السياسة الثابتة التي درجت عليها الولاياتالمتحدةالامريكية، دونما ملل أو كلل، لعشرات السنوات حيال الفلسطينيين والعرب والمسلمين، يمكن تلخيصها في اربع كلمات «إبطال الحق وتحقيق الباطل» لنضرب بعض الامثلة لهذه السياسة الرعناء: 1- إستخدمت الولاياتالمتحدة حق الفيتو أو النقض ثمان وثلاثين مرة في مجلس الأمن لحماية إسرائيل. 2- الضجيج والعويل والتهديد بإستخدام القوة العسكرية والعقوبات حول برنامج إيران النووي، والصمت المطبق عن سلاح إسرائيل النووي، الذي اعترف به ليبرمان حينما هدد بقصف السد العالي في اسوان بالقنبلة الذرية. 3- إستخدمت مادلين اولبرايت «وهي يهودية شيكية الاصل» وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة آنذاك تسع مرات بالتتالي حق الفيتو ضد اربعة عشر صوتاً في مجلس الأمن المكون من خمس عشرة دولة لمنع تجديد تعيين بطرس غالي كأمين عام للامم المتحدة لماذا؟ لان سلاح الطيران الاسرائيلي قصف معسكر لجنود الاممالمتحدة لحفظ السلام في قانا بلبنان وقتل عشرات منهم من فيجي. وادعى جيش «الدفاع» الاسرائيلي ان القصف تم عن طريق الخطأ. كلف بطرس غالي جنرالاً هولندياً بالتحقيق، وخلص هذا الجنرال الى ان القصف كان متعمداً وحينما أصر بطرس على نشر تقرير التحقيق نصحته مادلين «لا تكن غبياً» «DO NOT BE STUPID» كما اثبت بطرس في مذكراته، ولم يشفع له زواجه من بنت مليونير يهودي مصري. 4- وبالامس فقط في يوم 3 اكتوبر 9002م تتفق الولاياتالمتحدة بالاملاء والتهديد والتواطؤ من جانب بعض العرب ان تصوت لجنة حقوق الانسان للامم المتحدة في جنيف لاحالة تقرير قولدستون الذي دمغ إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية في غزة لمجلس الأمن. 5- في مقال لي بتاريخ 4 مارس 9002م عنوانه «دارفور حتى الغثيان» بصحيفة «السوداني» الغراء تحدثت عن الضجيج والصراخ حول جرائم حرب لا يسندها اي تحقيق، غير ادعاء كاذب لاوكامبو الذي افتضحت سمعته وعم نتنها الاجواء. هذا الضجيج والصراخ تتزعمه حتى يومنا هذا الولاياتالمتحدة، وتتخذ البهتان ذريعة لفرض عقوبات مجحفة على السودان. من وراء كل ذلك؟ عصابة تحمل اسماً بريئاً: «AMERICAN ISRAELI PUBLIC AFFAIRS - COMMITTEE (AIPAC) أي اللجنة الامريكية الاسرائيلية للشؤون العامة. من هو السياسي الامريكي الذي يجرؤ على التصدي لها؟ كارتر لكنه رئيس سابق. من هو المرشح الامريكي لاي منصب سياسي الذي يرفض المثول امامها لتمجيد اسرائيل وتقديم فروض الولاء والطاعة؟ لقد دأبت ال (AIPAC) على مطاردة اي سياسي امريكي يتصدى لها أو يبدي اي تحفظ ازاء التأييد المطلق لاسرائيل. والحياة العامة السياسية في حالة إنتخابات شبه دائمة في امريكا، اعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب وحكام الولايات والقضاة وممثلو النيابة العامة ووكلاؤها .. والخ. الكل خاضع لاعادة الانتخاب في فترات تتراوح بين السنتين والست. كيف تتم المطاردة والارهاب؟ ببذل الاموال وتكثيف الحملات المضادة في اجهزة الاعلام التي يسيطرون عليها، ومن اشهر ضحاياهم السيناتور الديمقراطي المولود في ولاية مونتانا في العام 5091م. (JAMES WILLAM FULBRIGHT) جيمس ويليام فلبرايت الذي ظل لفترة طويلة ذا نفوذ ضخم كرئيس للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والذي كتب في العام 6491م قانوناً لتمويل التبادل الثقافي على المستوى الدولي من ناتج التسليح الحربي، بما في ذلك منحة فلبرايت لجامعة اكسفورد (FLLBRIGHT OXFORD SCHOLARSHIP) لمدة سنتين للخريجين الجامعيين المميزين وكان احدهم بيل كلنتون ولان فلبرايت ساند فلسطين انهوا حياته السياسية، وجعلوه منذ ذلك الحين امثولة لغيره، وعضو مجلس النواب الآفروامريكية شيليا ماكنزي التي تحدثت عن الحق الفلسطيني كانت قبل عامين آخر ضحاياهم. غير انها لاحقا استعادت كرسيها في مجلس النواب، اذ ان الناخب الامريكي فيما يبدو، قد ضاق ذرعاً بغرورهم واستكبارهم، وسئم تغليب مصلحة اسرائيل على المصالح العليا الامريكية ذاتها، واصابه الملل من تورطهم في فضائح مالية (46 مليار دولار) سرقها الصهيوني برنارد مادو? ويتحاشى هلعاً ال «FPI» أو مكتب التحقيقات الفيدرالي بتتبع آثارها والعثور على ما تبقى منها اذ حجزت فقط ما لا يتعدى ال«083» مليون دولار من ارصدة مادو? وممتلكاته، ويقول الذين فقدوا مدخراتهم انها ذهبت لاسرائيل، وكذلك فضائح اخلاقية «القبض على حاخامات يهود في نيوجرسي يتزعمون عصابات اجرامية للاتجار في الاعضاء البشرية بالتواطؤ مع اطباء اسرائيليين وغسيل الاموال وارسالها لاسرائيل كتبرعات خيرية ثم اسدل عليها الستار وتم التعتيم الكامل على الخبر». هذه الفضائح بدأت تثير الاشمئزاز في نفوس الامريكيين العاديين. لله درك يا قولدستون.. قولد ستون يهودي ولكني اجزم انه اشرف من كثيرين ممن يدعون العروبة والاسلام. هناك يهودي آخر اسمه هنري كوريل عائلته هاجرت في الزمان الغابر من البرتغال الى ايطاليا ثم مصر، وفي مصر أنشأت بنكاً خاصاً لتمويل قروض لاصحاب «العزب» الزراعية آنذاك كانت اجرة الحمار اليومية اثمن من يومية الفلاح في الريف المصري، رفض هنري كوريل العمل في بنك العائلة وكرس نفسه للنشاط الشيوعي فشارك مع الرعيل الاول من اليساريين المصريين في تأسيس كبرى التنظيمات اليسارية في مصر أي «الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني» «حدتو» وأسهم بالمثل مع الطلاب السودانيين اليساريين وزملائهم المصريين في انشاء الحركة السودانية للتحرر الوطني . «حستو» ورغم انه كان ماركسياً قحاً إلا انه انضم للتيار المصري اليساري الذي كان ينادي باضفاء الاسبقية الاولى في المستعمرات للتحرر الوطني كتناقض أساسي بين المستعمر «بكسر الميم» والمستعمر «بفتحها» ولا مجال لصراع الطبقات، كما تنص الماركسية الكلاسيكية. وكان يجمع الاموال من فرنسا ويرسلها لجبهة التحرير الوطنية الجزائرية، واغتيل في بارس عند خروجه من المصعد في العمارة التي كان يسكنها، ولم يعرف بعد من قتله؟ الموساد الاسرائيلي أم ال «CIA» ام المخابرات الفرنسية؟ وبهذه المناسبة تحضرني قصة طريفة: كنت سكرتيرا للمؤتمر الافريقي الثالث لمنظمة العمل الدولية بنيروبي في العام 2791م وكان مقرراً ان الرئيس الكيني جومو كنياتا سيفتتح المؤتمر كما جرت العادة. وفي اللحظة الاخيرة اخبرت ان وزير الرئاسة الكيني سيلقي خطبة الافتتاح، بينما كان المندوبون في انتظار جومو في القاعة في الدور الخامس من المبنى الضخم الذي يحمل اسمه، وكانت خيبة الامل لكل الذين يتشوقون لرؤيته وسماع صوت هذا الافريقي الاسطوري، وفهمت أخيراً ان جومو مبدئياً كاجراء أمني لا «يستعمل» المصعد، ولقد اغتيل محمود فهمي النقراشي باشا رئيس وزراء مصر السابق عند خروجه من المصعد في رئاسة مجلس الوزراء بالقاهرة. ومجمل القول اننا لا نعادي اليهود ولا نعادي السامية ونريد ان نسأل الصهاينة: هل أمثال: ريتشارد قولدستون وهنري كوريل معادون للسامية؟ لله درك ياقولدستون «اي لله ما خرج منك من خير» ولا دَرّ دركم يا عصابة ال«AIPAC» «اي لازكى الله عملكم ولا خير فيكم».