تصريح مباني، 5 طن سيخ 3 لينيا،40 لوري طوب ،20 طن اسمنت ويبدا المسلسل . ياتي المقاول بسيارة مؤسفة الهيئة تركت عليها طبيعة عمل صاحبها ندوبا لن تنمحي ، وما ان يقف حتي يفتح مفكرة يرصد فيها حسابات العملاء ويضع اسمك اعلي الصفحات الجديدة ايذانا بخراب بيتك و بيت الذين يحبونك ..... يقول لك اهل المشورة بانه عليك احضار غفير ود ناس وله اسرة كي يحرس هذه المواد من لصوص الليل اذ انك ستخسر كثيرا ان نهبوك كيس اسمنت فما بالك بكل الكمية!!!!.....ياتيك احدهم برجل عليه وقار الشيوخ و بقايا فتوة من شباب سلف كما تركت بعض السنين العجاف اثرها علي جبينه و اطرافه اليابسة.في البداية يسكن هو و زوجته في قطية من القماش مولية ظهرها لمكان العمل كي تحفظ خصوصية من بالداخل...بعد حين يكسب الرجل رتبة اخري خلاف غفير و هي مراقب عام المباني حيث يقص عليك ما يحدث في غيابك ، جا المقاول متاخر ،العمال مشوا الفطور و ما رجعوا ،بتاع الطوب جاب دورين نصهن كُسّار ... يوم (الصبة) يشد الناس المآزر علي بطونهم فهذا يوم المجهدة و الكرب العظيم اذ تسمع للماكينات ازيزا و للقوم صراخا و ضوضاء ، فهذا يشدو ببعض الاغاني (الولائية) وذاك يسب و ثالث محمولا علي ايدي زملائه لان كمرة سقطت علي كتفه (اثناء تادية واجبه) بحب العبارة دي انا !!!! في وسط هذا الوطيس يهمس لك المقاول بعد ان ينتحي بك جانبا : انت ياخينا كان ما ضبحت اليوم تاني تضبح متين ؟؟؟امشي جيب خروف عالي الهيكل ،ضخم الزند ،مديد الذيل ، لاهو بالطويل المشتهر و لا بالقصير المحتقر، له قرون مثل الهوائيات ، ان وقف حمل اربعة صبيان علي ظهره و ان رقد يفشل سبعة رجال في استنهاضه ..... ينتهي يوم الصبة و يتفرق القوم و ينال الغفير ترقية اخري و هي رش الاعمدة و السقوف بالماء سبعة مرات في اليوم احداهن بالتراب !!!! يدخل الغفير و زوجته احدي الغرف كنقلة نوعية من تلك القطية التعيسة. عند حضورك بعد اسبوع وما ان تقترب من المبني تري خمسة اطفال علي السطح و سابع متعلق بسخة خارجة عن جسم المبني في وضع بهلواني يحسده عليه هواة المجازفات الذين يركبون المهالك .....تبدا بقراءة كل التعاويذ حرصا علي حياة هذا الطفل و خوفا من توجيه تهمة لك بتسبيب الاذي الجسيم لقاصر .....خلي بالك ... ان سالت الغفير من هؤلاء الاطفال ؟ قال لك انهم ابنائي و قد كانوا مع شقيقتي في البلد والان احضرتهم الي العاصمة لينالوا حظا من التعليم و الصحة.... للخفراء تجمعات جميلة يشربون فيها القهوة و يتبادلون القصص و يصلون في جماعة ، كما انهم يحفظون كثيرا من الاسرار و قد يخبرك احدهم بان المقاول لفح ليهو طن اسمنت و ذهب به الي مكان اخر ، او جاء ابن عمك المشلخ داك و معاه واحدة قال انها زوجته وعاوز يرتاح شوية هنا فرفضنا له ذلك لشكنا في دعواه هذه و لولا معزتنا لك لقذفنا به في احدي حراسات الشرطة. تخطر الغفير بانك و الاسرة سوف تحضرون في اول الشهر للسكن في بيتك هذا فيطرق برهة ثم يقول :خير تب ان شاء الله......تاتي بعد شهرين من ذلك التاريخ فيقول لك : الولدين الكبار في المدرسة الجنبنا دي بس خليهم يمتحنو و طوال نقوم.....هذا هو الحال وعود في وعود وايام وراها ايام و انت ترجو و هو يتلكا و عندما تعرض الامر علي اصدقائك يقفز نحوك احدهم واضعا سبابته امام عينك اليسري قائلا :انت عامل فيها بتاع حقوق انسان و منظمات مجتمع مدني تجي تطرد ليك زول لا حول له و لا قوة وهو علي دينك و ابن بلدك و ليس له مرتب او معاش؟!!هل تقبل بذلك ان كنت انت و زوجتك و اطفالك في حالته هذه ؟؟؟عندما تبدي ذهولك مما تسمع يصيح فيك آخر محذّرا : يا زول هووي غفيرك دا زول كتب صفراء و ايدو لا حقه و علي الطلاق تكتّروا معاهو الا الاقيك انت و زوجتك بعد اسبوع بهدوم البيت في صينية سيتي بانك و انتما تترنمان بنشيد العلم واياديكما مرفوعة في وطنية باذخة!!!!!