في احدى الولايات الطرفية يحكي عن صداقة احد المعتمدين والوالي وتوافقهما إلاّ انه في اجتماعات احد اللجان التشريعية ذهبت المفاجأة ببصر المجتمعين اذا علا تلاسن الوالي وصديقه المعتمد وتعطلت لغة الكلام بينهما وتشابكا بالايدي والكراسي حتى اوقع القوى الضعيف وداء التشابك بالايدي ليس حكراً على التنفيذين فقط ولكنه ظاهرة سرت بين اوصال الحزب الواحد، فالحزب الاتحادي الديمقراطي وطوال الستة الاشهر الماضيات تجتر الصحف عن تدافع بين عضويته حدث هذا في حفل تأبين الشريف الهندي الشهر الماضي وسجلت بلاغات من بعض الاعضاء في دفاتر الشرطة.. وما زالت اخبار تشابك عضوية المؤتمر الوطني بمنطقة المناقل نابضة على صفحات الصحف الاولى .. ورغم ان الحزب السوداني القومي لا اخبار عنه تستدعى الذاكرة بعد رحيل الأب ?ليب عباس إلا ان اخباراً نشرت عن تبادل اللكمات والعض في احد اجتماعاته. لكن المعتز مصطفى العضو بالحزب الاتحادي يحمد الله على ان الامر بين الاتحاديين لم يصل الى مرحلة قرص الاذن وقال ل (الرأي العام) رغم ان الامر اصبح ظاهرة إلا انه ظاهرة غريبة على المؤسسات السياسية السودانية التي عرف مجتمعها بالتسامح والسمو مهما كانت الخلافات والعنف اللفظي والجسدي ليست له سابقة في أيام السياسة السابقة وهو أمر تفجر في السنوات القريبة وعلله المعتز بانه نتاج لمخاض المرحلة المقبلة التي تواجه فيها الاحزاب قضيتين مهمتين ( الانتخابات والاستفتاء) وهما تحددان مصير السودان القادم. ويرى المعتز ان انعدام الديمقراطية داخل الاحزاب ادى بالتالي لعدم تداول سلمى للقيادة وحرمان اجيال عدة من كل المكاسب السياسية مما ادى لانتزاع الطموح والحق الشرعي بالقوة واعتبر المعتز ان عدم تحديد رؤى سياسية واضحة للمستقبل لتلك الاحزاب فاقم من الظاهرة . بجانب ان اجواء الحرب التي كانت سائدة رسخت من ظاهرة العنف فقد التحق عدد مقدر من عضوية هذه الاحزاب بالعمل العسكري، لذا عمدت اتفاقية السلام الشامل على تغيير هذه العقلية ونقلها من ثقافة العنف الى ثقافة السلام، لان المعلوم ان السلام لا يمكن انجازه في وجود ثقافة العنف، وعدد المحلل السياسي صلاح الدومة جملة من الاسباب عملت على بروز هذه الظاهرة على سلوك ابناء الحزب الواحد واعتبر في حديثه مع (الرأي العام)ان ضعف الايدولوجية وانعدام الافكار الخلاقة للحزب المعنى لتنفيذها وتطبيقها على الواقع واحد من تلك الاسباب المباشرة التي اوجدت فراغاً في طرح البرامج الحزبية وقال الدومة ان فقدان الاحزاب للشخصية الكاريزمية للحزب. قلل من شأن القادة ومكانتهم وفقدوا اعتبارهم كونهم ليست لديهم افكار بناءة تقتدي بها قواعدهم. والموقف لنوعية الكادر والعضوية في هذه الاحزاب - حسب الدومة- انها عضوية تفتقر للتدريب والتأهيل ويعوزها تراكم الخبرات السياسية بسبب انقطاع العمل السياسي وعدم استمراره بعامل الانقلابات العسكرية وغياب العمل داخل المؤسسات الحزبية هذا أدى الى ضعف الكادر الحزبي. واعتبر الدومة ان الظرف الاقتصادي واحد من العوامل المساعدة لاذكاء هذا الصراع الذي يغلب المصالح الشخصية على المصالع الوطنية وتعارض المصالح غالباً ما يؤدي الى الاقتتال. وظاهرة العنف داخل المؤسسات الحزبية والتجمعات الطلابية والروابط الاجتماعية والدينية ذات التوجه الواحد ترده اكرام عبد الجبار المعالج النفسي الى انه يظهر بدافع المصلحة الشخصية والخوف بمعنى الخوف على المواقع المتقدمة في السلطة والمناصب والسعي للمحافظة عليها. والخوف الآخر الكامن من فقدان ذلك بسبب المنافسة والطرد، فيتعرض الشخص المعني للازمات والضغوط الاقتصادية والمادية والاجتماعية وهي امور متعلقة بمستقبله ومستقبل من خلفه، عائلته او مواليه في التنظيم، لذا بدلاً من اللجوء الى الحوار وفض النزاع بالطرق السلمية تأبى ما يعرفه علماء النفس ل (الهو) إلا القضاء على كل من يشكل للمرء خطورة ومهدداً فيعمل على مسحه وازالته من الارض بسبب غريزة التملك ودافع السلطة ولو بالطرق غير المقبولة اجتماعياً. واذا ما ظلت هذه الاسباب قائمة داخل المؤسسة الحزبية سيظل العنف جرحاً مفتوحاً قابلاً للمضاعفات داخل الحزب الواحد.