إن مؤسسة الزواج هي من اهم مؤسسات المجتمع الانساني فهي نظام اجتماعي ذات اهداف اجتماعية وبيولوجية وهي الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الأسرة ولكي تتكون هذه الاسرة بالشكل الاجتماعي القويم لابد من توافر الشروط اللازمة والمتمثلة في التهيئة النفسية والاجتماعية والبيولوجية ، فان الزواج المبكر نجده يتعارض الى حد كبير مع هذه الشروط لأن ما يقصد بالزواج المبكر هو زواج الولد أو البنت قبل اكمال سن الطفولة والوصول الى سن ( 18) سنة دون اكتمال النضج البيولوجي والنفسي والاجتماعي والمعرفي بغض النظر عن البلوغ، والفترة قبل ال (18) وهي سن المراهقة التي تتصف بالنمو الجسدى أكثر من النمو العقلي والفكري وبعدم الاستقرار العاطفي والنفسي والمعرفي والادراكي ، مع ان التعريف بزواج الاطفال يشمل الاولاد والبنات، ولكن نسبة البنات هي الاعلى في كثير من الدول النامية و التي يتم الزواج فيها من خلال الشكل الجسماني للصغيرة أو بعد بلوغها فقط ويهملون النضج الفكري والعاطفي . إن اساس الزواج هو الاختيار الصحيح للشريك وان هذا الاختيار اساسه الحب، والحب في معناه هو التوافق الفكري والعاطفي ، بمعنى ان الشخص الراشد يستطيع ان يختار عكس القاصر فهو لا يستطيع الاختيار بمحض ارادته ، اضافة الى انه لا يكون مهيأً ومستعداً نفسياً و اجتماعياً و بيولوجياً للزواج. وقد تنتهك كثير من الاسر حق الطفلة بتزويجها دون ان تصل الى السن المناسبة للزواج اي قبل ال (18) سنة، وقد يؤثر الوضع الإجتماعي والإقتصادي للاسرة في تزويج الصغيرة. فقد نجد بعض الاسر الاكثر فقرا تزوج الطفلة لاهداف إقتصادية ومكاسب مادية وهنا تعامل القاصر من قبل اسرتها كسلعة تباع . كذلك العادات والتقاليد الاسرية تلعب دورا في ذلك ، الخوف من العنوسة ، والخوف من إنحراف البنت...... كل هذا يعد من المفاهيم الإجتماعية الخاطئة والإتجاهات السالبة في المجتمع وقد يحتاج ذلك الى كثير من المجهودات البحثية والقانونية و لا بد من تصحيح هذه المفاهيم في اطار حقوق الطفل لتتم عملية التغيير الإجتماعي والسلوكي تجاه هذه القضية ايضا لابد من الإستفادة من مؤشرات التعداد السكاني 2006 الذي يشير الى أن نسبة زواج الاطفال: قبل ( 15) سنة ( 12.4 % ) وقبل سن (18) سنة (36 %). اما عن المشاكل الناجمة عن الزواج المبكر كثيرة ومتعددة منها فقدان الطفلة فرصتها في التعليم ، حرمانها حقها في ممارسة اللعب. الام الطفلة لا تستطيع تربية طفلها مما ينتج عن ذلك طفل مهمل ومعرض الى كثير من المشاكل الإجتماعية، كذلك عدم تهيئة الطفلة للحياة الزوجية من الناحية النفسية والبيولوجية والإجتماعية ينتج عنه صعوبة في الحياة الزوجية ، وصعوبة في تحمل المسئولية والاعباء المنزلية ، وتعرضها الى عنف من قبل الزوج كالضرب والإساءة ، وأيضاً الناسور البولي الناجم عن الولادة المتعثرة للطفلة القاصر يتسبب في عزلة اجتماعية، والولادات المتكررة نسبة لإنعدام تنظيم الاسرة وعدم المشاركة في اتخاذ قرار استعمال الموانع كل ذلك يؤدي الى الإكتئاب والإحباط والإنطواء وعدم المشاركة الاجتماعية . اذاً لابد من الحماية القانونية للطفلة المراد تزويجها ولا بد للمشرع السوداني أن يحدد السن القانونية للزواج خاصة وان المادة الخاصة بهذا الشأن في قانون الاحوال الشخصية لسنة 1991 ليس بها تحديد واضح لسن الزواج فلقد قيد زواج الصغيرة باربعة شروط منها ما اطُلق عليه المصلحة الراجحة دون تحديد لماهية المصلحة الراجحة ،ولا بد ان نؤكد على أهمية قانون الطفل كقانون متخصص يعنى بمصلحة الطفل ولابد من العمل به . وأخيرا لابد أن نعزز وسائل بناء البيئة الحامية لهذه الصغيرة البريئة حتى تنعم بطفولة آمنة سعيدة ملاذها الطمأنينة ، ونمو نفسي سليم ، حتى تصبح امرأة ، وأماً حنوناً معافاة من كل مرض إجتماعي / نفسي ، قادرة على العطاء بلا حدود .