يبدو ان فرحة الاممالمتحدة بنجاح الحكومة فى عملية اطلاق سراح يبكومينز الأيرلندية والأوغندية هيلدا كاوكي اللتين اختطفتا فى منطقة عديلة بجنوب دارفور قبل اكثر من ثلاثة أشهر لن تكتمل، وذلك بعد ان حملت الانباء امس الاول عن عمليتين جديدتين فى دافور. الاولى اختطاف موظف فرنسى يعمل لدى اللجنة الدولية للصليب الاحمر فى منطقة (قوز دقيق) بشمال دارفور. والثانية اختطاف عاملين سودانيين يعملان لدى جمعية اخوة الجنوب التابعة لسيف الدين القذافى بعد اطلاق سراحهما فى اليوم الثانى من اختطافهما بالفاشر شمال دارفور. استمرار مسلسل اختطاف موظفى العمل الانسانى الاجانب فى دارفور، يفرض على الحكومة والاممالمتحدة والمراقبين استفهامات عديدة وذلك من اجل تفسير ظاهرة اختطاف الاجانب من قبل مسلحين مجهولين؟ من هم الخاطفون وماهى دوافع الاختطاف؟ هل هى سياسية ام عملية لقطاع طرق ومسترزقين؟ ولماذا لم يتم القبض على اى من الخاطفين حتى الآن؟ ولم وكيف نجحت جهود الحكومة باطلاق سراح موظفتى قول دون القبض على الخاطفين؟ ويرى العديد من المرقبين ان دوافع الاختطاف فى دارفور ترجع الى انتشار مليشيات مسلحة فقدت عوامل التموين من بعض الحركات التى وقعت اتفاق سلام مع الحكومة الامر الذى دفعها الى ممارسة النهب والسلب والاختطاف من اجل تحقيق اهداف مادية، والدليل على ذلك مطالبة خاطفي موظفتى منظمة (قول) بفدية مالية. ويفسر البعض الآخر من المراقبين انتشار عمليات الاختطاف كرد فعل جاء بعد اعتراف المجتمع الدولى بانخفاض العنف فى دارفور ولذلك تبحث بعض الحركات العودة بحرب دارفور الى واجهة الاحداث. ولكن الشعور الكبير بالصدمة الذى أحسته الاممالمتحدة عندما اتصلنا بها باحثين عن مكان واسباب وهوية الخاطفين فى حادث الصليب الاحمر جعلها ترفع درجة الحذر والترقب لدى المنظمات الاجنبية العاملة فى دارفور ووصفت حينها الاممالمتحدة العملية بالمملة والمحبطة . وقال مكتب منسقة الشؤون الانسانية بالامم الامتحدة ل «الرأى العام» فرحتنا باطلاق سراح موظفتى منظمة (قول) الايرلندية لم تكتمل بعد وكنا نأمل فى ان يتم اطلاق سراح موظفى بعثة قوات حفظ (اليوناميد) ولكننا نستقبل بكل أسف نبأ اختطاف موظف الصليب الاحمر. واشار المصدر نفسه الى ان الاممالمتحدة مضطرة الى رفع درجة الحذر والترقب الى جانب تسمية حالات الاختطاف الى حالة (ظاهرة) بعد ان كنا نعتبرها أحداثاً متفرقة غير جديدة بالاهتمام. وتوقعت الاممالمتحدة ان تلقى حالتى الاختطاف الاخيرة فى دارفور بظلال سالبة على العمل الانسانى خاصة وان اللجنة الدولية للصليب الاحمر لها دور كبير فى العمل الانسانى فى دارفور، وان موظفيها محميون باتفاقية دولية. واضاف نتمنى ان تعود دارفور لما كانت عليه من جديد بعد ان (عادت لها العافية) وبدأت امس تحركات كبيرة من قبل الخارجية الفرنسية وسفارتها بالخرطوم والصليب الاحمرمن اجل اطلاق سراح (لوفيفر). ويرى الفريق ركن محمد بشير سليمان أن الأوضاع الإنسانية فى دارفور والحرب التى اوقفت جزءاً كبيراً من التجارة والزراعة حولت مجموعة كبيرة من الشباب لممارسة هذا النوع من التكسب بعد فشل حصولها على هذه الأموال عن طريق النهب المسلح وإذا نجحت محاولات إبتزاز المنظمات او الحكومة فى دفع الأموال لاطلاق الخاطفين نتوقع أن تتحول الظاهرة لاختطاف الموظفين الحكوميين، ولكن على الحكومة محاربة هذه الظاهرة بكل الوسائل حتى لاتتحول الى نوع جديد من الأزمات فى دارفور. وهذا ما يؤكد تخوف الحكومة من دفع الفدية للخاطفين وذلك خوفا من الابتزاز. ويقول مصدر بالأمم المتحدة إن لأهل دارفور علاقة طيبة بموظفى العمل الإنسانى لما يقدمونهم لهم من خدمات ولكننا لا ندرى كيف تحدث هذه العمليات. ومايقلقنا هو تأخر الحكومة ورفضها للتفاوض مع الخاطفين لاطلاق سراح الموظفين عن طريق دفع الفدية. وتقول (اليوناميد) ان الاوضاع الامنية فى دارفور هادئة للغاية وان ما يحدث للموظفين الدوليين لا يخرج عن دائرة اللصوصية. وترى الحكومة الحل لهذه المشكلة فى أن توافق المنظمات الاجنبية على توفير الحماية لها من قبل السلطات الامنية بدرافور ومرافقتها فى كل مكان وهذا ما ترفضه المنظمات. ومهما يكن من حال ستظل عملية اختطاف الرهائن فى دارفور تشكل صداعاً مزمناً للحكومة والاممالمتحدة على حد سواء، ولا مخرج منه سوى استراتيجية أمنية جديدة مشتركة بين الحكومة والمنظمات تقى الجميع شر الاستهداف.