في معرض مرافعاته أن الناس في العادة لا يفرقون بين مضاعفات الجراحة .. والخطأ الطبي .. والإهمال .. ثم جنح واشتط في (تبسيط) الأمر تبسيطاً مخلاً .. وكأننا في السودان نتقلب في نعيم الطب والأطباء ! .. الطبيب ضيف السهرة قال إن المضاعفات (التي يظنها أمثالنا أخطاء طبية) هي جزء من تعبات العمليات الجراحية التي تحدث لكل المرضى في كل مستشفيات العالم (استشهد الدكتور المتحدث بأمريكا وقال إن مضاعفات عمليات المرارة تحدث في أمريكا نفسها) .. يا سلام ! .. الذي ضايقني جداً هو أنهم قد أسهبوا في تكرار ذات الاسطوانة التي بتنا نحفظها عن ظهر قلب (مسئولية الآخرين المرافقين للجراح في غرفة العمليات عن الخطأ الطبي) .. نعلم والله العظيم المريض السوداني ليس بهذه السذاجة .. وهو يعم أن هنالك شخص مسئول عن عد أدوات العملية قبل بدء الجراحة وقبل خياطة الجرح.. إلخ ..) .. هي معلومات مستهلكة حفظناها منذ أمد .. وهي لا تعفي الطبيب من مسئوليته عن أخطاء يرتكبها هو بنفسه .. وكلما تحدثنا عنها شغلتم هذه الاسطوانات .. ! ضيوف السهرة قالوا إن أهل الصحافة لا يفرقون بين المضاعفات والإهمال والأخطاء الطبية .. ونسوا أنهم (أي الأطباء) لا يفرقون في معرض شجبهم لتناول الصحافة لأخطاء الطب بين تناول بعض صحف الإثارة للخبر ذو المضمون الطبي، وبين تناول الكتاب الصحفيين، العالمين ببواطن الأمور وظواهرها، لقضية الأخطاء الطبية في السودان ! .. أما حديثهم عن الإهمال .. إهمال الطبيب .. لب القضية .. فكان مقتضباً .. بينما فضلوا الحديث عن شدة وصرامة المجلس الطبي في تطبيق العقوبات الرادعة على الطبيب الذي يثبت عليه الإهمال أو الخطأ ! .. بعد نهاية السهرة التفت نحو زوجي : الطبيب مثلهم، والشاهد من أهلهم قائلة في غيظ : سألتك بالله .. دا كلام ؟! .. أبداً والله ما كلام !