كثير من المناسبات الدينية الرسمية في السودان مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بانبعاث روائح محددة تميز كل مناسة عن الأخرى وتحجز مكانها في خارطة الزمن لحظة اختلاطها مع الهواء. فعندما تكون مستلقياً على ظهرك ذات نهار وتأتيك رائحة الحلومر المميزة فارضة نفسها بقوة على أنفك فأعرف أن شهر رمضان على الأبواب وإن كانت هناك فترة من الزمن على قدوم الشهر الميمون وذلك بحسبان أن النساء السودانيات كثيراً ما يلجأن الى صناعة الحلومر في وقت مبكر خاصة إن كان للأسرة بعض من أفرادها خارج أسوار الوطن حتى يسهل إيصاله لهم قبل وقت كافٍ. الآن وفي هذه الأيام ورغم أن أيام رمضان ما زالت عامرة بروحانيات التهجد والتراويح تعطرت الأجوء الرمضانية بروائح أنواع الخبائز السودانية المميزة من بسكويت، وناعم وغريبة وغيرها من الأصناف المميزة التي تتبارى النساء في صناعتها وكل منهن تريد لنفسها التميز ليقال عنها «خبيز فلانة سمح سماحة». وانتعشت مساءات الخرطوم الى جانب الروحانيات بسهرات الخبائز وفتح أصحاب المخابز خاصة البلدية مخابزهم حتى ساعات متأخرة من الليل لاستقبال الأفواج المتتالية من صواني الخبيز الملأى بالأصناف. وفي صبيحة يوم العيد تتفنن النساء في رص أصناف الخبائز تنسيقها بشكل جاذب وجميل ولعل أول كلمة للزائر المبارك للعيد بعد يعود علينا وعليكم باليمن والبركات وتامين لامين اتفضل عيِّد فيظل الزائر في حيرة لحظات يقلب عينيه لينتقي أفضل ما يحب بعد أن يتفحص بدقة ما يعرض أمامه من أنواع الخبائز.